مرة أخرى استرعى انتباهي وجود قنينات من حجم لتر و خمس لترات مليئة بزيت الزيتون حسب إدعاء الباعة، لا تحمل أية إشارة لمصدرها و هي معروضة للبيع ببعض المحلات التجارية بإنزكان . وهنا يجب أن نستحضر عدة تساؤلات عن ماهية و مكونات هذه المادة المعروضة للبيع قصد الاستهلاك الآدمي. و لفهم هذا الموضوع أحيلكم على مقال لي قد سبق أن نشر على الموقع الإلكتروني لأكادير 24 وهو كالآتي: لا شك أن المواطن قد لاحظ في الأسابيع الأخيرة ندرة أو بالأصح غياب زيت الزيتون (زيت العود) عن الأسواق و نحن نعرف جيدا أهمية وجود هذه المادة الحيوية في حياة الإنسان المغربي. بل أصبحت تعد من ركائز الثقافة الغذائية لكل مواطن. فلا تخلو أية مائدة مغربية من الحضور القوي و البارز لهذه المادة وذلك لما لها من فوائد جمة لصحة الإنسان. إلا أن هذا المواطن يعاني في الآونة الخيرة من غياب هذه المادة من الأسواق و إن وجدت على ندرتها تكون الأثمنة جد مرتفعة و تفوق بكثير القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين البسطاء. و نحن هنا لن نغوص في أسباب الغياب و لن نتحدث عن غلاء الثمن. لكم ما أثار انتباهي كمهتم بما يعرض للبيع في الأسواق المغربية و خصوصا السوسية منها، فإنني لاحظت كباقي المتسوقين خلال الأيام الأخيرة، انتشار نوع خاص من زيت الزيتون (زيت العود) معبأة في قارورات بلاستيكية أنيقة و جديدة و تبدو أنها نظيفة. جميل جدا أن نرى زيت العود تغزو الأسواق من جديد و في وعاء جديد و نظيف ، إلا أن الغريب في الأمر هو عدم التمكن من معرفة مصدر هذه الزيوت التي تعرض تقريبا في جميع نقط البيع بأكادير و إنزكان و أيت ملول. هذه القارورات البلاستيكية لا تحمل أية ورقة أو عنونة أو بيانات قد تفيد المستهلك في معرفة مصدر أو منتج هذه المادة، و بالتالي فلا أحد حتى من البائعين أنفسهم لا يستطيع أن يدلنا عن السلسلة الغذائية لهذا المنتوج المجهول الهوية، لا أحد يقدر أن يكشف مراحل إنتاج هذه المادة الغذائية ومناولتها ومعالجتها وتحويلها وتلفيفها و تعبئتها وتوضيبها ونقلها وخزنها وتوزيعها وعرضها للبيع انطلاقا من المنتجات الأولية ( حبوب الزيتون) حتى عرضها للبيع أو تسليمها إلى المستهلك النهائي كما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل في هذه الميدان. فكيف لي أنا كمستهلك لهذا المنتوج المجهول المصدر أن أثق في محتوى هذه القارورات البلاستيكية و أنا أرى بأم عيني أن لون هذه المادة غير طبيعي، بحيث يميل إلى الاخضرار الداكن بشكل مختلف عن اللون المعتاد لزيت الزيتون التي اعتدت تناولها من سنين كباقي شرائح المجتمع المغربي المولوع بهذه المادة الغذائية الرائعة. وهنا لابد أن أستحضر مقتضيات القانون رقم 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الصادر بتاريخ 11 فبراير 2010، و خصوصا المادة 16 و التي تتعلق بإخبار أو أعلام المستهلك، بحيث حسب هذا القانون فإنه “يجب أن يتوفر كل منتوج غذائي أو مادة معدة لتغذية الحيوانات معروضة في السوق الوطنية أو سيتم عرضها أو موجهة للتصدير أو مستوردة على عنونة مطابقة للشروط المطبقة عليها بموجب أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه أو طبقا لأي نص تشريعي أو تنظيمي خاص يطبق عليها بهدف تسهيل عملية التتبع.” و تضيف المادة رقم 17 من نفس القانون أنه “يجب أن تنجز عنونة المنتوج الأولي أو المنتوج الغذائي أو المادة المعدة لتغذية الحيوانات المعروضة للبيع في السوق الوطنية أو المصدرة بشكل يسمح لمستعمليها، بما في ذلك المستهلك النهائي، أن يطلع على خصائصها.” كما يعاقب بغرامة مالية من 5.000 درهم إلى 20.000 درهم ، كل من ” عرض في السوق الوطنية أو صدر أو استورد منتوجا أو مادة لا تتوفر على عنونة مطابقة للشروط المطبقة عليها بموجب أحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه أو طبقا لأي نص تشريعي أو تنظيمي خاص” المادة 26 من نفس القانون. وإذا انتقلنا إلى القانون رقم 13.83 المتعلق بالجزر عن الغش في البضاعة (31/01/1983)، فإنه تطبق العقوبات المنصوص عليها في الفصل الأول “كل من زيف مواد غذائية يستهلكها الإنسان أو الحيوان أو مواد مستعملة للمداواة أو مشروبات أو منتجات فلاحية أو طبيعية معدة للبيع أو للتوزيع.” كما أنه حسب دائما مقتضيات الفصل الأول من القانون المذكور أعلاه ، فإنه يتعتبر “مرتكبا للغش عن طريق الخداع أو التزييف كل من غالط المتعاقد بوسيلة ما في جوهر أو كمية الشيء المصرح به أو قام بعملية تهدف عن طريق التدليس إلى تغييرهما. و يعاقب الفاعل بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات و بغرامة من ألف و مائتي درهم إلى أربعة و عشرون ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.” وإذا كانت هذه الزيوت ( زيت العود) تعرض للبيع علانية في الأسواق بأكادير و إنزكان و حتى في الدكاكين الصغيرة ودون أن تحمل أية عنونة أو إشارة إلى مصدرها الحقيقي كما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل في هذا الباب، فكيف للمستهلك المغربي أن يقتنيها؟ و إذا كان مصدرها مجهولا، يمكن أن تشكل خطرا على سلامة صحة المستهلك. و في هذه الحالة، المطلوب من الجهات المختصة و خصوصا أعوان المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية تنظيم حملات مستمرة للتأكد من هذه المادة التي تعرض للبيع. و في نفس السياق، يرجى من المستهلك توخي الحذر و اليقظة عند عملية اقتناء مادة “زيت العود” التي يتناولها الجميع بكميات كبيرة. فحذر شديد للوصول إلى سلامة مضمونة و شهية طيبة للجميع.