شكل قطاع الصيد البحري ، إلى جانب الفلاحة والنشاط السياحي خلال عقود متتالية ، الأعمدة الثلاثة التي يرتكز عليها النسيج الاقتصادي لجهة سوس ماسة التي تنتج أزيد من 60 مليار درهم من الناتج الداخلي الخام ، وهو ما يوازي حوالي 7 في المائة من الثروة الوطنية. وتشير المعطيات والأرقام المتداولة حول مساهمة الصيد البحري في خلق الثروة ، سواء على الصعيدين الوطني أو الجهوي ، إلى أن ميناء أكادير الذي يصنف كواحد من أهم المنشآت المينائية على الصعيد الوطني ، خاصة في ما يتعلق بالصيد البحري،حيث يصل حجم الاسماك المصطادة المفرغة في هذا الميناء سنويا لحوالي 95 الف طن. وإلى جانب هذه القدرات الخاصة بالصيد البحري ، فإن هذه الجهة تتوفر على مجموعة من المؤهلات والتجهيزات التي من شأنها المساعدة على خلق وتطوير مشاريع في مجال تربية الأحياء البحرية ، لاسيما وأن طول شواطئ هذه الجهة يمتد على مسافة 320 كلم ، فضلا عن كون مياهها تختزن تنوعا إحيائيا بحريا يشجع على الإقبال على خلق مشاريع استثمارية في مجال تربية الأحياء البحرية. ومن جملة هذه المؤهلات هناك المركب المينائي لأكادير الذي يضم ميناء للصيد يصل طول رصيفه 3826 مترا خطيا ( يحتوي على ميناء قديم للصيد ، وآخر جديد)إضافة إلى توفر المنطقة على عدد من قرى الصيادين ، ونقاط أخرى مهيئة لرسو مراكب الصيد التقليدي. وإلى جانب ذلك ، فإن المنطقة تتوفر على وحدات لتصنيع وتثمين منتجات الصيد البحري ، علاوة عن كون الاشغال الخاصة بخلق منطقة صناعية تنافسية ذات معايير دولية في ما يتعلق بتحويل المنتجات البحري ( هاليوبول أكادير)، قطعت اشواطا كبيرة ، مما يشكل عاملا إضافيا مشجعا على انطلاقة موفقة لمشاريع استثمارية في مجال تربية الأحياء البحرية. وتفيد الدراسات التي أجريت في هذا الصدد أنه إلى جانب تواجد مواقع ملائمة لإنشاء مشاريع استثمارية من هذا القبيل ، فإن جهة سوس ماسة تتوفر ايضا على مجموعة من المعطيات الطبيعية والمناخية المساعدة على انطلاقة موفقة لمشاريع تربية الأحياء البحرية من قبيل توفر درجة حرارة مناسبة ، ومياه ذات جودة عالية وغيرها . وتجاوبا مع مجموع هذه المؤهلات ، عملت «الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية « (أندا) ، على وضع استراتيجية وطنية للنهوض بهذا النشاط الاقتصادي وذلك على طول الشواطئ المغربية ، ومن ضمنها الشواطئ الممتدة على طول الواجهة البحرية لجهة سوس ماسة ، وذلك وفق مقاربة تعتمد منطق التنمية المستدامة ، والحفاظ على الثروات البحرية . وتمتد المساحة المخصصة لتربية الأحياء البحرية في جهة سوس ماسة على أزيد من 4 آلاف هكتار ، مقسمة على أربع مناطق مخصصة لإنشاء مزارع لتربية ثلاثة اصناف من الأحياء البحرية وهي الصدفيات والطحالب البحرية ، إلى جانب الاسماك. واستنادا للمعطيات المتوفرة لدى الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية ، فإن المنطقة الأولى التي تتواجد في منطقة إمسوان تامري ( شمال مدينة أكادير)، خصصت لإنشاء 48 وحدة لتربية الصدفيات ، حيث تبلغ مساحة كل وحدة منها 15 هكتارا. أما المنطقة الثانية الواقعة بدورها شمال مدينة أكادير ، وهي كاب غير تامراغت ، فخصصت لإنشاء 48 وحدة لتربية الأسماك ، تبلغ مساحة كل وحدة منها 25 هكتارا، إضافة إلى إنشاء 42 وحدة ، على مساحة 15 هكتارا لكل واحدة منها قصد تربية الصدفيات . وعلى شاطئ منطقة نيفنيت وادي ماسة ، في إقليم اشتوكة ايت باها تقرر إنشاء المنطقة الثالثة المخصصة لخلق 72 وحدة إنتاج على مساحة 15 هكتارا لكل وحدة ، حيث ستخصص 48 وحدة لتربية الصدفيات ، و 24 وحدة لتربية الطحالب البحرية. بينما تمتد المنطقة الرابعة في وادي ماسة سيدي بولفضايل (إقليم اشتوكة ايت باها) على مساحة إجمالية تصل الى 1080 هكتارا ، وتتوزع على 72 وحدة إنتاج الصدفيات ، تصل مساحة كل وحدة منها 15 هكتار. وبعد إطلاق طلبات إبداء اهتمام من طرف الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية بخصوص خلق 29 وحدة إنتاجية متخصصة في تربية الطحالب البحرية والصدفيات ، تغطي مساحة محددة في 1380 هكتارا، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 27 دجنبر 2017 و27 ماي 2018 ، أسفرت عملية الفرز التي شملت الملفات المقدمة في هذا الإطار عن انتقاء 23 مشروعا قابلا للتنفيذ ، وذلك باستثمار مالي يبلغ 400 مليون درهم ، فيما ستوفر هذه المشاريع 620 فرصة عمل. ومن شأن تنفيذ هذه المشاريع أن تؤسس لإحداث انطلاقة موفقة في مجال تربية الأحياء البحرية بجهة سوس ماسة ، وكذا على الصعيد الوطني ،لاسيما وأن هذه المشاريع التي ستستغل 60 وحدة إنتاجية ، على مساحة 900 هكتار ، من المتوقع أن تنتج حوالي 000 62 طن من الصدفيات و الطحالب البحرية سنويا . ومن بين هذه المشاريع التي وقع عليها الاختيار ، هناك ثلاثة مشاريع ستستغل من طرف 11 مقاولا شابا سلكوا مسار الاستثمار في نشاط تربية الأحياء البحرية في جهة سوس ماسة، كما تم تخصيص فرص استثمارية للتعاونيات المحلية للصيد التقليدي والمهتمة بتربية الأحياء البحرية كدعامة للتنمية المحلية ، حيث ستستفيد من برنامج للإشراف والدعم التقني لتيسير عملية تنفيذ هذه المشاريع في أفضل الظروف. حسن هرماس – و م ع