أبرز مقترحات تعديل مدونة الأسرة بالمغرب .. الميراث وتعدد الزوجات والطلاق    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    السكوري: القانون التنظيمي يراهن على منع المشغلين من "شراء الإضراب"    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    أ. الدشيرة يفوت على ا. يعقوب المنصور فرصة الارتقاء للصدارة    تنزيلا للتعليمات الملكية.. هيئة مراجعة مدونة الأسرة تكشف عن التعديلات المعتمدة وهذه أهمها    "على سلامتكم".. وهبي: لا يحق للزوج التعدد إلا في حال عقم الزوجة وتحديد سن الزواج في 18 سنة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    النصيري يرفض الانتقال إلى النصر السعودي على سبيل الاعارة    الصين تكشف عن مخطط جديد لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة    مبعوث الأمم المتحدة: الصراع الجديد في شمال شرق سوريا ينذر بعواقب وخيمة    تركيا: مقتل 12 شخصا على الأقل في انفجار في مصنع ذخيرة    مدونة الأسرة.. علماء المغرب وافقوا على 7 تعديلات منها "اقتسام الأموال المكتسبة" و"الحضانة للمطلقة"    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب                مدونة الأسرة ترفع سن للزواج إلى 17 سنة و"تمنع" تعدد الزوجات            الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مختص في النظم الصحية يوضح أسباب انتشار مرض الحصبة بالمغرب    دعوات برلمانية إلى تحديد السن القانوني الرقمي ب16 عاما    وعكة تدخل بيل كلينتون إلى المستشفى    التامك يحث على مواجهة الإكراهات    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    الفتح يقسو على "الكوديم" بخماسية    موظف بالمحكمة الابتدائية بطنجة خلف القضبان بتهمة النصب وانتحال صفة    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    "نيويورك تايمز": كيف أصبحت كرة القدم المغربية أداة دبلوماسية وتنموية؟    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    أخبار الساحة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر….. “Amorittos”
نشر في أكادير 24 يوم 03 - 10 - 2019


كلمات

… أ تعلمين جارتي؟ اليوم عدت إلى العلبة الكرتونية الملفوفة بلصاق لاصق حيث أرشيفي ، تلك العلبة النائمة بجوار أخواتها القديمة تحت منضدتي الزجاجية الملفوفة بالحديد … و هناك ، وجدت إحدى يومياتي المكتوبة على شكل رواية قصيرة ، كنت قد كتبتها منذ سنوات خلت لتخلد في أوراقي بين مؤلفاتي … اليوم ، ارتأيت أن أشاركك هذه الكلمات المنحوثة في كتابي السري هذا ذو الغلاف الأحمر ، كما دونت فيه لأول مرة ، دون أن أغير فيها شيئا .
“حدث هذا قبل أن يتغير شكل جارك ، و يصير شابا عجوزا …”
مازلت أذكر أيامي السالفة ، حين كنت أنا ، و لم أصبح ما أنا عليه اليوم ، حيث كنت أنا ، بشكلي ، بنَفَسِي ، بقوتي ، بجسدي … مازلت أذكر ، و لا أنكر أبدا مدى نضالي و كفاحي لأعود كما كنت ، إذ اكتفيت من كل شيء ، اكتفيت من جل ما يدور بداخلي و يعتصرني راغبا بتدميري … اكتفيت .
لا يعني هذا بأنني سأستسلم للأمر ، أبدا ، فالاستسلام ليس من شيمي ، و أنت أدرى بأمري ، سأقاتل و أكافح حتى النهاية ، إن فزت ، بالتأكيد سأعود كما كنت ، و إن خسرت ، سأصبح مجرد ذكريات تخلدها كلماتي و جل لحظاتي .
#الشاب_العجوز_
1 – شبيهتي
… قبل مدة قصيرة ، في أحد المهرجانات السينمائية ، التقيت بفتاة جميلة ، شعرها الأسود الناعم منسدل ، و على رأسها قبعة سوداء كقبعتي الرمادية ذو الخطوط السوداء ، و في عينيها ، نظارات شمسية ، و في يدها حقيبتها النسائية و كذا سترة سوداء ملفوفة على اليد نفسها …
و هي ترتدي قميص أبيض ، و قلادة ذهبية في عنقها ، و سروال أسود ، و كذا نعال أسود في قدميها ، أسلوبها في ارتداء الملابس كأسلوبي تماما ، فقط هو مختلف عنه بعض الشيء … هي في 27 أو ربما 28 من عمرها ، غير أنها تبدوا صغيرة رغم طول قامتها … أ كان لقائي بها صدفة؟ لا أدري ، كل ما أعرفه أنها هي الأخرى مخرجة أفلام قصيرة مشاركة بأحد أعمالها في المهرجان .
رأيتها أول مرة في قاعة الطعام بعد وصولي إلى الفندق … بادلتني النظرات بابتسامة لطيفة لثواني ، لتنغمس في الحديث مع إحدى الفتيات المشاركات ، لأنغمس أنا الآخر في الحديث مع أحد المشاركين و الذي يشاركني الغرفة .
… بعد تناولنا لوجبة العشاء ، ارتأت إدارة المهرجان بأن يُعرف كل مشارك بنفسه للمرة الثانية بعد أن عرف بعض المشاركين بنفسهم قبل تناولهم لوجبة الغذاء عند الظهيرة ، كنت أنا من ضمن المشاركين الذين لم يحضروا وقتها ، إذ اتجهت إلى غرفتي لأرتاح فور وصولي إلى الفندق …
صار الكل يعطي نبذة تعريفية عن نفسه ، فما إن حان دوري ، حتى اكتفيت بقول اسمي كالعادة ، لا أحب أن أتحدث عن نفسي ، أعمالي هي من ستتحدث عوضا عني ، و هذه إحدى قواعدي .
شرع مدير المهرجان بإلقاء خطبته الأولى “خطبة ما قبل النوم” ثم عادت الحرية للجميع بعد انتهاء كلمات المدير الطويلة ، لأتجه صوب المسبح رفقة كتاب و فنجان صغير به حليب ساخن و جرعة سكر إضافية كالعادة “أحب السكريات كثيرا هههه” ، جلست ، ثم شرعت في القراءة …
يبدوا أنني في صدد بدأ قصة جديدة ، بينما كنت أقرأ ، تسللت إلى أفكاري صورة الفتاة التي بادلتني النظرات “بابتسامة لطيفة” ثم غرقت في أفكاري متذكرا جل ما حدث في غرفة الطعام ، يا إلاهي ، هي حقا تشبهني ، أ هي من الأشخاص ال 40 الذين يشبهونني؟ كل ما أعرفه ، أنها حقا تشبهني في تصرفاتي و كذا أسلوبي في ارتداء الملابس ، بل و طريقتها في الحديث ، أعجبني الأمر كثيرا … بينما أنا تائه في أفكاري ، شعرت بيد تحط رحالها بجانبي الأيمن ، لأخرج من بحر أفكاري ناظرا إلى صاحب اليد لأجد شبيهتي واقفة خلفي و يدها ممدودة نحوي و ابتسامة مرسومة على شفاهها ، قمت بمد يدي نحوها ، ثم صافحتني قائلة :
– هل يمكنني الجلوس برفقتك؟
– بالتأكيد يا آنسة إلهام ، تفضلي
نظرت إلي بابتسامة قائلة
– أرى أنك حفظت اسمي بسهولة يا …
قاطعتها ، ثم مددت يدي نحوها مرة أخرى قائلا :
– مصطفى ، أموريطوس ، هل سبق و أن سمعت بهذا الاسم؟
تبا ، عشقي للسينما الهندية أثر بي كثيرا ، كان ردي هذا مقتبسا من حوار شاروخ خان في أحد أفلامه الهندية … نظرت إلي و هي ضاحكة ، ثم مدت يدها و صافحتني مرة أخرى
– نعم ، سبق لي أن سمعت باسم مصطفى قبل قليل ، غير أنني لم أسمع باسم أموريطوس أبدا
– هذا أنا آنستي ، الأموريطوسي الوحيد في العالم
– الوحيد؟
– نعم ، الوحيد ، لا أحد يحمل هذا الاسم غيري
– و ماذا يعني؟
– العاشق ، المحبوب …
– بأي لغة؟
– لغتي
بقيت تنظر إلي و هي مستغربة
– أختي إلهام ، ماذا هناك؟ ماذا بك؟
– أ تعلم؟
– ماذا؟
– شكوكي باتت تتأكد
– أي شكوك؟
– لا تدعي السذاجة ، أنت تعلم عما أتحدث
– مهلا ، عما تتحدثين؟
نظرت إلي و هي ضاحكة
– ألم أخبرك بأن شكوكي باتت تتأكد؟ لا شك أنك لاحظت الأمر قبل أن ألاحظه ، على أي ، انسى الأمر ، ما هذه إلا البداية .
تبا ، أقسم أنها تفكر شأني ، بل و تتحدث شأني ، لو كانت في مثل سني لقلت أننا توأمين ، غير أنها تكبرني بسنوات ، هل هذه صدفة؟ أم أن القدر أرادنا أن نلتقي؟
#لحظات1شبيهتي
#رواية_قصيرة
2 – أنجلي
… تبادلنا أطراف الحديث إلى حدود الخامسة صباحا ، ثم اتجه كل منا صوب غرفته ، دخلت إلى غرفتي و وجدت زميلي في الغرفة نائما على سريره ، و هاتفه الصغير بين يديه اللتان تضمانه على صدره ، على ما يبدوا ، نام و هو سعيد ، مطمئن البال … نظرت إليه ، ثم فتحت حقيبتي و أخرجت منها ملابس النوم ، غيرت ملابسي ، و ذهبت إلى دورة المياه لأعود إلى سريري و أستلقي فيه بعد أن غسلت أسناني ، لأتسلق أمواج أفكاري و السعادة تغمرني ، يا سلام ، أ حقا التقيت بإلهام؟ أ حقا تشبهني؟ هل كل هذا حقيقي؟ ربما أحلم ، قمت بِعَضِّ يدي فشعرت بالألم ، كل هذا حقيقي إذا ، سأخبر أنجلي بكل هذا لتشاركني فرحتي
– مهلا ، عن أي أنجلي تتحدث يا أموريطوس؟
– أنجلي ، حبيبتي
– حبيبتك؟ أ نسيت بأنك انفصلت عنها؟ أ نسيت جل ما ارتكبته في حقك من أخطاء؟ أ نسيت بأنك أبعدتها عنك بعد كل هذا؟
– تبا ، لماذا تذكرني؟ لماذا ترغب بأن تفسد سعادتي؟
– أنت من ذكر نفسك بها يا رفيقي ، أ نسيت؟
– لم أنسى
– لماذا إذا تتهمني؟
– آسف ، جراحي القديمة لم تلتئم بعد ، ناهيك عن الجراح الجديدة
– أعلم
– صدقا مازلت أحبها ، لم أنساها يوما رغم كل ما اقترفته و عالمها اللعين في حقي
– أنا على دراية بكل ما حدث و ما يزال يحدث معك
– بوركت رفيقي
– على أي ، ماذا ستفعل الآن؟
– كعادتي ، سأخبر كتابي و أخلد كلماتي هذه شأن جل كلماتي السابقة
– هذه فكرة جميلة ، اكتب إذا
– سأكتب لاحقا
– حسنا ، كما تريد
غيرت سفينة أفكاري اتجاهها بعدها ثم أبحرت صوب بحر أنجلي ، أنجلي ، هذا اسم حبيبتي المستعار ، أنا من أطلق عليها هذا الاسم ، و أحب أن أدللها به ، بقيت أفكر فيها إلى أن سلبني النوم من نفسي ، لألتقي بها بعدها في أحلامي … كان حلما رائعا ، تمنيت لو بقيت نائما لمدة طويلة ، غير أن زميلي في الغرفة أبى إلا أن يقاطع أحلامي تلك و يوقظني من أجل أن أحضر نفسي للذهاب إلى إحدى الورشات التكوينية التابعة للمهرجان طبعا بعد أن نتناول وجبة الفطور في قاعة الطعام .
عذرا ، نسيت أن أتحدث عن زميلي هذا ، اسمه كريم ، هو في 24 أو 25 من عمره غير أنه يبدوا و كأنه في الثلاثينيات من عمره ، له شعر طويل بعض الشيء ، و لحية و شارب ، يرتدي ملابس عصرية “ذو الثمن الباهض” …
أيقظني بحب و مودة ، و كأنني أخوه الصغير ، نظرت إليه بابتسامة ، فقال بنبرة لطيفة
– استيقظ يا أخي ، فوجبة الفطور تنادي
– حسنا أخي
أحب الأشخاص اللطفاء كثيرا ، ناهيك عن الأشخاص المحترمين و البسطاء العفويين ، أما الأشخاص الذين لا يحترمون غيرهم و يتدخلون فيما لا يعنيهم … فأنا أكرههم كثيرا .
– لقد كان حسن هنا ، و قد ذهب لتوه
– حسنا ، أتمنى أن لا يقوم بإلقاء خطبة كخطبة يوم أمس
نظر إلي كريم و هو يضحك ، قائلا
– آمل ألا يفعل ذلك
– “عالله أودي”
حسن ، هو من منظمي المهرجان ، شاب في الثلاثينيات من عمره ، يحب ارتداء البذلات الرسمية السوداء … شكرت كريم ، ثم نهضت من مكاني ، و فتحت حقيبتي السوداء الكبيرة ، و التقطت منها منشفتي الصغيرة و فرشاة و معجون أسنان ، ثم اتجهت صوب دورة المياه و السعادة تغمرني ، مفكرا في أحلامي التي رأيتها في منامي …
اتجهت رفقة كريم إلى قاعة الطعام ، كان على يمين باب القاعة الكبير ، طاولة مستطيلة كبيرة ، عليها ما لذ و طاب من المأكولات و المشروبات ، و طاولة صغيرة بجانب الطاولة المستطيلة الكبيرة ، عليها صحن فارغة صغيرة و أخرى متوسطة الحجم و سكاكين و ملاعق و كذا مناديل … التقطت صحنا فارغا متوسط الحجم ، و ملأته ببعض المأكولات التي أحبها ، ثم جلست في إحدى الطاولات الفارغة ، لينضم إلي كريم ، و تنضم إلينا إلهام و زميلتها في الغرفة ، جلست إلهام بجانبي الأيسر ، و صرنا نتحدث .
طيلة أيام المهرجان الأربعة ، و أنا و إلهام لا نفارق بعضنا البعض ، حتى ظن الجميع بأننا مرتبطين … هو في الحقيقة هناك علاقة وطيدة تربطنا ، غير أنها علاقة أخوة و لا شيء آخر عدى هذا ، نعم إنها أختي الكبيرة الثانية من والدين مختلفين ، أحبها و أحترمها كثيرا … أخبرتها بأسراري ، و أخبرتني هي الآخرى بأسرارها ، تحدث لها عن أنجلي ، و كانت إلهام هي الوحيدة التي شعرت بي و فهمت كلماتي ، كيف لا؟ و هي بالكاد تشبهني؟ و طريقة تفكيرنا متقاربة؟ إنها شبيهتي .
#لحظات2أنجلي
تساؤل و تشابه – 3
… في مساء اليوم الثاني ، خرجت من الحمام بعد استحمامي فور عودتنا من الورشتين التكوينيتين التابعتين للمهرجان ، لأجد كريم ، زميلي في الغرفة ، و الذي صار صديقي فيما بعد ، جالسا على سريره ، و هو يكتب شيئا في هاتفه ، تحدث إلي دون أن ينظر إلي بتاتا
– جميلة هي حبيبتك يا أخي ، الكل يتحدث عنكما ، كن حذرا
نظرت إليه و بنبرة تساؤل أجبته و أنا بالكاد أعرف عما يتحدث
– عماذا تتحدث يا أخي؟
– عن حبيبتك التي تقلدك
أزلت نظراتي عنه ، و أنا أضحك
– و من أخبرك بأنها حبيبتي؟
– أنتما دائما معا ، منذ يوم أمس ، حتى اليوم لم يفارق أي منكما الآخر منذ الصباح ، إذا ….
– إذا ماذا؟
– هي حبيبتك ، فما من شيء يربط الشاب بالفتاة عدى الحب و الجنس
نظرت إليه ، و بنبرة عصبية
– ما هذا التفكير الحيواني الملوث؟ من هذا الأحمق الذي أخبرك بهذا؟
أراد أن يقول شيئا غير أنني استمريت في الحديث
– هناك علاقات كثيرة تربط الشاب بالفتاة غير ما ذكرته لتوك ، لنفترض بأنها حبيبتي ، ما شأنك أنت و غيرك بهذا؟ هذه حياتي ، و أنا حر فيها …
نظر إلي ، و هو لم يفهم شيئا ، ربما لم يكن يتوقع مني كل هذا ، أو ربما أدرك بأن كلماته الفضولية قد استفزتني مما جعله يرى ردة فعل لم يكن يتوقعها مني ، على أي هكذا أنا ، ما بداخلي أبوح به ، و بالأخص إن تدخل شخص ما فيما لا يعنيه …
– شيء آخر ، هذه آخر مرة نتحدث فيها حول هذا الأمر ، أ سمعتني؟
من دون أن أنتظر أي إجابة منه ، التقطت حقيبتي السوداء ذو الحزام الواحد ، و وضعت فيها كتابا “رواية” و
كذا كتابي ، و قلمي الأسود الذي أرسم به كلماتي ، ثم ارتديت قبعتي الرمادية ذو الخطوط السوداء ، و التقطت سترتي الرمادية التي لا تفارقني ، ثم غادرت الغرفة صوب قاعة الاستقبال الخاصة بالفندق ، جلست هناك وحيدا و الغضب يتملكني .
لماذا يتدخل الآخرون دائما في ما لا يعنيهم؟ لماذا يحشرون أنفسهم اللعينة فيما لا يخصهم؟ لماذا يتحدثون عن غيرهم؟ ألم ينهيهم الرسول عن اجتناب الفضول؟ ألم ينهيهم عن النميمة و الغيبة؟ أي مسلمين هؤلاء؟ تبا ، راقبوا أنفسكم ، اصلحوا عيوبكم ، و لا تتدخلوا فيما لا يعنيكم …
من عساه يفهمك؟ أعلم بأنني غريب و مختلف عن هؤلاء ، و اختلافي عنهم واضح ، دائما ترمقه نظراتي .
– من أنت؟
– لا أدري؟
– من تكون؟
– و من يدري؟
– ماذا تفعل في هذا المكان؟ أين كنت قبل أن تأتي إلى هذا العالم؟ ما هو مصيرك؟ لمَ أنت موجود؟
– توقف ، كفاني أسئلة .
كانت هذه بضع أسئلة من أسئلتي الكثيرة التي أطرحها على نفسي في كل مرة ، لم أخبر أحدا عنها ، عدى كتبي السالفة و أغنيتي الهندية التي ألفتها و قمت بإخفاءها إلى أن أعود إليها فيما بعد … إلى حد الآن ، أنا عالق بين الكثير من الأشياء …
بقيت جالسا في غرفة الاستقبال إلى أن انضمت إلي أختي إلهام و زميلتها في الغرفة ، لنغوص في بحر حديثنا ، ريثما يجتمع جل المشاركين و تأتي وسيلة النقل لتأخذنا إلى المؤسسة حيث سيتم عرض الأفلام القصيرة المشاركة في المهرجان .
#لحظات3تشابهوتساؤل
– 4 العاشقة الصادقة
بشرى ، كان هذا اسم زميلة إلهام في الغرفة ، فتاة في 26 من عمرها ، ترتدي ملابس محجبة ، و نظارات بصرية في عينيها ، و خاتم في أصبعها ما قبل الأخير في يدها اليسرى ، خجولة للغاية ، صوتها حنون ، كم هي لطيفة ، تحدثت لنا عن قصة حبها ، ثم عن حبيبها الذي أهداها الخاتم الفضي حيث الحرفين الأولين من اسم كل منهما ، و الذي لا يفارق أصبعها أبدا ، منذ أن وضعه فيه حبيبها لأول مرة … يا سلام ، لم ينقرض العشاق الأوفياء بعد ، آه كم أعجبني هذا …
قصتهما كمعظم القصص الغرامية ، لن أتحدث عنها أبدا ، أفضل أن أحتفظ بها في ذاكرتي ، فلا يجوز أن نتحدث عن أسرار الآخرين و لو كان هذا أحد كتبي السرية التي لا يعلم بأمرها أي أحد عداي ، فلن أتجرأ و أتخطى حدودي و أفشي سر أي كان ، لأنني أعرف تمام المعرفة بأنه سيأتي يوم تنكشف فيه جل الأحرف و الكلمات المكتوبة في هذا الكتاب بعد مرور مدة على اندثاري و رحيلي عن هذا العالم … أتراي سأجد ما أبحث عنه قبل حدوث هذا؟ لا أدري .
لأخبرك أيها القارئ عن مدى حب بشرى و عشقها لحبيبها ، و مدى خوفها عنه ، سأتحدث عن جزء صغير من أحداث قصتهما ، ربما سيبدوا الأمر عاديا بالنسبة لك ، غير أنه يعني الكثير بالنسبة لي ، “إذ أرى فيه أشياء كثيرة” …
في الآونة الأخيرة ، أخبرتني أخته(1) بأنه مضطرب ، حتى أنه لم يعد يحب الذهاب إلى عمله ، ينام كثيرا ، و بعد أن يستيقظ من نومه العميق ، يغادر المنزل دون أن يكلم أحدا ، أين عساه يذهب؟ لا أحد يدري ، حتى هاتفه المحمول يتركه في غرفته ، تغير كثيرا ، مما جعل الخوف يتملكني ، كيف لا؟ و نحن لم نعد نتحدث كثيرا منذ انفصالنا؟
– مهلا ، أترى بشرى تتحدث عن قصتي؟
– قصتك؟
– نعم قصتي
– كفاك هلوسة ، فلا شأن لقصتك بهذا
– ستفهم قصدي فيما بعد
– حسنا ، سنرى
مازلت أحبه رغم كل شيء ، و أعرف أنه مايزال يبادلني الحب هو الآخر
– أوه ! إنها تتحدث بلسانك يا عزيزي أموريطوس
هو حبيبي ، و يوما لن أنكر أحاسيسي ، بالرغم من أنني أتظاهر بعدم حبي له ، فأنا مجنونة بحبه ، و هذه الكلمة ، قليلة في حق مشاعري نحوه “باتت الدموع تنهمر من عينيها” ، ماذا عساي أفعل من أجله ليعود إلى
طبيعته؟ و الله لا أدري ، أخبرت ابنة عمي التي أحكي لها أسراري بالأمر ، فطلبت مني أن آخذ صورته لأحد الرقاة الشرعيين ليرقيها بكلام الله لعله يعود كيفما كان …
كانت تسرد لنا هذه القصة و حزن عميق في عينيها حيث تنهمر أمطار ذو لون أسود خفيف .
ذهبت رفقة ابنة عمي إلى منزل أحد الرقاة الشرعيين ، و جلسنا فور دخولنا على أريكة رفقة نساء ، خارج إحدى الغرف لننتظر لساعات إلى أن حان دورنا … أعطيت الصورة للراقي ، ليتلوا عليها ما تيسر من الذكر الحكيم ، لأفقد نفسي لمدة دون أن أدرك ماذا يحدث من حولي …
حين استيقظت من غيبوبتي التي دامت لساعة و خمسة عشرة دقيقة ، وجدت نفسي ممددة على الأرضية ، و ابنة عمي جالسة على بعد مسافة مني ، و في يدها منديل تمسح به الدموع التي تنهمر من عينيها ، ناظرة إلي و الخوف يكاد يسلبها من نفسها ، بينما أتأمل المكان بنظراتي ، تحدث إلي الراقي ، سائلا إياي عن حالي
– كيف تشعرين الآن يا ابنتي؟
فما إن تغلغل سؤاله هذا إلى أذناي ، حتى شعرت بالدوار و الغثيان ، و ألم غريب يعتصر يداي ، قام الراقي من مكانه ، و خرج من الغرفة مسرعا لإحضار دلو صغير ، بينما اقتربت مني ابنة عمي و عانقتني بقوة ، و هي باكية ، دون أن أعرف سبب بكائها …
(1) أخت الشاب الذي تحبه بشرى .
أحضر الراقي الدلو ، و صرت أتقيأ شيئا أخضر اللون ، كلما تقيأت ، شعرت بالنيران تخرج من بطني ، إلى أن هدأت العواصف التي كانت تهيج بداخلي ، لأعود إلى طبيعتي …
تملكتني الرعشة ، و انهمرت دمعتان من عيناي رغما عني ، و أنا أستمع لكلمات بشرى التي تتحدث عن الرقية … لا أعرف لماذا؟ أ لأنني مسحور كما أعتقد؟ أم أن كوابيسي اللعينة بلغت مبتغاها مني؟ تبا .
دخل حسن ، و طلب منا أن نتجه صوب وسيلة النقل التي تنتظرنا خارج الفندق ، نهضت من مكاني ، ثم خرجت من الفندق رفقة إلهام و بشرى ، لنتوقف بعدها على بعد مسافة صغيرة من السيارة الكبيرة التي ستقلنا إلى قاعة العروض ، لتستأنف بشرى سردها للقصة …
أخبرني الراقي بأنني كنت “مسكونة” من طرف جنية حقودة ، و أنني مسحورة ، و الشخص الذي قام بهذا ، أراد أن يفرق بيني و الشاب الذي أحبه ، و قد أخبرتهم الجنية بأن حبيبي مسحور هو الآخر ، تملكني الخوف لبرهة ، و بعد ثواني قال بأنه قام بإبطال السحرين معا ، و بأنه خلصني من الجنية الحقودة ، فتحت حقيبتي ، و أخرجت منها ورقة نقدية ، و أعطيتها له بعد أن أعطاني قنينة ماء بلاستيكية كبيرة بها ماء ، و طلب مني أن أشرب منها في كل مرة ، و أن أملأها بالماء قبل أن تفرغ ، كي يبقى مفعول الرقية ساريا ، أخذت القنينة ، و غادرت المكان رفقة ابنة عمي … و نحن في طريقنا ، أخبرتني بجل ما حدث لي في منزل الراقي(2) .
بعد أيام ، عاد حبيبي إلى طبيعته ، و عادت إلي سعادتي بعد أن تخلصت من حيرتي و قيودي الغريبة التي كانت تعتصر فؤادي ، مرَّ أسبوع ، و عدنا إلى بعضنا أنا و حبيبي …
نظرت إليها إلهام ، و بابتسامة
– هْمْ ، إذا هو الشخص الذي كنت تتحدثين معه ليلة أمس؟
بابتسامة خجولة أجابتها بشرى
– نعم ، و معه كنت أتحدث اليوم فور استيقاظي من النوم صباحا ، و قريبا سيأتي إلى منزلنا ليطلب يدي من والدي
نظرتُ إليها ، و بابتسامة
– واو ، هذا جيد ، أتمنى لكما التوفيق من صميم قلبي
أجابتني بابتسامة خجولة
– شكرا لك أخي
تذكرت أنجلي مرة أخرى ، نعم حبيبتي أنجلي التي أبعدتها عني منذ شهرين ، لأسافر عبر أفكاري نحوها ، تاركا كل من إلهام و بشرى الواقفتين بقربي تتحدثان … مازلت أتألم ، بليغة هي جراحي ، عميقة هي أكثر مما تتصور …
#لحظات4العاشقة_الصادقة
– 5ألم و اعتراف
كان ذاك لقائي الثاني و الأخير بها ، بعد اعترافنا بأحاسيسنا ، كانت تلك أول و آخر مغامرة قمنا بها معا ، كثيرة هي الأحلام التي نسجناها معا ، كثيرة هي الوعود التي قطعها كل منا للآخر ، مازلت أتذكر وعودي لها ، لم و لن أنساها ، بالرغم من أنها أذنبت في حقي كثيرا ، و جعلتني أعاني ، بأكاذيبها الواضحة ، بتناقضاتها ، بمقايضاتها ، بمساومتها لي ، بسماحها لغيرنا بالتدخل بيني و إياها ، بسماعها لكلمات الآخرين عوض صوت فؤادها …
مازلت أذكر إجابتها المتسرعة تلك ، حين أخبرتها بأنني سآتي رفقة أسرتي الصغيرة ، لأطلب يدها من أهلها الذين يعلمون بالأحاسيس التي نكنها لبعضنا ، لأتزوج بها لاحقا و آتي بها إلى عالمي بشكل نهائي ، أجابتني بسرعة ، من دون أن تفهم أحرفي
– ” مصطفى ، أنا باقا صغيرة ، ماضحكش علييا إيلا كَلت ليك بلي باقا كانعس حدا ماما ملي كانخاف بالليل”.
تبا ، قالت هذه الكلمات ، و هي تتلعثم ، و بنبرة تخوف و دهشة … ثم تحدثنا في الأمر ، و أخبرتها بأنني سآتي إلى منزل أهلها بعد أربع سنوات فوافقت … أحيانا حين نتحدث عبر الرسائل الالكترونية ، يجيبني شخصان آخران غيرها و أخاف أن أكذب إن قلت بأنهم 3 أشخاص ، و أنا أعرفهم تمام المعرفة ، فالفرق في التعبير و كذا الكتابة واضح جدا … حين تكون أنجلي بمفردها ، نمضي معا لحظات جميلة جدا عبر الرسائل و كذا المكالمات الهاتفية ، فما إن ينضم إليها شخص من هؤلاء حتى يتغير كل شيء ، ناهيك عن كذبها المستمر … على أي ، كتابي هذا قد أرخ كل شيء منذ بدايته ، ناهيك عن أرشيفنا الخاص ، و الذي أحتفظ به .
أنا إنسان بسيط ، عفوي ، أحب البساطة و العفوية ، أحب الحقيقة و لو كانت مُرة ، أكره التعقيدات في علاقاتي مع الآخرين ، أحب الوضوح ، أكره الكبرياء الزائف و الغرور …
صرت مختلفة يا أنجلي ، صرت غريبة عني ، لم أعد أعرفك ، أنجلي التي رأيتها أول مرة ، مختلفة تماما عن أنجلي التي أبعدتها عني منذ شهرين ، ماذا حدث لك؟ لمَ هذا التغيير المفاجئ؟ لا أدري ، أين أنجلي التي فعلت المستحيل من أجل حبيبها قبل أن يقع في حبها حتى؟ أين اختفت؟ أ تراها ستعود يوما؟ لا أدري .
– صديقي ، عد إلى السطر
– تبا لك !
ما أعجبني في قصة بشرى الغرامية ، أنها كانت مخلصة و وفية ، تفعل المستحيل من أجل حبيبها بالرغم من انفصالهما لفترة ، جميل هو الحب ، حين يكون عفويا ، بسيطا ، صريحا ، لا كبرياء فيه و لا غرور … هذا هو الحب ،أن لن يهمك أي شيء آخر عدى من تحب و أن تكون مخلصا له و تضحي من أجله ، و تقدر جل ما يفعله من أجلك ، و أن لن تسمح لأي أحد آخر مهما كان بأن يتدخل بينك و بين من تحب ، “ففي الأخير أنت من سيقضي حياتك معه و لا أحد غيرك” ، و أن تعبر عن أحاسيسك بكل عفوية … من عساه يفهم هذه الكلمات؟؟؟
اعتذر مني كريم في ما بعد ، كما اعتذرت منه أنا الآخر ، و انضم إلى الثلاثي الخاص بنا ، أنا و إلهام و بشرى ، قضينا معا لحظات جميلة لن أنساها يوما …
نسيت ، كانت هناك فتاة جميلة ، أعجبت بي ، أخبرتني عبر “الإيميسين” حين مر يوم على عودتي من المهرجان ، غير أنني اعتذرت منها ، و أخبرتها بأنني أحب أنجلي رغم انفصالي عنها ، ضحكت علي هذه الأخيرة و قالت بأنني كلاسيكي … نعم أنا كلاسيكي ، لأنني أؤمن بالحب ، أنا كلاسيكي ، لأنني لست من النوع الذي يستغل الفتيات و يجعل منهن دورة مياه “مرحاضا” يقضي فيهن حاجته و يكمل طريقه تاركا إياهن خلفه ، نعم أنا كلاسيكي ، لأنني لا أحب التلاعب بمشاعر و أحاسيس الآخرين ، و لا أستغل كلمة الحب المقدسة لصالحي ، نعم أنا كلاسيكي ، لأنني مخلص لحبي و أحاسيسي و لا أخون أبدا ، كلاسيكي أنا ، نعم أنا كلاسيكي و أفتخر ، لأنني لست من النوع الذي يرتبط بثلاث أو أربع فتيات في يومين … قمت بحضر و حذف “الإيميسين” الخاص بها لأنني كلاسيكي ، هذا حالي ، و هذه طبيعتي .
هذا يومي الرابع بمدينتي الحبيبة تيكيوين بعد عودتي من المهرجان … و أنا أكتب الآن ، أرى أمامي صورة أنجلي التي ترتدي ملابس سوداء ، و ابتسامة وردية ، خجولة ، مرسومة في شفاهها … كما رأيتها في الحي لأول مرة بعد اعترافنا بمشاعرنا ، بعد أن تنكرت فقط من أجلها كي أراها … مازلت أذكر … آه ، يالها من لحظات جميلة … أحبك أنجلي رغم انفصالنا ، أحبك ، هذه حقيقة أمري ، و يوما لن أنكر أحاسيسي .
– ماذا عن قسمك؟
– يا الله ، اسمع ندائي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.