أعلنت الحكومة المغربية أمس استئناف الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي والتي كان قد تم تجميدها للاحتجاج على حكم محكمة العدل الأوروبية، القاضي بإلغاء اتفاق الزراعة والثروة السمكية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. وجاءت الخطوة بعد زيارة قامت بها إلى الرباط منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، وقد التقت بكبار المسؤولين المغاربة وأكدت لهم أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بالحفاظ على الشراكة مع المغرب. وأكد محللون أن القرار الصادم الذي اتخذته المحكمة الأوروبية في ديسمبر، تحول إلى مكسب كبير للسياسة المغربية، بعد الإجماع الأوروبي على رفض القرار، وأن ذلك يمكن ترجمته إلى دعم للسيادة المغربية على الصحراء الغربية، في مواجهة المشككين بها. وقال مصدر رسمي إن الحكومة المغربية "قامت بدراسة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي و اتخذت قرار "تجديد" اتصالاتها مع المؤسسات الأوروبية. وأكد محللون أن قرار المحكمة الأوروبية تحول إلى مكسب للمغرب بعد أن اتخذت دول الاتحاد الأوروبي موقفا موحدا في رفض القرار، الأمر الذي يدعم سيادة المغرب على الصحراء المغربية. وقررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ديسمبر استئناف قرار للمحكمة الأوروبية، الذي يقضي بإلغاء اتفاقية التبادل الحر للمنتجات الزراعية والصيد البحري، بسبب تضمنها منتجات الصحراء المغربية. وكانت موغيريني قد أكدت في ديسمبر الماضي أن الدول الأعضاء في التكتل ستسعى لوقف تشريع القرار وتنفيذه وأن "علاقة الاتحاد بالمغرب ثابتة وشاملة ومستقرة وأن كل الاتفاقيات الثنائية بينهما شرعية". وقضت المحكمة في ديسمبر بأن اتفاقية التجارة التي أبرمت في عام 2012 لم تأخذ في الاعتبار بشكل كامل الحقوق الأساسية لسكان الصحراء المغربية، التابعة للسيادة المغربية منذ انسحاب الاستعمار الأسباني منها في عام 1976. قال وزير الخارجية المغربي حينها إن بلاده "تتساءل بشكل مشروع حول مصداقية العلاقات التي يريدها الاتحاد الأوروبي". وطالب بروكسل "بالحفاظ على الأمن القانوني" للاتفاقيات التي تربطه بالمغرب. وأضاف مزوار"إذا كان الاتحاد الأوروبي يطمح لبناء علاقة قوية مع المغرب ... فليس بإمكانه أن يقبل أن يكون رهينة التقلبات والتحولات القانونية، وأن عليه أن يحترم التزاماته الدولية". وقال إن الحكم يرسي "سابقة خطيرة". وأكد بعد اجتماعات مجلس الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في ديسمبر، أن الرباط اعتبرت القضية منذ البداية، مشكلة أوروبية داخلية، وأن على دول الاتحاد الأوروبي إيجاد حل لها. وقالت الوزيرة المغربية المكلفة بالشؤون الخارجية والتعاون امباركة بوعيدة حينها إن قرار المحكمة الأوروبية بشأن الاتفاق الفلاحي "غير متماسك وغير مفهوم ويتعارض مع روح الشراكة التاريخية بين الطرفين". وكان المجلس الأوروبي قد أكد أن الاتحاد يرغب في إطار مراجعة السياسة الأوروبية مع دول الجوار، في تعزيز وتوسيع تعاونه مع المغرب على أساس القيم المشتركة المتمثلة في الديمقراطية ودولة القانون والحريات الأساسية. وأوضح في بيان نشر في ختام اجتماعات مجلس الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي انعقد ببروكسل في ديسمبر، أن البلدان ال 28 للاتحاد، أكدت التزامها تجاه الشراكة مع المغرب، الذي يلعب دورا أساسيا في الجوار الجنوبي. وقالت موغيريني إن دول الاتحاد ستصادق بالإجماع على استئناف قرار المحكمة الأوروبية القاضي بإلغاء اتفاقية التبادل الحر للمنتجات الزراعية والصيد البحري، بسبب تضمنها منتجات الصحراء. أكدت أن الاتحاد الأوروبي يعالج كافة القضايا وفق القانون والقضاء، وأن جميع الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين ستظل قائمة ومستمرة، نافية إلغاء الاتفاقية الأوروبية المغربية في المجال الزراعي. وأضافت موغيريني أن أعضاء الاتحاد يرفضون التعامل مع الموضوع سياسيا، وأنهم لن يسمحوا أبدا بالتشكيك في الالتزامات التي تربطهم بالمغرب كحليف استراتيجي يحظى بالأولوية. وشددت على أن العلاقات بين الطرفين متنوعة وشاملة وتسير بشكل طبيعي ولا تأثير لهذا الحكم على أجندتهما المشتركة. يذكر أن المغرب والاتحاد الأوربي يرتبطان باتفاق للتبادل الحر دخل حيز التطبيق في عام 2000، إضافة إلى اتفاق خاص بالتبادل الحر للمنتجات الزراعية ساري المفعول منذ عام 2012، وهو يتمتع بأعلى درجة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت الرباط قد رمت الكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي منذ صدور قرار المحكمة في ديسمبر الماضي، وطالبت دول الاتحاد باتخاذ موقف صارم من القرار لأنه يهدد العلاقات الراسخة بين الطرفين. وقال مصطفى الخلفي الناطق باسم الحكومة المغربية حينها إن الرباط وقعت تلك الاتفاقية في إطار حسن النية وتم التصديق عليها مع الاتحاد الأوروبي، ويقع تنفيذها في إطار ما تم تحديده في الاتفاقية. وأكد أن المغرب ينتظر منهم موقفا حازما، وهو ما حدث بالفعل في الاجماع الأوروبي الذي صدر أمس. وتمكن المغرب خلال الأعوام الماضية من إنجاز خطوات كبيرة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية وتحديث القوانين والتشريعات والمعايير الاقتصادية الأمر الذي جعله قبلة للاستثمارات العالمية، وخاصة الأوروبية.