منذ إعلان فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عن استضافة المغرب لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، برزت تساؤلات عدة حول المدن المغربية التي ستستفيد من هذا الحدث الرياضي العالمي، خصوصا مع تصريحاته بأن 32 مدينة مغربية ستكون جزء من التجهيزات والاستعدادات المتعلقة بكأس العالم، سواء من حيث إقامة الفرق أو استقبال الجماهير. مدينة تزنيت، المشهورة بلقب "عاصمة الفضة" و "المدينة السلطانية"، تتطلع للاستفادة من هذه الفرصة التاريخية، خصوصا أنها تبعد عن أكادير، أحد المراكز السياحية الكبرى في المملكة، بأقل من 100 كيلومترا، مما يجعلها مرشحة للاستفادة من هذا الحدث بطرق غير مباشرة، وربما بشكل مباشر إن حصلت على دعم السلطات الإقليمية وتعاونت الجهات المعنية لجعلها جزء من المدن المستضيفة للفرق أو الزوار. تزنيت، التي تزخر بتاريخ ثقافي غني ومعالم سياحية مميزة، تمتلك العديد من المزايا التي تؤهلها للمشاركة في استضافة فعاليات كأس العالم، ولو من خلال توفير أماكن إقامة للفرق أو الجماهير أو استثمار مواقعها السياحية لإثراء تجربة الزوار. المدينة تتمتع بموقع استراتيجي متميز يجمع بين القرب من الساحل والمناطق الجبلية، وتحتضن صناعات حرفية وتقاليد عريقة تجعل منها وجهة سياحية فريدة. تضاف إلى هذه الميزات الروابط القوية التي تربطها بالمدن المجاورة، مثل أكادير وتارودانت، مما يمنحها نقاط قوة لوجستية تجعلها مؤهلة للعب دور فعال في تعزيز التجربة السياحية لزوار كأس العالم. هذا، ومع إعلان لقجع عن خطط تمديد خط القطار فائق السرعة ليصل إلى أكادير، قد تصبح تزنيت قريبة أكثر من ذي قبل من الربط بشبكات النقل الكبرى، مما يسهم في تسهيل حركة الزوار والفرق عبر المملكة. وتبقى الآمال معلقة الآن على السلطات الإقليمية في تزنيت، وعلى رأسها عامل الإقليم الجديد عبد الرحمان الجوهري، للإشراف بمعية فعاليات أخرى لتقديم ملف يبرز نقاط القوة في المدينة وإقناع السلطات المركزية بأهمية ضم تزنيت لقائمة المدن التي ستستفيد من استضافة كأس العالم. هذا الملف يجب أن يرتكز على عدة نقاط جوهرية، منها الموقع الجغرافي المثالي للمدينة بالقرب من أكادير، والذي يجعل منها مركزا لوجستيا مهما يخفف العبء على المدينة السياحية المجاورة ويسهم في توزيع حركة الزوار بشكل متوازن. كما ينبغي التركيز على المؤهلات السياحية التي تتمتع بها المدينة، حيث تضم معالم أثرية وتاريخية تتيح للزائرين فرصة للتعرف على التراث الأمازيغي وصناعة الفضة التقليدية التي تشتهر بها المدينة، مما يضفي بعدا ثقافيا وتجربة فريدة يمكن أن تكون جزء من برنامج الزائرين خلال البطولة. إدراج تزنيت ضمن المدن التي ستحتضن جزء من فعاليات كأس العالم 2030، حتى وإن كان بشكل غير مباشر، من شأنه أن يفتح آفاقا اقتصادية جديدة للمدينة. مشاريع التنمية المتوقعة ستشمل تطوير البنية التحتية، سواء في قطاع النقل لتحسين ربط المدينة بالمناطق المجاورة، أو في مجال الإقامة والفنادق لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار. وستكون هناك حاجة لاستثمارات واسعة في تحسين الخدمات العامة، بما يشمل الصحة والأمن والخدمات الأساسية، مما سيرفع من جودة الحياة بالنسبة لسكان المدينة أيضا وليس فقط للزائرين. كما أن الحدث قد يعزز من مكانة تزنيت كوجهة سياحية على المستوى الوطني والدولي، حيث يمكن أن تستفيد المدينة من الحملات الترويجية العالمية التي سترافق البطولة، مما يعزز من سمعتها السياحية ويزيد من إقبال السياح على اكتشافها. هذا الحدث قد يكون نقطة تحول للمدينة، إذ سيوفر فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات، بدءا من البناء وتطوير البنية التحتية إلى قطاع السياحة والخدمات. كما أن حضور مدينة تزنيت على خارطة كأس العالم سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، خصوصا في المجالات التي تخدم البطولة مثل الفندقة والمطاعم والتجارة. من جانب آخر، سيشكل الحدث فرصة لتعريف الزوار بالثقافة المحلية والعادات والتقاليد التي يتميز بها أهل المنطقة، مما يسهم في بناء جسور من التفاهم والتبادل الثقافي. يبقى التحدي الأكبر في يد السلطات الإقليمية وأعيان المدينة والمنتخبين، الذين يتعين عليهم العمل جديا لتحقيق هذا الحلم، من خلال الترافع بشكل قوي وتقديم ملف متكامل يسعى لإقناع الجهات العليا بأهمية ضم تزنيت لهذه اللائحة. تعزيز البنية التحتية الرياضية قد يكون خطوة ضرورية، حتى لو اقتصرت على تجهيزات بسيطة كالملاعب التدريبية وصالات اللياقة البدنية التي يمكن استخدامها للفرق أو الجماهير. كما سيكون من المهم تطوير قطاع النقل داخل المدينة وتعزيز روابطها مع المدن المجاورة، خصوصا مع أكادير، لضمان سهولة التنقل بين المدن وتقديم تجربة مريحة للزائرين. ويبقى كأس العالم 2030 يمثل فرصة ذهبية لتزنيت، ليس فقط لتعزيز مكانتها السياحية، بل لتحسين مستوى الخدمات والبنية التحتية وتحقيق نقلة نوعية على مختلف الأصعدة.