يبدو أن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، كلما خرج من زوبعة إلا وسقط في أخرى، بسبب تصريحاته المثيرة للجدل وخصومه الذين لا يترددون في مهاجمته كلما استدعى الأمر ذلك، إلى درجة أن الأمين العام لحزب الأصالة بات متصدرا المشهد وحاضرا بقوة في النقاش العمومي والساحة الوطنية. وزير العدل وجد نفسه مرة أخرى في قلب العاصفة، بعد الاتهامات المباشرة التي وجهها له محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، بخصوص الدفاع عن "الإثراء غير المشروع"، وذلك بمبرر أن "قرينة البراءة لا يمكن المساس بها ولا يمكن للدولة أن تطلب من الذين يتقلدون مسؤوليات عمومية أن يثبتوا مصدر أموالهم وممتلكاتهم"، لأن ذلك في تقديره "مخالف للدستور وغير مقبول". واعتبر الغلوسي في هجومه القوي على وهبي أن "هذا المنطق يفيد بأن اغتناء المسؤولين بطرق غير مشروعة مباح ومقبول، ولا يحق لأي جهة أن تتدخل في ثرواتهم!". وتساءل الحقوقي ذاته موجها كلامه لوزير العدل عن "السبل القانونية الكفيلة بمساءلة المسؤولين الذين تظهر عليهم ملامح الثراء الفاحش، بعد تقلدهم المسؤوليات العمومية، وهل يحق للنيابة العامة أن تفتح بحثا قضائيا حول مصدر ذلك الثراء المشبوه، أم إن يدها ستكون مقيدة لكون النص القانوني الذي يجرم ذلك غير موجود؟ خاصة أن الوزير يعلم جيدا تلك القاعدة الذهبية في القانون الجنائي التي تقول 'لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص'، وهو ما يجعل إمكانية فتح بحث قضائي وتوجيه الاتهام بناء على نتائجه غير قانوني، بل ويعرض النيابة العامة للمساءلة ويفضي حتما إلى تحصين لصوص المال العام والمفسدين من المساءلة القانونية والقضائية، ويعرض أمن المجتمع واستقراره للاضطراب وتزكية الفساد والتمييز في إعمال القانون". "كنا ننتظر من وزير العدل ألا ينقض تعهدات والتزامات الدولة المغربية في مجال مكافحة الفساد، من خلال مصادقتها على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ونشرها في الجريدة الرسمية سنة 2007، وأن يعمل من موقعه الوظيفي على ملاءمة القانون الجنائي مع هذه الالتزامات، سواء الدولية منها أو الوطنية، عوضا عن إبداء حماس كبير منقطع النظير في توسيع منابع ومصادر الفساد وتوسيع الهوة الاجتماعية"، يورد المتحدث ذاته. كما اعتبر الغلوسي أن تصريحات وزير العدل تشكل "إيذانا بإقبار تطلعات المجتمع في تجريم الإثراء غير المشروع، وإنهاء لكل نقاش حول الموضوع، لتظهر بذلك الخلفية الحقيقية من سحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع"، وأشار المتحدث أيضا إلى أن التصريحات التي عبر عنها وهبي "تتناقض كليا مع رؤية وتوجه الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهي مؤسسة دستورية للحكامة التي تطالب بتجريم الإثراء غير المشروع بنص مستقل، ومصادرة الأموال المحصلة من هذه الجريمة". وحاولت جريدة هسبريس الإلكترونية ربط الاتصال بوزير العدل عبد اللطيف وهبي، لأكثر من مرة، طيلة يوم أمس الثلاثاء وصباح اليوم الأربعاء، لنيل تعليقه على الاتهامات التي وجهت إليه من طرف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلا أن هاتفه ظل يرن دون إجابة.