أجمع خبراء في مجال المالية العمومية من فرنسا والمغرب على أهمية ترسيخ الثقافة الضريبة واعتماد الحكامة في تدبير السياسة الجبائية لدى المواطن والجماعات الترابية والمؤسسات الحكومية، والرفع من نجاعة التحصيل بتوفير المعلومات اللازمة والإمكانيات الضرورية للقائمين على عملية تحصيل الديون والإيرادات العمومية لتفعيل العدالة المجالية، وإعادة صياغة علاقة جديدة بين المناطق والجهات عبر تنزيل التشريعات والقوانين الملائمة وتعزيز الحكامة الترابية عبر التوزيع المتوازن والمتكافئ للتقسيم الترابي والاستفادة العادلة للثروات الطبيعية والطاقات البشرية لتكريس العدالة المجالية. اختتمت يوم الأحد الماضي بمدينة العيون الندوة العلمية للجامعة الشتوية للهيئة الوطنية للجبايات والمحاسبة العمومية لوزارة الاقتصاد والمالية، والتي نظمت تحت شعار " استدامة المالية العمومية دعامة اساسية للعدالة المجالية " بمشاركة خبراء في المالية العمومية وأساتذة جامعين وممثلي الجمعية الفرنسية للمحاسبين والخبراء العموميين والجمعية الفرنسية لتعاضدية التأمين الخاص بموظفي وزارة الاقتصاد والمالية والصناعة، تدخلات المشاركون طالبت بضرورة تجريم التهرب والغش الضريبي وتقوية الحكامة في المجال الضريبي مع خلق محاكم وقضاة مختصين في المجال، والعمل على اعتماد سياسات عمومية تقوم على المقاربة التشاركية وتفعيل آليات المراقبة والمساءلة والمحاسبة، واعتبار الجهوية المتقدمة خيار استراتيجي للعدالة المجالية باعتبارها فضاء للديمقراطية التشاركية وجسرا نحو العدالة الاجتماعية. الأستاذ عبد المنعم مجد بجامعة القاضي عياض مراكش شددت مداخلته مؤكدا على مواصلة تنزيل الإصلاحات الضريبية مع مراعاة المقتضيات المؤسسة للقانون الإطار رقم 18-69 بمثابة قانون إطار للإصلاح الضريبي وتطوير أساليب تمويلية مبتكرة على المستوى الترابي من خلال تفعيل مبادئ التعاون والشراكة بين الجهات إضافة إلى توجيه الاستدانة المالية نحو الاستثمار المنتج للثروة، ترشيد وعقلنة الامتيازات الضريبية عبر ربطها بدفتر تحمل قابل للتقييم والتقويم، فيما أشار إبراهيم الديه دكتور في العلوم السياسية والباحث بالسياسات العمومية وقضية الصحراء المغربية إلى أهمية تحقيق الأهداف للجهوية الموسعة والمتقدمة تقتضي إشراك القطاع الخاص بالتنمية الجهوية مما يخفف الأعباء عن الدولة، مبرزا مميزات النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية المتمثل بتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بالجهات وبين الجهات عبر غلاف مالي يصل إلى 77 مليار درهم لما يفوق 600 مشروع، والتي تجسدت بمشاريع ( الطريق السريع تزنيتالداخلة ميناء الداخلة الأطلسي سد فاصك ). الدكتورة سارة سيوط عضو المكتب المركزي للهيئة ثمنت ما أقره المجلس الأعلى للحسابات في تسريع الإصلاح نظام الجبايات للجماعات الترابية عبر الأهداف المسطرة بالقانون الإطار خصوصا المادة (9 و10) وتنزيل الإصلاح المتعلق بالرسوم الضريبية، والعمل على إجراء تقييم دوري للأثر الاجتماعي والاقتصادي للامتيازات الضريبية الممنوحة قصد مواصلة توجيه القرارات بشأن " الاحتفاظ بها أو مراجعتها أو حذفها حسب الحالة "، الطاهر الدامي الباحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس طالبت مداخلته بضرورة العمل على إرساء نظام يضمن المساواة بتوسيع وتوزيع موارد الميزانية قصد ترسيخ مبادئ التضامن والحد من التفاوتات المجالية مع وضع آليات للتقييم الدوري للسياسات الضريبية من قبل مرصد الجبايات أو عبر استخلاص التوصيات والمقترحات المقدمة من قبل الهيئات الرقابية المتخصصة أو الهيئات الاستشارية الأخرى، وتفعيل تجريم التهرب الضريبي قصد مكافحة الافلات من العقاب الناتج عن مخالفات جبائيه تعتبر بحكم القانون جرائم ضريبية.