توالت ردود الفعل الإعلامية عقب حادث قتل الشرطة الفرنسية الشاب نائل وما أعقبه من انتشار "التمرد" في ضواحي المدن الفرنسية الكبرى. في هذا السياق، كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم السبت فاتح يوليوز، أن فرنسا كانت، وعلى مدى سنوات، بمثابة "طنجرة للضغط"، مضيفة أنها "انفجرت هذا الأسبوع". وفي مقال رأي، أشارت الصحيفة الأمريكية، واسعة الانتشار، إلى أن واقعة مقتل مراهق برصاص الشرطة الفرنسية أسفر عن "اندلاع ثورة في جميع أنحاء البلاد، ضد عنف الشرطة والعنصرية". وأضافت الصحيفة الأمريكية "أن مظاهرات اندلعت بشكل كبير في فرنسا خلال الليالي القليلة الماضية"، مسجلة أن مجموعات من المتظاهرين في تولوز وليل ومارسيليا وباريس قامت بتخريب مراكز الشرطة ونهب أو تخريب مقرات عشرات الشركات، ورشق المباني العمومية وقوات شرطة مكافحة الشغب بالزجاجات الحارقة (مولوتوف). وأكدت الصحيفة أنه تم اعتقال حوالي ألف شخص عقب هذه الاحتجاجات، مشيرة إلى عدم وجود بوادر على تهدئة الغضب. وأشار المقال إلى أن "مقتل نائل، الذي بدا بالنسبة للكثيرين أشبه بإعدام بإجراءات موجزة، كشف عن أكثر أشكال عنف الشرطة تطرفا، والتي استهدفت منذ فترة طويلة الجاليات ذات البشرة الملونة في فرنسا". وأضافت الجريدة أن هذا الحادث المأساوي ساهم في تفاقم الامتعاض الذي يتأجج في جميع أنحاء البلاد، معتبرة أن الأمر يتعلق كذلك، بالنسبة للرئيس إيمانويل ماكرون، ب"ضربة جديدة لسلطته، إذ تم إجبارهم مجددا على مواجهة فرنسا تلتهمها النيران". وذكرت الصحيفة بأن "الحكومة نادرا ما تنتهز الفرص لمعالجة معضلة عنف الشرطة بشكل جدي"، مبرزة أن "جزءا من المشكلة يكمن في علاقة ماكرون بالشرطة". "فمنذ توليه السلطة في عام 2017′′، توضح الصحيفة، "اعتمد ماكرون على قوات الشرطة، وعزز دورها المركزي في الحياة السياسية الفرنسية"، مضيفة أن "موجة الاحتجاجات التي ترفض مختلف الإصلاحات الاجتماعية لماكرون -وآخرها الاحتجاجات المناهضة لإصلاح نظام التقاعد- تمت مواجهتها باللجوء المكثف للشرطة". وذكرت الصحيفة أنه "حتى في خضم الجائحة، كانت قوات الشرطة في الخطوط الأمامية لتنفيذ إجراءات حظر التجول الصارمة التي أقرها ماكرون"، مبرزة أنه وبعد أن أضحت قوات الأمن في صلب الجدل الوطني، "فمن غير المستغرب لماكرون أن يقف مكتوف اليدين". من جهتها، اعتبرت صحيفة "إلباييس" الإسبانية أن فرنسا على "حافة الهاوية الاجتماعية". وقالت الصحيفة، اليوم السبت، "الحادث له دلالة كبيرة على المسافة المتزايدة بين الدولة وجزء كبير من الساكنة، وخاصة الشباب، في أحياء تعاني الإقصاء الاجتماعي والكراهية، وسط وجود الشرطة المستمر والمواطنين المهمشين، والتشرذم الاجتماعي، على الرغم من الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الدولة في السنوات الأخيرة". وأضافت بأنه في مواجهة هذا الوضع من الصعب العثور على جواب قابل للتطبيق، بعدما "تفككت البلاد اجتماعيا وربما بشكل لا رجعة فيه خلال العقود القليلة الماضية". وحذرت من مغبة "انتشار العنصرية وتوسع ترسانة القمع القانونية من عام لآخر، مما أدى إلى تعسف الشرطة الذي لم يسبق له مثيل منذ عقود" وقتلت الشرطة 27 شخصا في السنوات الثلاث الماضية، والدولة أطلقت العنان للتشرذم الاجتماعي وسط الشرائح الاجتماعية المهمشة المتحدرة من مهاجري الجيل الثاني والثالث والرابع.