ما زالت تصريحات الأستاذة الباحثة بكلية ابن طفيل، نجاة التواتي بخصوص المضاعفات التي خلفتها لها الحقنة الأولى من لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد 19، تثير الجدل الواسع، من طرف عدد من المختصين والباحثين في السياسات والنظم الصحية. في ذات الإطار، أكد الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية وعضو اللجنة العلمية والتقنية الخاصة لمتابعة كوفيد 19، على أنه لا يهدف من خلال تفاعله هذا الرد عما قالته التواتي، كحالة خاصة، وإنما بهدف الإدلاء برأيه حول مدى احتمال تسبب لقاح كورونا في الإصابة بمرض متلازمة "غيلان باريه" الذي قالت التواتي إنها أصيبت بها بعد تلقيها اللقاح، لتبديد المخاوف التي قد تتشكل لدى بعض الأشخاص ويكون لها الأثار السلبي على الحملة الوطنية للتلقيح والمجهود المبدول لمحاصرة فيروس كورونا في المغرب. وقال حمضي إن النقاش حول أسباب الإصابة بمرض متلازمة "غيلان باريه"، قديم ويعود إلى ما قبل ظهور فيروس كورونا، ومن الأسباب التي يحتمل أن تكون سبب فيه هي نزلات البرد الموسمية، إذ أشارت عدة أبحاث إلى تعرض عدد ممن يصابون بنزلات برد موسمية حول العالم إلى الإصابة ب"غيلان باريه"، لكن؛ يستدرك حمضي، هذا لا يعني استبعاد إمكانية تسبب لقاح كورونا فيه. ويعرف متلازمة "غيلان باريه" بكونه اضطراب عصبي تسببه العدوى الفيروسية حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الأعصاب الطرفية مسبباً تلفاً والتهاباً في الطبقة المغلفة للألياف العصبية مما يمنع الأعصاب من نقل الإشارات العصبية إلى الدماغ، مؤدية إلى الضعف أو التنميل أو الشلل. وأوضح ذات الباحث أنه تم الإبلاغ في بعض البلدان، كأستراليا، عن حالات للإصابة بمرض متلازمة "غيلان باريه" بعد تلقي لقاح كورونا، وهي حالات قليلة جدا مقارنة بالعدد الذي تلقى اللقاح، لكن الدراسات لم تؤكد، لحد الآن، العلاقة المباشرة بين هذه الإصابات واللقاح. ولغرض معرفة مضاعفات اللقاحات، يقول الطبيب حمضي، تطلب وزارة الصحة من المواطنين الذين يتلقون التلقيح إبلاغ اليقظة الدوائية عما إن كانوا قد أحسوا بأعراض جانبية بعد أخدهم للحقنة الأولى، ونفس الأمر بالنسبة للحقنة الثانية"، مشددا على أن "القانون يلزم الأطر الصحية العاملة بهذا المركز، كما يلزم قسم المهنة الأطباء كذلك، بتسجيل أية ملاحظة تلقوها كيفما كانت، وإيلاء حالة صاحبها العناية الكاملة لتتبع التطورات، ودراسة ما إن كان اللقاح هو المتسبب فيها أم هناك أسباب أخرى تزامنت مع تطعيمه". وعن حالة التواتي، قال حمضي، "أنا لم أطلع على ملفها الطبي لمعرفة ما إن كان اللقاح هو من سبب لها "غيلان باريه"، وقد يكون اللقاح هو السبب، لكن قبل قول ذلك يجب التأكد من خلال إجراء العديد من الفحوصات والمتابعات للحالات، ولا أعرف ما إن كانت الفحوصات التي أجرتها بها ما يؤكد العلاقة المباشرة بين اللقاح الذي تم تطعيمها به والإصابة ب"غيلان باريه". أما بخصوص إمكانية لجوئها للقضاء للمطالبة بتعويض، شدد حمضي على أن هذا حقها، وهو مضمون قانونا، وما عليها إلى أن تتوفر على ملف طبي كامل، يحتوي على الوثائق المطلوبة من أجل طلب تعويض"، مشيرا إلى أن "منظومة "كوفاكس" التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي تلق المغرب منها ما يناهز مليون 700 ألف حقنة، وضعت آلية لتعويض المتضررين من لقاحاتها دونما الحاجة إلى اللجوء إلى المحاكم". وعن جواز التلقيح، قال المختص نفسه، "هو وثيقة لا يمكن منحها إلا لمن توفرت فيه الشروط القانونية لحملها، وهي: تلقي جرعتين من اللقاح المضاد لكوفيد19، وفق البروتوكول المتبع في الحملة الوطنية للتلقيح"، مشيرا إلى أن "هناك عدد من الأشخاص لن يتمكنوا من الحصول على هذا الجواز لأسباب مختلفة، من بينها إصابتهم بأمراض تمنع تطعيمهم بلقاح كورونا". وأوضح "أن هؤلاء الأشخاص يمكنه الحصول على رخص من الجهات المعنية من أجل التنقل، سواء داخل المغرب أو خارجه، وفق الشروط التي حددتها السلطات المغربية وكذلك سلطات البلدان التي يرغبون في السفر إليها إن تعلق الأمر بالخارج". وكانت الاستاذة الباحثة بكلية ابن طفيل، نجاة التواتي، قد كشفت في تصريح حصري ل"آشكاين"، أنها أصيبت بشلل في أطراف جسدها السفلى وعلى مستوى وجهها بعد استفادتها من لقاح أسترازينيكا بمركز الجامعة، معتبرة أن اللقاح تسبب لها في التهاب الجهاز العصبي ما تسبب في تأثر حركية وجهها وأطراف جسدها السفلى. وأكدت التواتي، أن الاطباء المشرفين على حالتها تواصلوا مع عدد من المسؤولين على مستوى وزارة الصحة، إلا أنه لم تكن إستجابة من طرف الوزارة المعنية للنداء الذي أطلقه الاطباء، مشددة على أنها قاربت من الموت بسبب مضاعفات اللقاح.