استعاد الحسين بويعقوبي، أستاذ باحث بمسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الانسانية، شريط الأجواء التي سبقت مقتل عبد الرحيم بدري، الطالب الذي كان قيد حياته يتابع دراسته بالسنة ثالثة قانون عام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بابن زهر بأكادير، ولقي مصرعه في أحداث دموية وقعت صباح أول يوم أمس السبت في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية؛ وقال الحسين "سأحكي الوقائع كما عشتها عن قرب إلى جانب زملائي الأساتذة ودون تأويل، مساهمة مني في توضيح بعض الأمور للرأي العام الذي تتساقط عليه المعلومات من كل حدب وصوب بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يصعب عليه الفصل بين الحقيقة والمتخيل". وتابع بويعقوبي في تدوينة على صفحته في الفايسبوك: "سأكتفي بالحديث عن يومي 18 و19 ماي 2018، وهي آخر أيام امتحانات شعبة الدراسات الأمازيغية التي بدأت قبل أيام". وتحدث الأستاذ، عن اليوم الذي سبق حدوث مقتل الطالب، المنحدر من كلميم والمزداد في 15 فبراير 1994: "حوالي الساعة ال10 صباحا من يوم 18 ماي اتصل بي بعض طلبة الشعبة في جو من الرعب والخوف يشتكون من وجود عناصر "صحراوية" تتربص بهم في الساحة وتستفزهم للحيلولة دون اجتياز الامتحانات". وتابع الأستاذ بالقول: "في نفس السياق، وقبل بداية امتحان المادة الثانية المبرمجة صبيحة يوم 18، جاءت بعض العناصر التي يصعب تحديد هويتها، تحوم حول القاعتين 1 و2 دون الدخول. وقاموا باستفزاز بعض الطلبة، لكن حضور مسؤولي الكلية وبقاءهم قرب القاعات لمدة طويلة أسهم في مغادرة هذه العناصر للمكان وتلطيف الأجواء وتوفير ظروف الامتحان الذي مر نسبيا بسلام". وأردف الأستاذ الباحث بمسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الانسانية: "ليلة نفس اليوم ستنتشر أخبار بين الطلبة بإمكانية وقوع مواجهات عنيفة في اليوم الموالي؛ وهو ما جعل الرعب ينتشر بينهم، ويتساءلون إن كانوا سيجتازون الامتحان في اليوم الموالي أم لا؟". و بخصوص اليوم الذي لقي فيه ذلك الطالب بدري حتفه، كتب بويعقوبي: "دخل الطلبة الذين تمكنوا من الحضور للقاعتين 1 و2 ابتداء من الساعة الثامنة والنصف صباحا لاجتياز مادتي شخصيا. كانت الأجواء مشحونة بسبب إحساس الجميع بتوتر الوضع، وكان الترقب هو السائد. وزعت الأوراق كالعادة، وبدأ الطلبة في الإجابة عن السؤال المطروح، تحت ضغط الخوف مما سيقع؛ بل هناك من الطالبات من بكين من شدة الخوف. بعد مضي نصف ساعة، أي الساعة التاسعة، بدأ الصياح يعلو في الساحة". وقد وصف بويعقوبي الأجواء التي كانت سائدة داخل الكلية في ظل الوضع المحتقن بقوله: "بقي الطلبة في قاعاتهم لإتمام الامتحان، وفي الساحة أصبح الكل يركض في كل الاتجاهات، خاصة في اتجاه الباب الرئيسي للكلية، وبدأ التراشق بالحجارة بين أشخاص أغلبهم ملثم ويصعب تحديد هويتهم، كما ظهرت الأسلحة البيضاء والهراوات واستمر الصراع قرابة الساعة، في الممرات الداخلية للكلية وأمام الباب الرئيسي، وبقي الأساتذة في قاعاتهم يسعون إلى توفير الظروف المواتية لاجتياز الامتحان، ويتناوبون على الحراسة لمتابعة الأوضاع عن بُعد". ثم استطرد: "انتهى الامتحان الأول على الساعة ال10 صباحا، وأُخبِرَ الطلبة بتأجيل اجتياز المادتين المتبقيتين لوقت لاحق. تفرق الجميع لأن الوضع كان هادئا نسبيا في كلية الآداب على الساعة ال10". وقد ختم بويعقوبي شهادته بالقول: "أوردت هذه التفاصيل كما عاشها أساتذة شعبة الدراسات الأمازيغية الحاضرون لتوفير ظروف الامتحان، إلى حدود الساعة العاشرة صباحا من يوم 19 ماي، لكي تتضح الرؤية كما عشنا الوضع خلال يومين. بعد ذلك، بدأت الأخبار تصلنا تباعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي". ولم يغفل بويعقوبي تجديد "إدانته للعنف" و"تأكيدي على أن الجامعة يجب أن تكون للتحصيل العلمي والتكوين المعرفي، كما أتضامن مع طلبة شعبة الدراسات الأمازيغية الذين مورست عليهم استفزازات وفرض عليهم اجتياز الامتحان في الظروف التي شرحتها أعلاه". يُذكر أن صفحات فايسبوكية تابعة "للطلبة الصحراويين" نعت الطالب عبد الرحيم بدري، ونشرت صوره حاملا لعلم البوليساريو في مناسبات كثيرة.