جريا على العادة في وزارتنا , إسمحوا لي أن أدخل في الموضوع دون مقدمات : لقد أثار انتباهي تصريح سابق لوزيرنا باكتشافه ل “تحراميات “كثيرة بالوزارة مند عدة أشهر فقط فقلت في نفسي أن هذا الوزير قد يكون المخلص و المنقد المنتظر رغم ما يكن له رجال التعليم من مشاعر متضاربة و متباينة و ربما كان استوزاره مما ينطبق عليه قول العلي الكبير “و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ” و انتظرت مع المنتظرين إفصاح الوزير عن إكتشافه . و بعد نشره للوائح الموظفين الأشباح ( أستغفر الله إن ظلمت هؤلاء الموظفين بنعتهم بالأشباح و أعتذر للأشباح إن لوثت سمعتهم بربطهم بموظفين يتقاضون رواتب من الدولة باسم وزارة التربية دون أن يقدموا خدمات لهذه الوزارة ) بدرت إلى عقلي البسيط أسئلة بسيطة عقدت عقلي و كادت تعقد لساني كذلك : هل هذا ما قصد الوزير ب”تحراميات” ؟ كيف حدث أن غاب هذا الأمر على الوزير منذ قدومه لهذه الوزارة ؟ ألا ينجز إحصاء للموظفين العاملين كل سنة ؟ ألا يستهلك هذا الإحصاء في كل عام طاقة الإداريين بالمؤسسات التعليمية و النيابات و الأكاديميات ؟ لماذا يتم إمهالهم شهرا آخر لتسوية وضعيتهم ؟ لماذا لا يقتطع أجر الأيام ( السنوات) من “راتبهم ” كما تصرفت الوزارة بحق مع المضربين إعمالا لقاعدة الأجر مقابل العمل ؟ عفوا ,ما أغباني ! نسيت أنهم بحكم عدم اشتغالهم فإنهم لا يخضعون لقانون الشغل . وتذكرت ما أصاب زملائي الأساتذة المبرزين من أقتطاعات و توبيخات وووو ....لكن عفوا ,فما أغباني ! كيف يحق لي مقارنة مبرز يشتغل طوال سنوات كالحمار لتحضير الطلبة لولوج المدارس العليا للمهندسين و لا يتحمل الإنتظار لسنوات أخرى بعد العشرين التي انتظرها من أجل تسوية أوضاعه الحمارية فيلجأ إلى مقاطعة الإمتحانات من أجل إسماع صوته (أما كان يكفيه أن ينهق حتى يسمع و يستجاب طلبه ؟ أم أنه نسي “إن أنكر الأصوات لصوت الحمير”؟) كيف يليق ان نقارن هذا بموظف لم يعرقل امتحانا و لم يخطئ أبدا؟ (و كيف له أن يخطئ و هو لم يشتغل قط ؟) أستغفر الله , فما أغباني ! بالرجوع إلى هذه اللوائح و النظر إلى أرقام تأجير هؤلاء المحظوظين ( أو التعساء ,و من التعاسة ما أسعد كما من الحب ما قتل)يلاحظ أن جميع الأفواج ممثلة تمثيلا ديموقراطيا من القدامى حتى الحديثي التخرج و هنا يحق لنا التوقف قليلا للتنويه أولا بتحقق نوع من العدل في صفوف الأشباح و التنويه ثانيا بكوننا أمام عادة اكتسبت قوة القانون إعمالا لمقولة ” العرف بمثابة قانون ” . و جريا على عاداتنا العريقة و المتمثلة في التسامح مع المجرمين الكبار (ربما لقلتهم و للقرب اللغوي بين التماسيح و التسامح و القرب الإصطلاحي للعفاريت و الاشباح ) و الضرب بيد من حديد على المجرمين الصغار ( ربما لكثرتهم و القرب اللغوي بين الضرب و الإضراب ) , أقترح أن نرسم هؤلاء كلهم في الوظيفة العمومية (ولا مانع من إبقائهم في وزارة التعليم) بعد تغيير النظام الأساسي و إحداث إطار جديد ويعاد ترتيبهم كأشباح من الدرجة الثانية و أشباح من الدرجة الأولى و أشباح من الدرجة الممتازة و عفاريت خارج السلم كل بحسب أقدميته وخبرته . و نظرا لأزدياد أعدادهم و كثرة مهامهم و تعدد اختصاصاتهم و نظرا للظرفية الإقتصادية الراهنة و حاجة الوطن إلى مواهبهم فإني أقترح خلق وزارة خاصة تتولى أمر هؤلاء و يكون على رأسها" شبيح" كبير و" شبيحة" تساعده على تدبير شؤونها ... سعيد براتك