تعج المحاكم الإدارية وأحيانا العادية والتجارية بعدد من الدعاوى المقدمة ضد ولفائدة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب على مستوى قطاعي الماء ثم الكهرباء. ويتداول عدد من رجال القانون والمشتغلين في المجال القضائي نقاشا حول مآل الدعاوى الرائجة أمام المحاكم ضد المكتب المذكور والأخرى النهائية الموضوعة موضع التنفيذ بعد إحداث الشركات الجهوية المتعددة الخدمات بمقتضى القانون رقم 83.21. وذهب عدد غير يسير من المهتمين بهذا الشأن إلى أن المكتب المذكور لم يعد له وجود وأن كل المنازعات يجب أن تصلح وتوجه ضد الشركات الجهوية المتعددة الخدمات غير أن هذا الرأي غير صحيح في نظري من عدة وجوه: الوجه الأول : لأن الظهير الشريف رقم 1.23.53 بتنفيذ القانون رقم 83.21 المحدث للشركات الجهوية متعددة الخدمات لم يصفي المكتب الوطني للكهرباء بل أبقى على هذا الأخير قائما بدليل ما يلي: أن مقتضيات المادة 6 من القانون المذكور جعلت حلول الشركات الجهوية في محل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب متوقف على إبرام عقد التدبير لمدة محددة وقابلة للتجديد وقابلة للمراجعة بشكل دوري مرة على الأقل كل خمس سنوات . إن مقتضيات المادة 11 من نفس القانون وضعت منقولات المكتب وعقاراته رهن إشارة الشركات دون نقلها إلى هذه الشركات بصفة نهائية مع استرجاعها بعد انتهاء مدة عقد التدبير بنص المادة 12 من نفس القانون. والمشرع حينما يقصد تصفية مؤسسة ما فإنه ينص على ذلك صراحة ويكفي أن تراجعوا : مثلا في هذا الباب القانون رقم 06.02 القاضي بحل مكتب التسويق والتصدير وتصفيته مع إحلال الدولة محله في جميع حقوقه والتزاماته وكذلك ديونه الفقرة 4 من المادة 15 من القانون 83.21 استثنت بعض العقود التي أبرمها المكتب الوطني من أن تحل الشركة محله في مواصلة تحمل آثارها . الوجه الثاني : إن مقتضيات المادة 15 من نفس القانون قد أحلت الشركات الجهوية محل المكتب بخصوص التزامين : الأول : العقود الجارية بين المكتب الوطني مع الغير الثاني : الأصول والخصوم. وإذا كان حلول الشركات المذكورة محل المكتب في أصوله واضحة فإن خصومه يواجه بها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب رأسا سواء بالنسبة للأحكام القضائية النهائية الصادرة قبل دخول القانون رقم 83.21. المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات ومرسومه التطبيقي رقم 2.23.1033 حيز التنفيذ أو تلك الرائجة أمام المحاكم التي تخطت إمكانية إصلاحها . الخلاصة : إن الشخصية القانونية والمادية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لازالت قائمة وذمته المالية لازالت تستغرق الديون المحكوم بها قبل دخول القانون 83.21 ومراسيمه التطبيقية حيز التنفيذ وتلك التي تخطت مرحلة إمكانية إصلاحها بإدخال الشركات الجهوية محله فيها وفي رأيي فإن الدعاوى الجديدة يتوجب تسجيلها في مواجهة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب للأسباب السابقة الذكر إلى جانب الشركة الجهوية المتعددة الخدمات . ذ/ نور الدين بن محمد العلمي محامي بهيئة أكادير