جر موقف وزير العدل عبد اللطيف وهبي من "الإثراء الغير المشروع" عليه انتقادات واسعة، حين اعتبر أن "قرينة البراءة لا يمكن المساس بها، ولا يمكن للدولة أن تطلب من الذين يتقلدون مسؤوليات عمومية أن يثبتوا مصدر أموالهم وممتلكاتهم"، مشيرا إلى أن ذلك مخالف للدستور وغير مقبول، وفق تقديره. في هذا السياق، نشر "محمد الغلوسي"، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، تدوينة نارية عبر حسابه الفيسبوكي، أوضح من خلالها أن: "وزير العدل يطمئن أصحاب الثروة المشبوهة ويدافع عن جزء من أعضاء حزبه"، في إشارة منه إلى تصريحه سالف الذكر، قبل أن يؤكد أن ما صرح به "وهبي": "منطق يفيد أن اغتناء المسؤولين بطرق غير مشروعة مباح ومقبول ولا يحق لأية جهة أن تتدخل في ثرواتهم!"، وفق تعبيره. في ذات السياق، تساءل "الغلوسي" عن السبل القانونية الكفيلة بمساءلة المسؤولين الذين تظهر عليهم ملامح الثراء الفاحش بعد تقلدهم للمسؤوليات العمومية، حيث قال في هذا الصدد: "هل يحق للنيابة العامة التي تمثل الحق العام أن تفتح بحثا قضائيا حول مصدر ذلك الثراء المشبوه أم أن يدها ستكون مقيدة لكون النص القانوني الذي يجرم ذلك غير موجود خاصة وان السيد الوزير يعلم جيدا تلك القاعدة الذهبية في القانون الجنائي التي تقول "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"، مشيرا إلى أن هذا الإكراه "يجعل إمكانية فتح بحث قضائي وتوجيه الإتهام بناء على نتائجه غير قانوني بل ويعرض النيابة العامة للمساءلة ويفضي حتما إلى تحصين لصوص المال العام والمفسدين من المساءلة القانونية والقضائية ويعرض أمن المجتمع واستقراره للاضطراب وتزكية الفساد والتمييز في إعمال القانون. وتابع رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام حديثه قائلا: "كنا ننتظر من وزير العدل أن لا ينقض تعهدات والتزامات الدولة المغربية في مجال مكافحة الفساد من خلال مصادقتها على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ونشرها في الجريدة الرسمية سنة 2007 وأن يعمل من موقعه الوظيفي على ملاءمة القانون الجنائي مع هذه الالتزامات سواء الدولية منها أو الوطنية، عوضا عن إبداء حماس كبير منقطع النظير في توسيع منابع ومصادر الفساد وتوسيع الهوة الإجتماعية". كما شدد المسؤول الحقوقي على إن تصريحات وزير العدل بهذا الخصوص، تشكل إيذانا بإقبار تطلعات المجتمع في تجريم الإثراء غير المشروع وإنهاء لكل نقاش حول الموضوع لتظهر بذلك الخلفية الحقيقية من سحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع، وفق تعبيره. وأضاف: "وأنا أطلع على تصريحات وزير العدل المدافعة عن جريمة كاملة الأركان والأوصاف، قلت في نفسي إنه بقوله هذا، يريد أن يرفع التجريم عن السرقة ولكن ليس عن السرقة العادية التي يرتكبها جناة أغلبهم من أبناء المجتمع، بل عن سرقة موصوفة، جسيمة، وخطيرة، هي سرقة ونهب ثروات ومقدرات شعب بأكمله وإجهاض أحلامه في التنمية والمساواة والكرامة والعدالة، إنهم لصوص من نوع خاص يطلق عليهم في علم الإجرام (ذوي اللياقات البيضاء) الذين يحظون بشرف الدفاع عنهم من طرف وزير يفترض فيه أنه يمثل المجتمع ويدافع عن حقوقه ومصالحه العليا". كما أوضح "الغلوسي" أن: "توجه السيد وزير العدل هذا، يعكس رغبة وإرادة قطب في الدولة والمجتمع، يجسد الحزب الذي يديره جزءا منه، في ضمان استمرار بعض المراكز المستفيدة من الفساد والريع في مواقعها وإجهاض كل المبادرات والمشاريع التي بإمكانها أن تحدث تقدما في المجتمع والدولة عبر إصلاحات سياسية وقانونية ودستورية عميقة تؤسس لدولة الحق والقانون". وختم رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام حديثه بالقول: "هي تصريحات وتوجه يتناقض كليا مع رؤية وتوجه الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهي مؤسسة دستورية للحكامة، والتي تطالب بتجريم الإثراء غير المشروع بنص مستقل ومصادرة الأموال المتحصلة من هذه الجريمة، فهل يعكس هذا صراع الإرادات داخل الدولة ؟ أم هو تغول وجموح اللوبي الفاسد وتكشيره عن أنيابه بعدما شعر بالأمان؟"، على حد قوله.