شهدت مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر الإثنين المنصرم سلسلة من الغارات العنيفة أوقعت ما يزيد على مئة شهيد وعشرات الجرحى، في عملية زعم الجيش الإسرائيلي أن الهدف منها هو تحرير اثنين من أسراه. ومنذ ذلك الحين، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن نواياه بتعميق العملية العسكرية نحو هذه المدينة المكتظة بالنازحين جنوب القطاع، رغم كل التحذيرات الدولية من التداعيات الكارثية لهذه الخطوة. رفح.. المأوى الأخير للنازحين تقع رفح جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، ويبلغ عدد سكانها 296 ألفا و661 نسمة وفق إحصائيات عام 2022، وتشكل بوابة القطاع إلى العالم الخارجي، إذ تضم معبر رفح المخصص لسفر المواطنين عبر مصر، ومعبر كرم أبو سالم المخصص لإدخال البضائع عبر "إسرائيل" إلى القطاع. وبعد 130 يوما من العدوان، تحولت رفح إلى ملجأ للنازحين من عموم مناطق قطاع غزة، حيث قدرت الأممالمتحدة عدد اللاجئين إلى المدينة ب 1.4 مليون من أصل 2.3 مليون إجمالي عدد سكان القطاع المحاصر. ومع إطباق الحصار عليها من جهاتها الأربع، تحولت رفح اليوم إلى مخيم كبير للاجئين، إذ يزيد عدد المقيمين فيها على 6 أضعاف عدد سكانها الأصلي قبل بدء العدوان. وتنتشر في شوارع المدينة وحتى الجدار الحدودي مع مصر عشرات آلاف الخيام من النايلون والقماش، بعد اكتظاظها تماما واستحالة العثور على أي مأوى داخلها. ماذا تريد إسرائيل من رفح؟ تسارعت مؤخرا وتيرة التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي حول عزمه تعميق العدوان على غزة باتجاه مدينة رفح، حيث أكد أنه وجه تعليماته للجيش بإعداد الخطط العسكرية اللازمة لتوسيع الهجوم وإعداد خطط ميدانية لنقل مئات آلاف النازحين من رفح. ورغم التحذيرات الدولية من توسيع العدوان نحو رفح، سواء من دول عربية أو أوروبية، لا يبدو أن نتنياهو يبالي بحجم الإدانات الدولية، إذ يمضي قدما في الترويج للهجوم المرتقب على رفح، متسلحا بالموقف الأميركي الذي لا يعارض الخطوات الإسرائيلية، ويشترط فقط "حماية سلامة المدنيين". السيناريوهات المحتملة لتنفيذ الهجوم إن من يتابع التصريحات الإسرائيلية الرسمية يلاحظ استنادها إلى 3 سيناريوهات رئيسية لتبرير الهجوم المرتقب على رفح، حيث يعد أولها استكمال مهمة "القضاء على القوة العسكرية لحماس"، خاصة أن لواء رفح يشكل كتلة مهمة داخل القوة القتالية لحركة حماس، وهو ما يجعله واحدا من الأهداف الإسرائيلية البارزة. وبخصوص السيناريو الثاني الذي قد تلجأ إليه إسرائيل لتنفيذ هجومها على رفح، هو وجود أنفاق لتهريب السلاح نحو قطاع غزة، وذلك بعد فشلها في تقدير حجم ونوعية شبكات الأنفاق في غزة. أما السيناريو الثالث الرائج حاليا في الأوساط الإسرائيلية، فهو يتعلق باتهام مصر بالتورط في عملية طوفان الأقصى، إذ ترى إسرائيل أن المصريين يتحملون مسؤولية كبيرة عما حدث يوم 7 أكتوبر، وأن تسليح حماس مر إلى حد كبير عبر مصر. بين التفاؤل والتشاؤم يرى محللون عسكريون أن خيار اجتياح مدينة رفح لا يبدو مستبعدا، رغم كلفته السياسية والعسكرية العالية على الاحتلال أمام العالم، وذلك بالنظر إلى السقف المرتفع الذي وصل إليه الاحتلال في عدوانه، وهزالة أي ردود أفعال دولية، الأمر الذي لا يشكل إلا تشجيعا له على مواصلة عدوانه. وبين التفاؤل والتشاؤم، يرجح هؤلاء فكرة شن الاحتلال عملية موضعية في رفح من أجل السعي لعزل قطاع غزة عن مصر، أو شن عمليات سريعة موضعية لضرب ما يُزْعَم أنها أهداف عسكرية لحركة حماس وفصائل المقاومة. ويأتي هذا في ظل الإجماع الواضح على التهديد الذي يشكله هذا الهجوم على أرواح مئات آلاف النازحين، الذين لم تبق لهم إلا رفح مكانا يؤويهم من القصف العنيف والوحشي لقوات الاحتلال. تابعوا آخر أخبار أكادير 24 على المنصات التالية: WhatsApp - تابعوا أكادير 24WhatsApp Google News - تابعوا أكادير 24Google News