قرر المجلس البلدي لمدينة الرباط بالإجماع إرجاء الدراسة والتصويت على مشروع ميزانية المجلس إلى دورة استثنائية لاحقة وذلك على إثر فوضى عارمة بسبب كثرة طلبات نقاط النظام عقب كل مشادة كلامية، ما حدا ببعض المستشارين إلى المطالبة بإلغاء هذه الدورة والدعوة لعقد دورة استثنائية. وجاء هذا القرار خلال أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر، التي انعقدت أول أمس الثلاثاء، والتي لم تخل من لحظات عصبية بسبب خروج بعض المستشارين المحسوبين على الأغلبية المسيرة للمجلس عن اللياقة السياسية والأخلاقية، حيث دخل بعضهم في ملاسنات حادة مع البعض الآخر، مما جعل الأجواء تتوتر وتعيق السير العادي للدورة التي لم تناقش ما كان مقررا في جدول أعمالها والمتمثل في مناقشة مشروع الميزانية والتصويت عليها. وكان أصحاب هذه الدعوة المحسوبون على حزبي الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية، وهم من الأغلبية التي تدبر شأن العاصمة، قد وزعوا بيانا مشتركا برروا فيه هذا المطلب، واعتبروا أن الأولوية يجب أن تكون لما وصفوه ب "الاختلالات في التدبير" التي تطبع تسيير مجلس المدينة، حسب تعبيرهم، وهو ما أثار حفيظة العديد من المستشارين المحسوبين أيضا على الأغلبية بمن فيهم بعض مستشاري الأصالة والمعاصرة وعلى رأسهم رئيس مقاطعة حسان ونائب عمدة المدينة إدريس الرازي الذي أعلن استقالته من هذا الحزب واعتزاله العمل السياسي بسبب ما وصفه ب "المؤامرة" التي قال إنها تحاك ضد رئيس مجلس المدينة، في إشارة إلى عشاء جمع المستشارين الموقعين على البيان المشترك. وعوض أن ينكب المجلس على مناقشة الميزانية والتصويت عليها، خاض مجموعة من المستشارين في نقط أخرى لم تكن مدرجة في جدول الأعمال من قبيل المنح التي يخصصها المجلس للجمعيات، وسفريات بعض المستشارين في إطار التكليف بمهمة، واعتبر هؤلاء أن المنح تمنح بسخاء للجمعيات التي يسيرها مستشارون أو ينتمون إليها بصفتهم أعضاء بمكاتبها، كما أن السفريات إلى الخارج تظل في نظرهم حكرا على البعض دون البعض الآخر. وكان أصحاب البيان المشترك الذين دعوا إلى تأجيل التصويت والمناقشة على الميزانية، قد أوضحوا أن الغاية من هذا التأجيل هي تمكين المجلس من "تهيئ الميزانية وفق الورقة التأطيرية وتماشيا مع خطابات جلالة الملك محمد السادس التي تحث على تبني قواعد الحكامة الجيدة والرشيدة في تدبير الشأن المحلي واحترام القانون والنزاهة والشفافية". وسجل البيان ملاحظات اعتبرها جوهرية حول كيفية وضع الميزانية ومعطياتها تتمثل بالأساس في "عدم توصل المستشارين بمشروع الميزانية في الآجال المنصوص عليها قانونا والتراجع المهول للمداخيل مما نتج عنه تفاقم الباقي استخلاصه وعدم احترام توجهات الورقة التأطيرية خاصة في ما يتعلق بدعم التحكم في توازن الميزانية وتحفيز الجزء المتعلق بالاستثمار وتحسين تعبئة الإمكانيات المتاحة للزيادة في المداخيل".