على غرار كبار الرواد الذين كتبوا عن الإنسان حينما يكون مسخا، وحينما يكون الواقع غير موات للتصريح المباشر بانتكاسات هذا الإنسان وخيباته بسبب ظروف اجتماعية وواقع سياسي غير مقبول. فعلى درب كافكا في "المسخ، وتوفيق الحكيم في "حمار الحكيم" و"الحمار الذهبي" للأمازيغي أفولاي، نسج أوريد روايته الموسومة "سيرة حمار". "نظرتُ في مرآة، فإذا أنا حمار كامل الأوصاف، لا أختلف عن الحمير إلا في شيء أضحى مصدر معاناتي هو قدرتي على التفكير، إذ كان الأمر سيهون لو حُرمت التفكير وعشت حياة الحمير لا أختلف عليها في شيء". بهذه الديباجة الواردة في الغلاف الخلفي للعمل تمضي روح البطل الذي عاش في واحد من أهم العصور القديمة في تاريخ المغرب، حين كان المغرب متفاعلا بين موريتانيا الطنجية، كجزء من المغرب الأقصى، والإمبراطورية الرومانية التي بقيت في شمال إفريقيا لثمانية قرون. يعود "أذربال" إلى أهله في موريتانيا الطنجية بعد تحصيله العلمي في قرطاج وروما ليقع في غرام إحدى السيدات في علاقة انتهت بتجرعه لما اعتقد أنه سيحوله إلى طائر يهرب رفقة حبيبته، لكنه يجد نفسه قد تحول إلى حمار تم بيعه لأكثر من مالك ليخوض الحمار بعدها حربا مصيرية سعيا منه لاستعادة أدميته. "هل هان بي الأمر لأعشق أتاناً؟ هل طلّقت وضعي الإنساني السابق لأصبح حيوانا كامل الحيوانية؟ هل هو الإعلان عن الإفلاس والانغمار كلية في سلك الحيوانية أنا الذي قدرت يوماً أن أنعتق من جلد الحمار ومهاوي الحيوانية؟ ليتني لم أنهق". "وقد تبيّنت أن كثيراً من بني الإنسان أنفسهم لا يختلفون عن هذا الحمار الذي حاججني، وأنهم يقيسون الحياة فيما يملكون، ويجعلون غايتهم النيل من متعها والظفر بمتاعها". يذكر أن حسن أوريد (52 عاما) سياسي وكاتب مغربي له مؤلفات عديدة أبرزها الموريسكي و"الحديث والشجن" والأجمة.