أدرك تمام الإدراك أنكم تتساءلون من هذه الجماعة التي تصرخ؟ إليكم صرختي إذن: أنا التي سميت بأملو ربما كناية عن تلك العجينة المستخرجة من بدرات أركان الدالة عن الرفاهية و الازدهار, لكن واقعي يقول غير ذالك, القهر و الاحتقار. أنا التي امتدت جذوري قديما حتى حدود تالوين جنوبا والاخصاص شرقا ثم تيوغزة شمالا و سيدي افني غربا لتتقزم جذوري إلى ما دون ذالك. أنا التي شهدت أراضيها معارك ضارية, حين وقف كل رجل من رجالي وكل امرأة من نسائي في وجه المستعمر و قاتلوه ببسالة و بشجاعة يفتقر إليها رجال هذا الزمان. أنا تلك القلعة الحمراء التي تبكي وتنوح على ماض فات. أنا تلك الجميلة التي ضحى من أجلها الأجداد بدمائهم و أموالهم, فنهشتها أسنان الفساد. أنا التي كانت عروسا في الماضي أتزين كل يوم اثنين,سوقي الأسبوعي, وكل موسم سيدي مسعود الذي كان يعطى به المثل, باقة من كل الخيرات,تجارة من كل نوع, تسويق و تشويق, ازدحام و التحام كل القبائل. أناس يتقاطرون من كل صوب وحدب, مناسبة يلتقي فيها الأحباب وتعود بالنفع على المنطقة, ليكون مآله الآن مرتعا لكل أنواع الكلاب الضالة, و الازبال المنتشرة في كل ركن من أركانه (رغم توفر دار الجماعة على عمال النظافة الذين يقضون جل أوقاتهم في لعب الرونضة), الداخل إليه يتخيل إليه كأنه داخل ديكور فيلم الويسترن من أفلام كلينت إستوود. خلاء وقفار إلا من دكاكين متواضعة. أما المسئولين ففي دار غفلون, يتباهون بما نهبوا من ميزانية الجماعة في مقاهي تيزنيت و كلميم. أنا التي آهاتي لم تعد تسمع. أنا التي أنخرت جسدها النحيل أيادي الجشع و الريع, أياد لا ترحم. أنا التي جل أبناءها فقراء في كل شيء, في المال وفي الأعمال, في الصحة وفي التعليم. أنا التي برمجت لها مشاريع كثيرة جلها حبر على ورق. أنا المثال الحي على واقع مزري, على حالة جماعة تحتضر منذ زمن طويل ولا من منقذ. أنا المثال الحي على أن التغيير مستحيل أمام سيطرة الأعيان. أنا المسيرة من طرف نخبة من الأغبياء, فصيلة جديدة من الخنازير الآدمية لا يمسحون حتى دبورهم من الغائط فما بالك بالتسيير. أنا التي يستفاد من مقالع رمالها مجانا بلا حسيب و لا رقيب. أنا الجماعة التي تتوفر على سائق صهريج عجيب يعمل ليل نهار, بلا أدنى مراقبة, لصالحه وليس للصالح العام. أنا التي تعاقر الخمر و تمارس الرذيلة داخل قاعتها المفروشة المخصصة للاجتماعات. أنا التي أضحى مسجدها مرتعا لتصفية الحسابات عوض تأدية العبادات. أنا تلك البطلة في عيون الأجداد, وتلك البقرة الحلوب في عيون بعض الأنذال. أنا تلك الشجرة التي قطعت جذورها وعروشها فأضحت هيكلا لا يسمن ولا يغني من جوع. أنا تلك الوردة الذابلة المنحنية ليس تواضعا وإنما تهالكا وتألما وحسرة. أنا التي يتلقى أبناءها تعليمهم داخل حجرات لا تصلح إلا للاستعمال الحيواني فكيف إذن نحارب الهذر المدرسي؟ أنا التي لها دار طالب, أصبحت مرتعا لكل أنواع التلاعب. أنا التي مختارها يحشر أنفه في كل شاذة وفادة متحديا بذالك سلطة القانون, الروابط العائلية, التقاليد مستغلا بذالك قلة ذات اليد لدى جل سكان المنطقة. أنا التي تصرخ كل يوم ولا من مجيب. أنا التي أدعو السيد الرئيس الخطاف أن يرحم ضعفي ويجود علي بشيء يعود بالنفع على المنطقة. أنا التي أدعو السادة الأعضاء وأبدأ بالحاج فيهم وأقول أن حجك لم يعد مبرورا فاتق الله. وللفقيه أقول عد إلى ألواحك وأعد حفظ أسوارك فقد تعفنت. وللمعلم أقول لقد بعت مبادئك فتبا لك إذن. وللبوزباليون فيهم أقول, إلى متى ستواجهون الوضع بمؤخراتكم النتنة عوض وجوهكم أيها الأغبياء؟ أنا التي أدعو من هذا المنبر ذوي الضمائر الحية, الجمعيات المدنية فتح تحقيق في مالية هذه الجماعة المكلومة ومحاسبة كل مسئول له يد في تبذير المال العام, وانعدام حس المسئولية. أما إن كنتم مازلتم مؤمنين بأن كل شيء على ما يرام, وأن أغنية " كولو العام زين" مازال صداها يرن في قلوبكم, فسلام عليكم يوم وليتم ويوم تموتون ويوم تبعثون حيا. بقلم : كريمة اباعمران Karima [email protected]