لا ينكر عبقرية المغاربة اللغوية إلا جاهل وجاحد. هاتوا ما عندكم من اللغات وما عندكم من الأساليب لتدريسها فشباب المغرب سيفاجئ الجميع بالتحكم فيها وبالإبداع بها. اسردوا التاريخ ليتبين لكم وضوح هذه الحقيقة. الفينيقية واليونانية واللاتينية والعربية والفرنسية والاسبانية وكل اللغات التي يتقنها أهلنا في الخارج لهي دليل على هذه العبقرية. وفوق كل هذا ورث المغاربة اللغتين التي تعتبر اللغات الأم عند كل المغاربة ألا وهي الأمازيغية والدارجة اللتين تعكسان أوج العبقرية والإبداع المغاربي وسر من أسرار الخالق الذي جعل اختلاف الألسنة آية من آياته. إن الزوبعة التي يثيرها البعض حول اللغات في بلدنا الغالي والغني ما هي إلا لهو ولعب بعقول المغاربة لأن اللغات ليست مشكل المغاربة الأساسي والمهم في الساحة السياسية اليوم. والمتباكون على اللغة العربية يصنعون مشكلا لا وجود له البث في المغرب اللهم ما كان من رداءة تعليمه. المشكل الأساسي في الساحة المغربية هو التخبط خبط عشواء حول نوع المجتمع ونوع التنمية والتغيير الذي ينشده المغاربة ويتوخونه . ولما كان التعليم مفتاح هذا التغيير، فإن الجهلاء يولونه اهتمامهم ولقصر نظرهم وجهلهم ولعدم مهنيتهم وعقولهم المتحجرة اعتبروا اللغة العربية العنصر الوحيد والأساسي في المعادلة التربوية وبذلك أوقفوا سير وانطلاق المغاربة نحو آفاق العلوم والتقدم والمدنية الانسانية الحديثة التي تبنيها المجتمعات البشرية الحالية. أين الحديث عن تدريس العلوم والرياضيات والتكنولوجية؟ هلا أتاكم الحديث عن التوجهات الحديثة المتمثلة في المطالبة بإدخال دروس البرمجة الإلكترونية في المدارس الابتدائية في البلدان المتقدمة(الخبر في نيويورك تيمز ليوم أمس). يكفي هراء حول الفرنسية والباكلورية الدولية. على الأقل، يمكن الاستفادة من هكذا برنامج بالفرنسة في الوقت الحالي مع وجود مساعدة خارجية حتى يستطيع المغاربة بناء باكلورية مغربية جديرة بالاسم وعلى المستوى والمعيار العالمي. وللعلم فإن هذه الشهادة متوفرة أيضا بكثير من اللغات. أين الأكفاء من الأساتذة بالعربي وباللغات الأخرى؟ أين البحث العلمي للتحكيم والبث في مثل هذه الامور الخطيرة؟ أولادنا وبناتنا يحتاجون إلى العلم والتكنولوجية ليساعدوا المغرب في مواجهة تحديات كيانه وبقاءه كمجتمع مميز ساهم ويساهم في بناء الحضارة الانسانية ويعتز بالتراث الإنساني وجميع لغاته دون التفريط في ابداعه اللغوي في الأمازيغية والدارجة والعربية أيضا. الحرص الوحيد هو منح كل أطفال المغاربة الفرصة المتساوية لإبراز مواهبهم وعبقرياتهم لخدمة هذا الوطن الغالي والغني. الدكتور عبد الغاني بوشوار