" لا أحد يستطيع أن يعرف الأهمية اللا متناهية لقطرة ماء أكثر من شخص وسط الصحراء". بعد دخول المملكة المغربية في سباق مع الزمن لمواجهة تحديات الجفاف بعد توالي التحذيرات التي تستوجب حث الخطى نحو التصدي لواقع بلد مجهد مائيا، وسط تأكيدات خبراء البيئة أن المشاكل الراهنة تتطلب رؤية حقيقية لتفادي الأسوأ مستقبلا، دخل سعيد أمزازي صفوف المواجهة، حيث أصدر والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان قرارا يقضي باتخاذ مجموعة من الإجراءات اللازمة لمواجهة الإجهاد المائي وترشيد استعمال الماء بنفوذ عمالة أكادير إداوتنان. و جاء في هذا القرار الذي توصلت أكادير 24 بنسخة منه، مجموعة من الإجراءات الموثقة و التي تقضي بتشديد المراقبة على الأنشطة التي من شأنها تبذير المياه على غرار غسل السيارات والمسابح، والحمامات العمومية مع اللجوء إلى تقليص صبيب الماء خلال الليل. وحسب القرار نفسه، فقد تقرر المنع الكلي لزراعة العشب الطبيعي سواء من طرف مؤسسات الدولة أو الخواص تحت طائلة اتخاذ العقوبات اللازمة في حق أرباب شركات تهيئة الحدائق والمشاتل المخالفة، إضافة إلى حظر استعمال الماء الصالح للشرب والمياه الجوفية في سقي ملاعب الغولف، مع منع ملء المسابح العمومية والخاصة أكثر من مرة واحدة في السنة، ومنع تنظيف الطرقات العمومية باستعمال الماء. وفي الميدان الفلاحي تقرر منع الأنشطة الزراعية المبذرة للماء بتوافق مع المصالح الإقليمية للفلاحة التي يعهد إليها بتنفيذ هذا الإجراء، مع مواكبته في إطار حملات تحسيسية في أوساط الفلاحين، مع تفعيل دور الأجهزة المكلفة بمعاينة وزجر المخالفات المرتبطة بالاستغلال المفرط للموارد المائية، مع تطبيق العقوبات الجاري بها العمل في هذا الصدد ( شرطة الماء، شرطة البيئة ...). هذا، ويعهد إلى السلطات المحلية والمصالح الأمنية والمصالح الخارجية المختصة، كل حسب اختصاصه تنفيذ مقتضيات القرار المذكور، كما يعهد للجنة الإقليمية لعمالة أكادير إداوتنان للماء، التتبع الدقيق لاحترام مواد هذا القرار، بحيث تجتمع هذه اللجنة في الأسبوع الأول من كل شهر، وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، ويحدد رئيسها تاريخ اجتماعاتها وجدول أعمالها. وكان وزير التجهيز والماء، نزار بركة، قد قدم في هذا الشأن معطيات وأرقاما صادمة حول الوضعية المائية بالبلاد، ووصفها بأنها "خطيرة جدا" نتيجة لتأخر هطول الأمطار واستمرار الجفاف للسنة الخامسة على التوالي. وقال أمام مجلس المستشارين قبل ثلاث أسابيع إن "المغرب لم يشهد من قبل هذا الجفاف الذي عشناه في السنوات الأخيرة منذ 2019". وأوضح بركة أنه تم التركيز على تحلية مياه البحر وعلى إعادة استعمال المياه العادمة، حيث يتم الاشتغال، حاليا على تحلية المياه بمنطقة الجرف الأصفر، بالإضافة إلى إنجاز آبار استكشافية وتجهيز محطات متنقلة لتحلية المياه. وأكد أن تجاوز الأزمة يتطلب مجهودا تضامنيا والعمل بشكل جماعي، وذلك في سياق المخطط الوطني للماء الذي يغطي 30 عاما. وبخصوص منطقة سوس ماسة، اعتبر بركة أن بدء تشغيل محطة تحلية المياه لشتوكة آيت باها مكن من تخفيف الضغط على الموارد المائية بالمنطقة. وفي رسالة مباشرة إلى المواطنين قال بركة إن "مشكلة تبذير الماء واقع كلنا نساهم فيه، وبالتالي يجب أن نغير عقليتنا، لأننا لا نعيش في سويسرا وإنما في المغرب المعروف بإشكالية الجفاف التي أصبحت هيكلية ويجب أخذها بعين الاعتبار". وأكد آخر تقرير للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على ضرورة توفير عدد أكبر من وسائل تعبئة الموارد المائية مع تنويعها، وخاصة عبر وضع برنامج استثماري على المدى المتوسط والمدى الطويل. ويندرج ذلك في إطار مخطط تنمية الموارد المائية غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر ومعالجة المياه ذات الملوحة المعدنية العالية وإعادة استعمال المياه العادمة، وتعزيز التعاون والانسجام بين سياسة الطاقات المتجددة والإستراتيجية الوطنية للماء. ياسمين اليونسي