دخلت مصالح اليقظة التابعة للهيئة الوطنية للمعلومات المالية على خط تلاعبات في مسارات قروض بنكية مدعومة، حيث يتعلق الأمر بالبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات "انطلاقة". وتفجرت هذه القضية إثر اختفاء مستفيدين بعد سحبهم تمويلات في إطار البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات "انطلاقة" وعدم سدادهم أي قسط من إجمالي مبالغ القروض التي حصلوا عليها، وهو ما عجل بفتح تحقيق معمق في الموضوع. في هذا السياق، كشفت الأبحاث المجراة من قبل مراقبي اليقظة التابعة للهيئة المالية أن شركات للبناء قامت باستغلال هويات أشخاص يعملون لديها من أجل توضيب ملفات طلبات اقتراض من خلال البرنامج المذكور، قبل استغلالها لصالح أنشطتها. وتوصلت الأبحاث ذاتها إلى هذه الشركات المشبوهة تلجأ، في ظل حاجتها إلى إنعاش خزينتها وتخفيف التكاليف التشغيلية عنها، إلى الالتفاف على برنامج التمويل العمومي، واستغلال أشخاص ذاتيين من أجل طلب قروض "انطلاقة"، عبر مشاريع صورية لتمويل شراء آليات وتجهيزات بناء صغيرة. وحسب ما أوردته مصادر مطلعة على سير التحقيق، فإن الشركات المذكورة استفادت من الآليات المقتناة داخل أوراش تابعة لها، ومن مبالغ دعم مالي أفرج عنها لفائدة المستفيدين المفترضين، تجاوز 50 ألف درهم، لغاية استغلاله في إنعاش خزائنها، التي تواجه ضغوطات من قبل موردين ومزودين وبنوك. وأكدت المصادر ذاتها أن أبحاث المراقبين توقفت عند مجموعة من الاختلالات في معالجة ملفات طلبات الحصول على قروض "انطلاقة"، التي جرى التلاعب في مسارها، همت استنساخ دراسات الجدوى ذاتها في الملفات، التي حملت معطيات مغلوطة بشأن التكاليف المتوقعة، وكذا الأرباح المبرمجة برسم السنوات الثلاث اللاحقة للحصول على القرض البنكي. وساهمت هذه المعلومات المضللة بشكل مباشر في اتخاذ قرارات بالموافقة على تمويل ملفات على مستوى اللجان الائتمانية الإقليمية الخاصة ببحث ومعالجة طلبات القروض لدى بنوك، بالإضافة إلى تعمد إيداع الطلبات لدى وكالات بنكية ضواحي المدن الكبرى، خصوصا الدارالبيضاء. ويأتي هذا في الوقت الذي استقرت فيه القروض الممنوحة من قبل البنوك ضمن برنامج "انطلاقة" عند 8.6 مليارات درهم، فيما بلغ عدد المستفيدين منها 32 ألف مستفيد، 17 في المائة منهم نساء، بينما تركزت نسبة 17.5 في المائة من القروض الموزعة في الوسط القروي. ويشار أيضا إلى أن اللجنة التي تدبر هذا البرنامج تضم في عضويتها وزارة الاقتصاد والمالية ومؤسسة "تمويلكم" وبنك المغرب، وقد عمدت مؤخرا إلى مراجعة الشروط والمعايير المعتمدة في برنامج تمويل المقاولات، بهدف تجنب مجموعة من الاختلالات المرتبطة باستدامة المشاريع الممولة ومواكبتها.