في العاصمة الرباط، باشرت النيابة العامة المتخصصة في الجرائم المالية تحقيقا في قضية الإختفاء المحير لمبلغ 1,9 مليار سنتيم من وكالة مصرفية. وبدأ التحقيق باستجواب سبعة أفراد، بينهم مسؤولون تنفيذيون في القطاع المصرفي. تم القبض على أربعة بينما تم إطلاق سراح الثلاثة الباقين تحت شرط إخضاعهم للمراقبة المستمرة، في انتظار المحاكمة بتهم مثل اختلاس أموال عامة وخاصة والتزوير في محررات رسمية. و كشفت تحقيقات إدارية داخلية أنجزتها لجنة مركزية بالبنك عن ثقوب مالية بحساباتها ما دفعها إلى إحالة الملف على النيابة العامة بالرباط، التي أمرت بدورها تكليف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المتخصصة في الجرائم المالية بولاية أمن الرباط بفتح تحقيق قضائي، إنتهى بإيداع سبعة أشخاص إلى النيابة العامة. و تم تقديم السبعة أفراد المتهمين أمام الوكيل العام للملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط. وعلى إثر ذلك، أحيلوا على قاضي التحقيق الذي أصدر قرارا بتوقيف أربعة منهم، بينهم شقيقان، على ذمة التحقيق. وتم إطلاق سراح الأفراد الثلاثة المتبقين تحت المراقبة القضائية، في انتظار إجراء تحقيقات شاملة في التهم الموجهة إليهم. وبناء على المعلومات الواردة في ملف القضية، كشفت لجان التفتيش المرتبطة بالمصالح المركزية للمؤسسة المصرفية الرئيسية بالدارالبيضاء، عن تباينات ومخالفات مالية كبيرة في حسابات أحد فروع البنك بالرباط. ودفع هذا الإكتشاف المؤسسة إلى إحالة الأمر إلى النيابة العامة المختصة، مما أدى إلى إشراك وحدات مكلفة تحديدا بالتحقيق في قضايا الفساد المالي. وأجرت وحدات التحقيق هذه تحقيقات حثيثة في جميع جوانب العمليات المصرفية التي أثارت مخاوف جدية، ولا سيما تلك المشتبه في تورطها في اختلاس الأموال الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بإجراء مقابلات مع العديد من الأفراد الذين تلقوا تحويلات مالية مشبوهة. و كان الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة الحسن الداكي قد كشف بداية السنة الجارية، عن تسجيل 381 قضية وشكاية تهم تبديد واختلاس أموال عمومية، تتوزع بين 138 قضية رائجة أمام قضاء التحقيق، و243 شكاية ووشاية تم التوصل بها من طرف أشخاص وهيئات من المجتمع المدني تصب في نفس الإتجاه. وأشار الداكي ضمن كلمته في افتتاح السنة القضائية لسنة 2024 بالرباط، أن النيابة العامة توصلت خلال سنة 2023 بأربع تقارير من المفتشيات المركزية ببعض الوزارات وبعض المؤسسات العمومية، مردفا أن كل هذه التقارير شكلت منطلقاً لأبحاث قضائية تهم تبديد واختلاس المال العام أو الرشوة. وبحسب المسؤول القضائي، فإن من نتائج هذه الإجراءات تسجيل 138 قضية رائجة أمام قضاء التحقيق و374 قضية رائجة أمام قضاء الحكم بأقسام الجرائم المالية الأربع بكل من الدارالبيضاء، الرباط، فاس ومراكش، هذا فضلا عن فتح أبحاث قضائية وترتيب الآثار القانونية بشأن ما يزيد عن 243 شكاية ووشاية تم التوصل بها من طرف أشخاص وهيئات من المجتمع المدني تصب في نفس الاتجاه. وذكر الداكي، أنه "في إطار تعزيز التنسيق والتعاون مع هيئات الرقابة والحكامة المالية والمؤسسات ذات الاهتمام المشترك المعنية بمكافحة الفساد، فقد توصلت رئاسة النيابة العامة خلال سنة 2023 ب (14) تقريرا من المجلس الأعلى للحسابات مقابل (06) تقارير خلال سنة 2022تمت احالتها على النيابات العامة المختصة قصد فتح الأبحاث اللازمة بشأنها". وشدد على أن النيابات العامة المعنية ستواصل جهودها الرامية إلى انهاء الأبحاث من قبل مصالح الشرطة القضائية والتي تتميز بتعقيدها وامتداداتها، وكذا بكثرة المستندات والوثائق المكونة لها وطبيعتها التقنية في بعض الأحيان. وأوضح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، أن رئاسة النيابة العامة تجعل من تخليق الحياة العامة ومكافحة مظاهر الفساد المالي أحد أولوياتها في تنفيذ السياسة الجنائية وفق مقاربة متكاملة ومستدامة تعكس انخراط المملكة المغربية في ورش مكافحة الفساد المالي بكل مظاهره.