تخلد نساء المغرب، جنبًا إلى جنب مع المنظمات النسائية والحقوقية والمدنية المعنية بالدفاع عن حقوق النساء، اليوم الوطني للمرأة المغربية، الذي أعلنه جلالة الملك، والذي يوافق العاشر من أكتوبر، وهو تاريخ يحمل رمزية عميقة مرتبطة بإصدار مدونة الأسرة في 10 أكتوبر 2003. وبهذه المناسبة، تتقدم منظمة النساء الاتحاديات، بالتحية والتقدير لكل النساء المغربيات، تقديرًا للأدوار الحيوية التي يقمن بها من أجل النهوض بالمجتمع وتعزيز الاقتصاد الوطني، وهي الجهود التي للأسف لا تلقى الاعتراف الكافي الذي يتناسب مع حجم تلك المساهمات. إن الاعتراف بأدوار النساء ومساهماتهن يجب أن يتجاوز الخطابات الاحتفالية والعبارات العامة، بل ينبغي ترجمته عمليًا من خلال قوانين تعكس مبادئ الدستور، الذي يدعو إلى المساواة والإنصاف والمناصفة، وعبر سياسات عمومية خالية من أي أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي. وهنا نستحضر ما خلص إليه تقرير لجنة إعداد النموذج التنموي من نتائج، أكدت أن استمرار السياسات التمييزية ضد النساء، وخاصة في القطاعات الاجتماعية، ينعكس سلبًا على التنمية في بلادنا، داعيا إلى وضع سياسات تتماشى مع الأدوار التي تقوم بها النساء من أجل المجتمع والتنمية. وقد كان من المتوقع أن يتبع هذا التقرير مجموعة من البرامج الاستعجالية لمعالجة الفجوة بين مساهمات النساء في النسيجين الاجتماعي والاقتصادي، وبين العوائد المادية والمعنوية التي يستحقنها، خصوصًا أن التقرير نال مصادقة جميع التوجهات الحزبية والنقابية والمدنية، واعتبر جزءًا من المرجعيات الأساسية التي استندت إليها الحكومة الحالية في برنامجها الحكومي. لكن ما حدث هو واقع الحال خيب آمالنا، إذ لا تزال استفادة النساء من الخدمات الاجتماعية دون المأمول، ولم تطرأ أي تعديلات قانونية هامة تؤدي إلى تحقيق الإنصاف والمساواة الفعلية، كما سجلنا أن برامج الدعم الاجتماعي ومشاريع الحماية الاجتماعية الجديدة لم تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المجتمعية التي طالت مفهوم الأسرة، خصوصًا في ما يتعلق بمساهمات النساء. وهنا تستحضر منظمة النساء الاتحاديات العديد من الحالات التي تواصلت معها عن كثب من خلال اللقاءات التواصلية والترافعية التي نظمتها عبر مختلف أنحاء البلاد، ومن بينها حالات: نساء يعيلن أو يهتممن بأشخاص في وضعية إعاقة (كالوالدين أو الأبناء أو الإخوة)، أمهات عازبات، زوجات سجناء يتحملن مسؤولية تربية الأبناء في غياب المعيل، وزوجات متخلى عنهن وعن أبنائهن دون وثائق رسمية (بسبب عدم توثيق الزواج أو تعنت الأزواج)، ونساء غادرن بيت الزوجية مع أطفالهن هربًا من العنف. تظهر هذه الحالات، وغيرها كثير، عدم استفادتها من أي برامج اجتماعية، سواء المرتبطة بالدعم الاجتماعي المباشر أو بأنظمة الحماية الاجتماعية، خاصة أن النسبة الأكبر من هذه الحالات تعاني من الفقر والهشاشة، بالإضافة إلى الوصم الاجتماعي الذي يتجلى حتى عند دخولهن إلى الإدارات العمومية. فيما تعاني نساء أخريات من تمييز مزدوج: الأول مرتبط بالنوع الاجتماعي، وهو ذو جذور ثقافية، والثاني مرتبط بالانتماء الطبقي، مما يجعله ذا طابع اجتماعي، مثل نساء الجبال والواحات، والعاملات الزراعيات، والنساء ضحايا الكوارث الطبيعية، والعاملات المنزليات، والسجينات، والمشتغلات في القطاع غير المهيكل، مما يثير سؤال "تأنيث الفقر" كقضية ملحة للمدافعات عن حقوق النساء. وانطلاقًا من اختيارها الاجتماعي الديمقراطي ووعيها بأهمية التقاطعية التي تجمع بين السياسي والمدني والاجتماعي والطبقي والثقافي في تناول واقع المرأة، تعتبر منظمة النساء الاتحاديات أن مسار إدماج المرأة في التنمية وتمكين النساء اقتصاديًا لم يصل بعد إلى الطريق الصحيح. لذا، فإن إمكانية تحقيق الدولة الاجتماعية تبقى مؤجلة، ما دامت الحكومة والجهات التشريعية لم تعترف بعد بأن الإنصاف والمناصفة والمساواة الفعلية، كمبادئ دستورية، هي ضرورات أساسية للتقدم والحداثة والتنمية المستدامة.