تواصل السلطات المغربية سجن طفل جزائري لا يتجاوز عمره 14 سنة بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل مغربي. والطفل الجزائري ينحدر من ولاية البليدة القريبة من العاصمة الجزائر، انتقل الى المملكة المغربية من أجل المشاركة في دورة للقوارب الشراعية، خلال الفترة الممتدة ما بين 10 و 15 فبراير الماضي، لكن وجد نفسه في الأخير خلف القضبان، في انتظار المحاكمة، وهي القضية التي يرى متابعون أنها قد تثير أزمة دبلوماسية بين البلدين في حال عدم التوصل الى اتفاق بين الطرفين بشكل ودي. احتجاز وكشفت مصادر إعلامية جزائرية أنه تم احتجاز رياضي جزائري يبلغ من العمر 14 سنة في رياضة الألواح الشراعية، بعد مشاركته في الدورة الرياضية التي احتضنتها المغرب ما بين 10 و15 فبراير بعد اتهامه بقضية أخلاقية. وأوضحت تقارير صحافية أن “السلطات الأمنية بالمغرب احتجزت الرياضي الجزائري كإجراء أولي في مركز إعادة التربية في انتظار ما تسفر عنه التحقيقات التي باشرتها السلطات الأمنية للتأكد من صحة هذه الاتهامات، وكان الوفد الجزائري قد عاد من المغرب إلى أرض الوطن من دون المتهم الذي قد تمتد إقامته بالمغرب”. مزاح أطفال وقالت يومية “الخبر” التي تتابع الحادثة إن “القضية لا تعدو أن تكون لعب أطفال مراهقين ولا علاقة لها باعتداء جنسي من أساسه”، واشارت إلى أن “الحادثة وقعت داخل غرف تغيير الملابس، حيث قام الطفل المغربي بكشف عورة إسلام خوالد من باب المزاح الصبياني، فحاول هذا الأخير الرد، ولما استعصى عليه الأمر استنجد بزميله، وهو جزائري أيضًا، وفي هذه اللحظة دخل مؤطرو التظاهرة الرياضية ووقفوا على ما شاهدوا، وحملوا الحادثة أكثر مما تطيق”. ولدى مثول إسلام أمام الشرطة المغربية لأخذ أقواله حول ما حدث، روى لهم القصة كما عاشها، ثم وقّع على محضر السماع، ونفس الشيء قام به رئيس الوفد الجزائري، وهو رئيس الفيدرالية الجزائرية لرياضة القوارب الشراعية، من دون أن يكونا على علم بمحتوى الكلام المدون، وعمّا إذا تعرضت أقوالهما للتغيير خاصة وأنهما تلقيا وعودًا ب”طيّ الملفّ”. إلى القضاء وتشير التقارير الصحافية الجزائرية إلى أنّ القضية “اتخذت منحى خطيراً بعد أن أصر والد الطفل المغربي، وهو ضابط بالجيش الملكي، على متابعة الطفل إسلام أمام القضاء المغربي، مدعيًا محاولته الاعتداء على ابنه جنسيًا رغم تأكيدات الطفل إسلام وزملائه أن هذا الادعاء باطل وعار عن الصحة”. “يومية الشروق” تقول إن الطفل الجزائري يعتبر هو الضحية في القضية، بما أن الطفل المغربي هو الذي دخل إلى جناح إقامة الوفد الجزائري، وهو الذي بادر بمحاولة نزع لباس الجزائري، في سياق لعب ومزاح أطفال، ولما بادر إسلام خوالد بالرد وهمّ بنزع لباس نظيره المغربي، مستعينًا بمساعدة لاعب جزائري آخر، دخل وفد رياضي مغربي إلى المكان، واعتبر ما حدث “محاولة اعتداء جنسي”. على إثر هذه التطورات، قامت قنصلية الجزائر في الدارالبيضاء بتوكيل محامية البعثة الدبلوماسية للدفاع عن إسلام، وتكفلت بكل ما تتطلبه مثل هذه الوضعيات من إجراءات وتدابير قنصلية وقانونية لحماية الطفل، وهي تنتظر ما ستنتهي إليه التحقيقات. تحرّك جزائريّ يكشف عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة ندى لحقوق الطفل في الجزائر في إفادات ل”إيلاف” عن تحركات يقوم بها في كل الاتجاهات لمساعدة إسلام على تجاوز التهمة الموجهة إليه، ومحاولة إقناع الطرف المغربي بأن إخضاعه للمتابعة القضائية مبالغ فيها. يقول: شكلت “ندى” لجنة من حقوقيين وأخصائيين اجتماعيين لدراسة حالة إسلام وطبيعة التهم الموجهة إليه وفقاً للقانون المغربي والمعاهدة الدولية ذات الصلة، للدفاع عن القاصر الجزائري”. يضيف: التحرك سيكون على مستويين، الأول بتحسيس الجمعيات المغربية المهتمة بالأطفال، والتي سبق وأن تعاملت مع الشبكة الجزائرية، بملابسات القضية وتشجيعها على تنشيط وساطة وإقناع الطرف المغربي بطي الملف، أما المستوى الثاني فيتعلق بالتأسيس كطرف مدني للدفاع قضائياً عن إسلام في حالة تمسك الطرف المغربي بالقضية، وهو ما تسمح به الاتفاقية الموقعة بين الجزائر والمغرب، وكذلك الاتفاقية الدولية التي وقع عليها البلدان”. مخالفات قانونية يفيد عرعار بأن “حجز السلطات الأمنية المغربية للاعب الجزائري القاصر منذ 11 فبراير الماضي مخالف للاتفاقية الدولية، وللمدونة المغربية لعدالة الأطفال نفسها، التي تنص على أن الاحتجاز محدد ب72 ساعة، قابلة للتجديد، وأن الاستماع للقاصر يكون بحضور الأولياء، أو بحضور محامٍ، كما تمكنه من حقوقه الأساسية مثل الدراسة والاتصال بعائلاته، وهذا ما حرم منه إسلام، وسط ظروف نفسية صعبة”. وفي السياق ذاته، أكد بلقاسم ساحلي، كاتب الدولة المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالجالية في الخارج، أن قضية الطفل الجزائري إسلام خوالد، 14 سنة، توجد بين أيدي السلطات العليا في البلاد، مشيراً إلى انتظارهم تقريرًا مفصلاً من سفارة الجزائر بالمغرب حول تطوراتها وما انتهت إليه الجلسات مع قاضي التحقيق المغربي”. من جانبه قال بلقاسم بلعباس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني، إن “اللجنة أجرت محادثات، مع مدير الشؤون المغاربية بوزارة الخارجية، للبحث عن حل سريع لقضية الطفل إسلام والنظر في إمكانية إرسال أعضاء من اللجنة إلى المغرب للمساعدة، والاتصال بنظيرتها في البرلمان المغربي لتقوم، من جهتها، بالإجراءات اللازمة لضمان عودة الطفل إسلام”. وأوضح بلعباس بأن “قضية دعم الجزائر للصحراء المغربية أثّرت كثيرًا على قرارات السلطات الأمنية هناك”، وقال إن “الدعم الذي توجهه الجالية الجزائرية في فرنسا للقضية، مؤخراً، بعملها على إقناع الحكومة الفرنسية ودفعها للاعتراف بالصحراء المغربية وبحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، أثار غضب ونقمة المغاربة”. أما القيادي في حزب العمال، جودي جلول فقال إن “السلطات الدبلوماسية مطالبة بالتدخل لإعادة الطفل في أسرع وقت إلى عائلته، بالنظر إلى كون القضية بسيطة، ومن غير المفهوم اتخاذها لحجم أكبر من إطارها، كون المتهم قاصراً ومن المفترض أن لا يعامل معاملة غير طبيعية”. خشونة قضائية رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، قال في تصريح ل”إيلاف” إنّ التهمة الموجهة للطفل القاصر “ليس لها أي أساس وتم التصرف معه بخشونة قضائية وهذا أمر غير عادي وغير مقبول”، مضيفًا أن هذه الإجراءات ستطول من دون وجود حل ظاهر”. كما أعرب قسنطيني عن أمله في أن “تعود الأمور إلى نصابها على اعتبار أن إسلام طفل قاصر ويحميه القانون وكان من المفروض الاكتفاء بوضعه تحت الرقابة القضائية من دون احتجازه آملاً في أن تفكر السلطات القضائية المغربية في هذا المبدأ وتطلق سراحه في أقرب وقت”. ورفض الوزير الأول الجزائري الرد على اسئلة الصحافيين المتعلقة بهذا الملف بمناسبة افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان