عادت قضية الإمام المغربي حسن إيكويسن -الذي قررت السلطات الفرنسية طرده من فرنسا- مجددا للواجهة، بعد أن كشف محافظ منطقة أوت دو فرانس (شمال فرنسا) عن "هروبه" خارج البلاد. وقال المحافظ فرانس جورجي فرانسوا -خلال ندوة صحفية- إن "من المحتمل أن يكون إيكويسن قد فرّ إلى إحدى الدول المجاورة بعد صدور قرار ترحيله من أعلى هيئة إدارية في فرنسا، وأغلب الظن أنه موجود على التراب البلجيكي"، وفق تعبيره. وأضاف ذات المتحدث أنه "إذا كان إيكويسن في بلد أجنبي فسيتم العمل مباشرة وفق القانون الدولي من أجل إلقاء القبض عليه ووضعه رهن الاعتقال الإداري بفرنسا". ماذا يقول القانون في الموضوع ؟ حسب أستاذ القانون العام بجامعة غرونوبل ألب سيرج سلامة، فإن "ليس هناك في القانون الفرنسي ما يدين الإمام حسن إيكويسن". وقال ذات المتحدث في مقابلة مع صحيفة ليبراسيون Liberation الفرنسية أنه : "إذا كان الإمام حسن إيكويسن قد ذهب إلى بلجيكا فلا يمكن القول بأنه ارتكب مخالفة أو جريمة، لأن هناك قرارا من مجلس الدولة يقضي بخروجه من البلاد وقد قام بالامتثال له، بغض النظر عن الوجهة التي ذهب إليها". وأضاف سلامة أن "حاكم Hauts-de-France ينتهك قاعدة افتراض البراءة بوصفه للإمام المغربي بالهارب من العدالة"، مؤكدا أن "الأجنبي الذي يخضع لإجراء الترحيل يمكن أن ينفذه بشكل عفوي، وهذا منصوص عليه صراحة في القانون الخاص بالأجانب". وأوضح سلامة أن "بإمكان بلجيكا في إطار اتفاقيات شنغن أن تسلم هذا الإمام لفرنسا"، لكنه لفت إلى أن "مثل ذلك الإجراء ينطوي على تناقض صارخ : فكيف يمكنه أن يعود لفرنسا وهو يخضع لحكم بالإبعاد النهائي عن هذا البلد". وحسب أستاذ القانون العام، فإن "هذه القضية لا تدخل في سياق جنائي، وليست فيها أي ملاحقات قضائية، ولو كان هذا الإمام هاربًا بالفعل فسيكون تحت مذكرة توقيف أوروبية". فرنسا تمارس دور "شرطة الفكر" ! في نقاش بصحيفة لاكروا (La Croix) حول ملابسات قضية الإمام المغربي، تحدث جيل كلافرول بريفيه، المندوب الوزاري السابق المعني بمكافحة العنصرية ومعاداة السامية، وهاويس سنيغر المحاضر في العلوم السياسية بجامعة ساينس بو المرموقة، عن ممارسة فرنسا دور "شرطة الفكر" ضد المسلمين. وتساءل ذات المتحدثان عما إذا كانت الحكومة الفرنسية قد ذهبت أبعد مما ينبغي بهذه القضية، حيث حذر سنيغر من أن الحكومة في هذه الحالة "انتقلت من مجال النقد الحر والمشروع لخطاب الفرد وسلوكه العام إلى أحد أشكال ممارسة السلطة والرقابة على الفكر". وانتقد سنيغر ما اعتبره "الكيل بمكيالين "في قضية هذا الإمام المغربي، فلكي يكون المنطق قوياً أخلاقياً ومتماسكاً سياسياً، يجب التعامل مع المواقف نفسها بنفس الطريقة، وفق تعبيره. وأضاف ذات المتحدث أن قرار الترحيل يعني الخروج من البلاد بشكل نهائي، ثم تساءل مستغربا، لماذا نحاسب هذا الشخص بعد تنفيذه القرار عن الوجهة التي ذهب إليها، ولماذا يتم اتهامه بالهروب ؟!". اليمين المتطرف ممتعض وغاضب أثارت قضية خروج إيكويسن من فرنسا امتعاضا بين أنصار اليمين المتطرف، وأبرز وجوهه زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان، التي قالت في تغريدة على تويتر أن "الإسلامي الوحيد الذي طرده وزير الداخلية هو الآن غير موجود"، مضيفة أنه "يجب على فرنسا أن تفرض احترامها مجددا". ومن جهته قال القيادي في حزب الجمهوريين النائب إريك سيوتي -عبر حسابه في تويتر- أن ما حدث هو "إهانة جديدة لفرنسا ونظامها". أما المرشح الرئاسي السابق نيكولا دوبون أنيان فقد دعا إلى تعديل القوانين من أجل عدم انتظار قرار مجلس الدولة بشأن طرد الأشخاص الذين ينتهجون خطابا معاديا لفرنسا. يشار إلى أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، كان قد أعلن في 28 يوليوز الماضي عن قرار طرد الداعية الإسلامي حسن إيكويسن المغربي الجنسية والمولود في فرنسا. وكان دارمانان أرجع -في تغريدة له على حسابه بتويتر- ترحيل هذا الداعية إلى المغرب إلى أنه "يتبنى منذ أعوام خطاب كراهية ضد قيم فرنسا، يتنافى ومبادئ العلمنة والمساواة بين الرجال والنساء". واعتبرت محامية الإمام إيكويسن، لوسي سيمون، أن "القضاء هو الذي سيقرر في هذه القضية"، مبينة أن الإمام "لا يمثل خطرا على الأمن العام". وفي وقت سابق الشهر من الماضي، علقت محكمة باريس الإدارية قرار ترحيل الإمام المغربي، وهو ما وصفه وزير الداخلية ب"القرار المفاجئ". جدير بالذكر أن الداعية حسن إيكويسن (58 عاما)، الذي تصدرت قضيته مؤخرا وسائل الإعلام، يتمتع بشخصية جذابة ساعدته في إقناع عشرات الآلاف من الشباب باعتناق الإسلام، خاصة في العالم الافتراضي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتابعه على صفحته في فيسبوك وقناته في يوتيوب حوالي 150 ألف متابع.