كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحا و 12 دقيقة، حين كان القدر يخطط لنهاية مأساوية لزميلين في أمن مطار محمد الخامس الدولي، لم يفترقا كثيرا منذ زمن طويل. مفتشا الشرطة اللذين اقتادتهما الصدف في ذلك الصباح البارد للطريق الرابطة بين مديونة وتيط مليل، فارقا الحياة ملتصقين، تماما كما «التصقا» في كل صغيرة وكبيرة في حياتهما الشخصية والمهنية. بين فكي شاحنة من الحجم الكبير حاول سائقها تفادي الاصطدام في آخر لحظة، وسيارة شخصية كانت تقل رجلا أربعينيا وعائلته، سحق الاثنان ومعهما مقدمة سيارتهما البيضاء الصغيرة. الخبر سرى كالنار في الهشيم من نقطة الحادث في أرضية مبللة ببقايا أمطار ليلة الخميس/الجمعة الماضية، وسرعان ما سرت معه أنباء نعي الفقيدين في أجواء جنائزية، خصوصا وأنهما يعيلان أسرتيهما الصغيرتين المكونتين من زوجتين وأبناء في عز سنوات الطفولة. على أرضية الطريق الفاصلة بين مديونة وتيط مليل الزلجة جراء التساقطات التي شهدتها المنطقة صبيحة يوم الجمعة الماضي، احتكت سيارة مفتشي الشرطة بسيارة أخرى قادمة من نفس الاتجاه، من تيط مليل في اتجاه مديونة. حسب شهود عيان، حاولت السيارة الأخرى تجاوز سيارة الضحيتين، ما أدى إلى ارتباك في حركة السيارتين معا. وكنتيجة لهذا الاحتكاك، انحرفت سيارة المفتشين إلى الشمال، ما أدى إلى اصطدامها بشاحنة من الحجم الكبير كانت قادمة من الاتجاه المعاكس. النتيجة مأساوية: الاصطدام القوي أدى إلى تداخل كامل للنصف الأمامي لسيارة المفتشين الصغيرة ووفاتهما على الفور نتيجة انسحاق جسميهما بين سندان سيارتهما ومطرقة «الكابينة» الأمامية للشاحنة. الحادثة أربكت حركة السير في هذا المسار طيلة ساعات الصباح الأولى للجمعة الماضي. في كلا المسارين شوهدت طوابير طويلة من السيارات والشاحنات من مختلف الأحجام في وضع توقف في انتظار فك العربتين المصطدمتين، وعودة الحركة إلى سيرها العادي. عربات رجال الدرك وسيارات الإسعاف حضرت إلى عين المكان بعيد وقوع الحادثة بلحظات، لكنها للأسف لم تتمكن من إسعاف المصابين لخطورة الحادث. من عين المكان، استقت الجريدة شهادات لرواد هذه الطريق، عبروا فيها عن أسفهم الشديد لحالة الطريق التي تعد واحدة من أخطر المسارات في المنطقة، والتي تشهد إقبالا كبيرا من مستعملي الطريق نظرا لأنها تختصر مسافات شاسعة بين الدارالبيضاء والمحمدية وطريق المطار.