يحتدم الصراع بين المغرب وإسبانيا حول جبل تروبيك البحري، الموجود في أعماق المحيط الأطلسي، وتحديدا جنوب غرب جزر الكناري. ويحتوي هذا الكنز الطبيعي على ثروات معدنية هائلة، بما في ذلك التيلوريوم والكوبالت، التي يعدان من العناصر الأساسية في صناعة الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة. وبالنسبة لمعدن التيلوريوم، فهو يعد عنصرا أساسيا في صناعة الألواح الشمسية والتكنولوجيا الإلكترونية، كما أنه أصبح من المعادن الحيوية التي يمكن أن تشكل مستقبل الطاقة النظيفة، في عصر التحول إلى الطاقة المتجددة. أما فيما يخص الكوبالت، فهي تعد، إلى جانب مجموعة من العناصر الأرضية النادرة التي يحتوي عليها هذا الجبل، من المكونات الأساسية لصناعة البطاريات وتكنولوجيا السيارات الكهربائية. هذا، وقد بدأ التنافس على جبل تروبيك في عام 2014، عندما قدمت إسبانيا طلبا للأمم المتحدة لتوسيع حدود جرفها القاري ليشمل هذا الجبل، في حين رد المغرب عام 2020 بإعلان نيته توسيع مياهه الإقليمية لتشمل مناطق قريبة من تروبيك، ما أثار قلقا لدى الحكومة الإسبانية. ويمثل جبل تروبيك فرصة هائلة للمغرب وإسبانيا للاستفادة من الثورة التكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة، إذ يمكن لكلا البلدين أن يلعب دورا رياديا في تحقيق أهداف "أجندة 2030" للطاقة المتجددة، وهو ما يجعل التنافس على حيازة هذا المورد الطبيعي ليس مجرد قضية حدود بحرية، بل أيضا مسألة استراتيجية تتعلق بالاقتصاد الأخضر وتكنولوجيا المستقبل. وبالنسبة لإسبانيا، فهي تسعى للاستفادة من هذه الثروات مع ضمان استدامة الموارد وحماية البيئة، بينما يعتبر المغرب هذا الجبل بوابة لتحسين مكانته في الاقتصاد الأخضر وتعزيز أهداف التنمية المستدامة. ومن شأن الظفر بهذا المورد الحيوي أن يحدد ملامح الاقتصاد الأخضر في المنطقة، بالإضافة إلى التأثير الكبير على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، غير أن المغرب وإسبانيا انخرطا في سلسلة من المفاوضات في محاولة للتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين ويحمي مصالحهما. وتجدر الإشارة إلى أن جبل تروبيك البحري تشكل في العصر الطباشيري نتيجة سلسلة من الانفجارات البركانية قبل ملايين السنين، وهو يقع على عمق يتراوح بين 1000 و4000 متر تحت سطح البحر، ويمتد على مساحة شاسعة في المنطقة بين جزر الكناري وصحراء المغرب، مما يجعله نقطة استراتيجية في قلب المحيط الأطلسي.