هناك قواعد ومبادئ أساسية يجب أن تعمل بها المؤسسات الحكومية ومسؤوليها، و أن تحترم التراتبية القانونية، فلا يجوز لمسؤول “وزير” أن يقفز على قانون سن من قبل، فهناك مبدأ أساسي وتتفرع عنه كل المبادئ الأخرى، لذلك وجب على كل مسؤول مهما علا شأنه ومهما كانت مسؤوليته ولما لا حصانته أن يلتزم بقاعدة تفوق القوانين ويحترم التراتبية القانونية و عدم جواز تعديل نصوص قانونية بقرارات أدنى منها بالقوة القانونية. وليس المهم من يصدر التشريع والقانون لكن العبرة والحكمة والغاية في تنفيذ هذا القانون وأن يعبر عن مصالح الجميع وليس فئة قليلة أو طبقة سياسية، أو نقابية، أو حقوقية. لأنه إذا لم يكن القانون يعبر عن هذه المصالح لن ينفذ وبالتالي لن يخدم عملية الاصلاح، والحكامة الجيدة، والتنمية المستدامة. والوضع الراهن وما بعده في أشد الحاجة إلى قوانين و نظم تنفذ وتطبق في اطار الدستور الجديد ومشروع التحديث والتطوير والعصرنة الذي يتطلع اليه معظم مكونات المجتمع المغربي. ومن خلال تتبع اللقاء التواصلي لوزير التربية الوطنية مع هيئة التفتيش بمختلف الفئات للجهات الجنوبية الاربع بالمملكة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية باكادير بتاريخ 08 أبريل 2013 وبحضور المفتشين العامين ومدراء اكاديميات ومصالحها الاقليمية بهذه الجهات، جاءت بعض تصريحات سيادة الوزير مجانبة للصواب بل أكثر من ذلك ضاربة في العمق المسؤولية وما تتطلبه من احتكام إلى مقتضيات النصوص القانونية والمساطر الادارية. فحين سئل الوزير عن إعلان عن فتح باب الترشيح لشغل 14 منصب نائب اقليمي بوزارة التربية الوطنية بناء على قانون و على ثلاثة مراسيم وعلى قرارت، ووضع رهن اشارة الراغبين في الترشيح نصوص تشريعية وتنظيمية مؤطرة لنظام التربية والتكوين، والبرنامج الحكومي يناير 2012 في مجال التربية والتكوين، وتعيينه ل19 نائبا اقليميا للوزارة ، أجاب بكل استخفاف أن ذلك من اختصاصه ما معناه حسب أحد المحللين ” شغلي هذاك”، وبهذا يكون سيادته أتى بما لم يأت به الأوائل، ولربما لن يأت به الأواخر، وهكذا عصفت رياح الوزير بالقانون، ومبدأ تكافؤ الفرص والاستحقاق والسؤال الثاني يتعلق بما مفاده حسب قول الوزير- أن مفتشين عامين بوزارته امتياز لهذه الاخيرة نظرا لخصوصيتها – ، و قد نسي كذلك مديريات أخرى أضيفت مع العلم أنها لم ترد في المرسوم رقم 2.02.382 بتاريخ 15 يوليوز 2002 بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية وهنا يتطلب الامر اعادة بوصلة احترام القانون الى مستوى التطبيق والتنفيذ. أما السؤال الثالث، ارتبط بعدم السماح لمن تم إعفاءهم من مهام المسؤولية بالترشيح لشغل منصب مدير اكاديمية جهوية للتربية والتكوين ولا لمنصب نائب اقليمي لوزارة التربية الوطنية، ونهمس الى الوزير بالقول أن هناك حالتين ظاهرتين للعيان ومعروفتين لدى المسؤولين الاقليميين والجهويين والمركزيين، وقد سمح لهما بالترشيح، وتم تعيينهما بعد ذلك أحدهما في منصب مدير اكاديمية والآخر في منصب نائب اقليمي للوزارة، وقد أقصي من تخلى عن منصب نائب اقليمي حين تم وضعه امام خيارين، وذلك وفاء لمبادئه وصونا لكرامته كمسؤول اداري تربوي. ونقول أن لمثل هذه التصريحات لوزير قطاع التربية والتكوين انعكاسات سلبية تضر بشكل مباشر وغير مباشر بهذا القطاع، بنسائه ورجالاته على السواء، كما أن الضرر الأول سيقع على التلميذ الذي لا ذنب له حيث الخطابات المسؤولة في واد والواقع في بحر ميت. ونضيف بأن الواقع المغربي أكد أن هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المغرب تحتاج الى حكمة المسؤولين أكثر من حاجتها إلى الاندفاع وإلى الانفعال، والهروب إلى الامام، وإلى الصراحة و الحقيقة أكثر من التحدي غير المسؤول . و أخيرا ليسمح لنا سيادة الوزير بأن نقول مرة أخرى: تأن في تصريحاتك وفتاويك.