من الصُّدف الجميلة أن تعرف بلدنا حدثين منفصلين في المكان ومتواصلين في الزمان، فقي الوقت الذي كان فيه صاحب الجلالة يقرأ السطر ما قبل الأخير من مسار تاريخ استكمال وحدتنا الترابية بطعم الإنتصار والشكر كانت مدينة العيون عاصمة الصحراء المغربية تفتح بداية السطر الاوّل من تاريخها الإفريقي وهي تستقبل ضيوف الإتحاد الإفريقي لكرة اليد للتنافس والتباري بين الأندية القارية على الكأس الذي سيحمل اسم العيون المغربية المدينة التي شكرها بالإسم السي منصورو أريمو، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة اليد على الاستقبال الرائع والتنظيم الذي وصفه ب"المتفوق"، هو تقييم بعلامة جيّدة على تفوق وطننا في معادلة الجمع بين المسيرة التنموية لاقاليمنا الجنوبية والمسيرة الترافعية لدبلوماسيتنا داخل مختلف المحافل الدولية.. بعد ربع قرن فقط من انطلاق المسيرة الخضراء التي أعلن عنها المغفور له الملك الحسن الثاني مباشرة بعد المقرر القضائي لمحكمة العدل الدولية القاضي بشرعية ومشروعية المغرب على أقاليمه الجنوبية كان المغفور له آنذاك قد فتح خطاب النصر بعد القرار مباشرة بالآية الكريمة ( قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) هي الآية الكريمة نفسها التي أعادها الملك محمد السادس في خطاب النصر أول أمس خلال افتتاح السنة التشريعية لتكون هذه الصدفة الجميلة أحسن هديّة يقدمها الشعب المغربي بقيادة جلالته إلى روح قائد المسيرة الخضراء بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لوفاته.. هديّة بطعم الوفاء لوصيته للشعب المغربي 15مارس 1980 " فوديعتي وأمانتي ووصيتي لكم جميعا لمن هو اكبر مني سنا، ولمن هو أصغر مني سنا، لا تنسوا الصحراء، وإياكم أن تنسوها، لأنه من قرأ تاريخ المغرب عرف أن الخير كله يأتي من الصحراء، وأن الشر كله يأتي من الصحراء" وها هي عيوننا اليوم تبتسم في وجه كل ضيوفها الأفارقة وتقدّم نفسها كمدينة بمقاييس عالمية لا على مستوى العمران فحسب بل والإعمار أيضاً من خلال مشاركة نادي وداد سمارة في هذه التظاهرة القارية أمّا تجويد مرافق مختلف مناحي الحياة بالمدينة فقد تساءل احد المعلقين المصريين وعلى المباشر وباستغراب : " أيها المغاربة إذا كانت هذه هي الصحراء فماهي الخضراء عندكم" هي النجمة وسط رايتنا التي رفعت على ربوة ركام يوم تجاوزت أقدام آبائنا الأسلاك الوهمية سنة 75 ليواصل الأحفاد تعميمها عبر كافة اقاليمنا الجنوبية حد الگويرة.. هي التي من أجلها قدّمنا شهداء في كل محطات هذا الطريق كي تبقى مرفوعة رفاعة رأسنا اليوم وسط الأمم ومن أجلها تقاسمنا خيراتنا مع إخواننا بالجنوب من أجل تنمية هذه الأقاليم لتكون عاصمتها اليوم بهذه الهبة العمرانية والمدنيّة تنافس بجمالها أغلبية المدن العالمية بعد أن كانت مؤشرات التنمية البشرية بالمنطقة، سنة 1975، أقل ب 10بالمائة من جهات شمال المغرب، وب 51 بالمائة مقارنة مع أوسط مدينة باسبانيا هي وقائع ميدانيّة ملموسة ومكشوفة أمام أنظار العالم بأسره إلا عند النظام العسكري الجزائري الذي نشر بؤسه عبر وكالة أنبائه الرّسمية تعليقاً على خطاب جلالته أوّل امس بقبة البرلمان وبهذا العنوان المثير للشفقة والسخرية معاً : ( أكتوبر شهر صحوة المملكة المغربية على تلاشي أوهامها بخصوص قضية الصحراء الغربية) في الوقت الذي ينتظر القارئ تعداد ملامح هذه الصحوة نجد النظام الجزائري البئيس قد اعتمد في مقاله على المقرر القضائي لمحكمة العدل الأوربية الأخير الذي ارتقي به وبغباء استثنائي إلى مقرر دولي يطالب هيئة الأممالمتحدة باعتماده مرجعيّا إلزاميّا شاملا لكل الاتفاقيات المغربية مع دول أخرى غير أوربية.. وحين تخبر هذا النظام الغبّيّ – ولو عن بعد – بأن روسيا حليفكم الاستراتيجي وحامي استقلالكم كما قال الرئيس تبّون في نسخته الأولى.. حين تخبره بأن روسيا مدّدت اتفاقية الصيد البحري مع المغرب لمدة ثلاثة أشهر تشمل اقاليمنا الجنوبية قبل اسبوع.. فهل سيكون لهذا المقال امتياز حتّى لايرمي بقمامة ازبال كسابيقه ولن يكون الأخير طبعا مادام هذا النظام بقبعة العسكر يعيش زمن اهل الكهف دون أن يستيقظ بعد من هذا الوهم المرضى المتجدر داخل مختلف مؤسسات الدولة وابوقه الإعلاميّة.. ونحن في خضم هذه النشوة الوطنية ندعو الخالق تبارك وتعالى الرفع من منسوب الوهم لدى هذه العصابة حتّى ننهي بكل هدوء وأريحيّة السطر الأخير من صفحات قضيتنا الوطنية.. ( إن ّمَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) الآية (81) يوسف غريب كاتب /صحفيّ