شهدت مدينة تزنيت، مساء السبت 25 يناير 2025، حفل تكريم الأستاذ النقيب عبد اللطيف أعمو، في مبادرة نظمها المكتب الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية. تكريم جاء تتويجًا لمسار رجل بصم المشهد السياسي بنزاهته واستقامته ووفائه للمبادئ، وهو ما جعله يحظى باحترام واسع، ليس فقط داخل حزبه، بل لدى مختلف الفاعلين السياسيين. لم يكن أعمو مجرد قيادي حزبي، بل سياسيًا حقيقيًا، آمن بأن العمل السياسي التزام ومسؤولية، لا وسيلة لتحقيق المصالح الضيقة. لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو.. هل كان هذا التكريم مجرد احتفال عابر أم محطة لإعادة الاعتبار لنهج الرجل؟ السياسة ليست مجرد مناسبات تُنظم فيها اللقاءات وتُلقى فيها الخطب، بل هي ممارسة يومية تترجم القيم إلى أفعال. وإذا كان عبد اللطيف أعمو قد ظل رمزًا للنزاهة في العمل السياسي، فإن تكريمه يضع من يعتبرون أنفسهم امتدادًا له أمام اختبار حقيقي.. هل يسيرون على خطاه، أم أنهم مجرد "حزبيين" يُتقنون لعبة الشعارات دون الالتزام بها؟ السياسي هو صاحب رؤية، يعمل للصالح العام دون حسابات ضيقة، يضع المبادئ فوق المصالح، ويبقى وفيًا لقناعاته حتى لو كلّفه ذلك خسارة منصبه أو موقعه داخل حزبه، هو من يرى في السياسة وسيلة لخدمة المجتمع وتحقيق العدالة والتنمية، وليس مطية للوصول إلى السلطة أو ضمان الامتيازات. أما "الحزبي"، فهو من يجعل انتماءه الحزبي فوق كل اعتبار، يتحرك وفق مصلحة الحزب أو مصلحته الشخصية، يغير مواقفه بحسب الظروف، ويبحث عن المناصب أكثر مما يبحث عن تحقيق تغيير حقيقي في المجتمع.، السياسي يواجه، يناقش، ويصمد، بينما الحزبي يتلون، يساوم، ويتراجع عند أول اختبار. المشهد السياسي في تزنيت، كما في غيرها، يعكس هذه المفارقة بوضوح، فرغم تكريم شخصية سياسية وازنة مثل عبد اللطيف أعمو، إلا أن منطق "الحزبي" لا يزال مسيطرًا، حيث الشعارات ترفع دون أن تتحول إلى سلوك سياسي حقيقي. تكريم رجل بحجمه ليس مجرد لحظة احتفالية، بل امتحان حقيقي لمدى التزام من حوله بنهجه، فهل سيكون هذا التكريم فرصة لإحياء قيم النزاهة والاستقامة في الممارسة السياسية، أم مجرد محطة أخرى تنتهي بانتهاء الحفل؟ الوفاء الحقيقي لعبد اللطيف أعمو لا يكون بإلقاء الخطب وتوزيع الشهادات التقديرية، بل في استمرار فكره ونهجه داخل الساحة السياسية. فإذا كان الرجل قد ترك إرثًا من المبادئ، فالأجدر بمن يحتفون به أن يجعلوا من هذا الإرث مرجعية لسلوكهم السياسي. أما إذا ظل التكريم مجرد طقس مناسباتي، فإنه لن يكون سوى ذكرى عابرة، سرعان ما يطويها النسيان مع أول اختبار حقيقي للنزاهة في العمل السياسي.