في لقاء الوفاء للروح الطاهرة لسي توفيق السميدة الذي نظم مساء أمس الخميس 20 أكتوبر 2022،حلقت طيور النوارس القادمة من علياء المحيط الأطلسي في سماء مدينة أكادير، لتنعي رحيل فقيد العمل التطوعي، وشهيد التضحية الإنسانية الذي ملأ دنيا مدينة الإنبعاث، وشغل ناسها بمبادراته الجليلة التي يشهد بها الكبير والصغير ، وتلهج بها أحياء وشوارع وحدائق المدينة التي أحبها بشكل يكاد يشبه الجنون. في لقاء الوفاء لروح السي توفيق السميدة، الذي رحل إلى دار البقاء على حين بغثة، اختلط الحب الطاهر بالأسى العميق إزاء الشخصية الفذة لهذا الإنسان الاستثنائي الذي جسد بأعماله التطوعية، ومبادراته المتميزة المعدن النقي للإنسان المغربي المجبول على فعل الخير. هذه الخصال الإنسانية الرفيعة استحضرها أصدقاء وإخوة ومحبو الراحل خلال هذا اللقاء التأبيني المنظم بمبادرة من "جمعية أكادير ميموري" وشركاء آخرين، والذي شكل شهادة تأكيدية على الأخلاق الرفيعة، والتربية النموذجية التي تشبع بها الفقيد وجعل منها عملته اليومية المتداولة سواء في وسطه الأسري، أو محيطه الاجتماعي. استقطب اللقاء التأبيني للراحل السي توفيق، ابن الحاج العربي السميدة، حشدا كبيرا من النشطاء الممثلين لكل ألوان فسيفساء المجتمع المدني بأكادير، الذين تقاسموا مع الفقيد هوس الشأن الثقافي والتربوي والرياضي والبيئي والإعلامي والصحي… حضر أيضا الفاعل السياسي، والناشط الحقوقي، والمناضل النقابي، والمجاهد في دروب الدفاع عن حقوق المستضعفين وذوي الاحتياجات الخاصة… الكل انصهر في عزف أنشودة واحدة تتغيى الإشادة بالتضحيات الجسام التي بذلها الراحل من أجل إسعاد الآخرين. هذا هو "الهوس" الذي كان يسري مثل الدم في شرايين السي توفيق السميدة الذي يشهد له الجميع بالأدوار الطلائعية التي نهض بها، إلى جانب ثلة من النشطاء الآخرين، في ابتكار وتنزيل مبادرات عدة ما زالت نتائجها النبيلة ماثلة للعيان، والبعض منها تجاوز صداها مدينة الانبعاث، لتصبح نموذجا يقتدى به في مجال خدمة المجتمع،وإشاعة وترسيخ قيم العمل الإنساني النبيل. من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، إطلاق العريضة التاريخية الخاصة بجمع التوقيعات من أجل التكفل المجاني بمرضى السرطان. منها أيضا عريضة التوقيعات التي تصدت لجشع الاستثمار العقاري الذي كان سيجهز على واحدة من المعالم الثقافية التاريخية لمدينة الانبعاث وهي "سينما الصحراء" ، التي أصبحت اليوم منشأة جماعية للدفع بالتنمية الثقافية لأكادير… منها، ومنها، ومنها. لم يكن هناك أفق منظور للعمل التطوعي والإنساني لدى الفقيد سي توفيق السميدة الذي كانت طموحاته الخاصة بخدمة المجتمع لا حدود لها، وكأنه كان يستنشق فعل الخير مع الهواء. بل أكثر من ذلك، كان الراحل لا يهنأ له بال حتى يتبع المبادرة بالتنزيل الفعلي، وهذا ما جعله يسكن قلوب أفراد أسرتيه الصغيرة والكبيرة، وكذا أسرته الأكبر المتمثلة في محيطه الاجتماعي، وفي مقدمته المنظمات المدنية لمدينة الانبعاث. ولرب سائل عن مصدر هذا الحب وهذا الوفاء المستحق للفقيد السي توفيق السميدة، ليأتي الجواب على لسان شريكة حياته، الفاضلة حياة سالي، أم أسيل، التي قالت في كلمة تأبينية في حق زوجها الراحل: "استملت قلبي وقلوب أصدقائك وكل من تعرف عليك بتواضعك، بوفائك، بإخلاصك وتفانيك في واجباتك، باحترامك لغيرك، بواقعيتك، وبأحلامك، بأفكارك وبإنجازاتك، بإنسانيتك وتفاؤلك، وبعطائك الدائم للصغير قبل الكبير، صادقا في تطلعاتك الدائمة لغد أجمل وأفضل". رحمك الله أيها الأخ والصديق العزيز وأسكنك فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.