الشيشة أو النرجيلة ظاهرة اتسع نطاق تعاطيها في أوساط رجال ونساء وشباب مدينة أكادير بشكل فاضح وملفت للنظر إذ تجاوز عدد المقاهي والملاهي التي تقدم خدمة هذا المنتوج الدخيل على المجتمع السوسي المعروف بحافظته وتدينه وكذا تسامحه السبعين محلا منها ما يزيد عن 30 مقهى و40 ملهى ليلي، فبعدما كان السوسي يعرف النرجيلة من شكلها وصوتها من خلال الصورة المقدمة له عبر المسلسلات والأفلام المصرية كالعمدة والسي السيد وغيرها، أصبح اليوم أسيرا لهذه المادة بعد معاشرتها إثر دخولها أكادير عن طريق المطاعم الشرقية بداية بدعوى إنعاش السياحة قبل أن تنتقل إلى الملاهي الليلية ومنها الى المقاهي ونظرا للوثيرة المتسارعة لانتشارها خصوصا وسط النساء بنسبة 70 بالمئة مقابل 30 بالمائة وسط الذكور بات من غير المستبعد أن يصبح تقديمها في البيوت السوسية لدى الأجيال القادمة من باب إكرام الضيف. الشيشة اليوم بأكادير تقدم في محلات أثثت فضاءاتها على إيحاءات غريزية، بحيث تجد مقاهي تعاطي هذا النوع من التدخين دافئة إلى خانقة -بفعل الفحم المحترق- وتضع ستائر خاصة في غالب الأحيان حمراء اللون وأشكال هندسية ورسوم خاصة على الجدران، بالإضافة إلى أضواء خافتة وكذا أرائك مريحة ومثيرة وموسيقى جل الأحوال تكون صاخبة وكثيرا ما تعتبر هاته المقاهي مقبلات قبل اللجوء والانصراف الى العلب الليلية، مع العلم أن أرباب بعض هذه الملاهي هم أصحاب تلك المقاهي، ويبقى الخطير في الأمر أن هذه المحلات بدأت تستهوي الطلبة والطالبات قاصرين وراشدين لما توفره كما سلف الذكر من أجواء تساير ميولات وأهواء شرائح و فئات عمرية معينة حيث يشكل لديهم نفث الدخان الكثيف للنرجيلة عند احتراق المادة التبغية المعسل حالة من وهم السيادة وإكمال النقص الوجودي. هذا وإن كان البعض لا يرى في تدخين مادة الشيشة أنه يشكل بحد ذاته عملا مشينا ومخلا بالأخلاق العامة، فإن الكثيرين يعتبرون تعاطي هذا النوع من التبغ عادة دخيلة على المجتمع السوسي المحافظ، ويحق بل يجب على السلطة الولائية والجماعية والمحلية في إطار تدابير الشرطة الإدارية اتخاذ القرارات اللازمة لمحاصرة هذه الظاهرة والعمل على تطويقها حماية للشباب الأكاديري من مخاطرها الصحية المتنوعة، وحماية للمجتمع ككل من الآفات التي تنتج عنها من قبيل استهلاك المخدرات واتخاذها وسيلة لنشر الفساد والانحلال الأخلاقي في الفضاءات العمومية، حيث أن تقييد استهلاك هذه المادة المسرطنة ومنع انتشارها يدخل في باب القاعدة الفقهية: *درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة* إذا اعتبرنا المصلحة المادية التي يجنيها أصحاب المقاهي والملاهي من هذا النشاط والتي تتراوح ما بين ستة إلى 14 مليون سنتيم شهريا، كما أنه ينسجم مع بعض النصوص القانونية كالقانون رقم 15-91 المتعلق بمنع التدخين والدعاية للتبغ في بعض الأماكن العمومية، والقانون رقم 02-46 المتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع، والقانون رقم 03-13 المتعلق بمكافحة ثلوث الهواء، وكذا المادة 50 من الميثاق الجماعي الجديد ومع باقي المقتضيات القانونية الملزمة للسلطات المنتخبة والمحلية باتخاذ تدابير حماية الأمن الصحي والبيئي للوطن والمواطنين. ويبقى التساؤل المشروع على لسان الأكادريين، هل سيحدوا إخوان بنكيران بمجلس أكادير حدو إخوانهم بفاس ويمنعون تقديم خدمة هناك إجماع على أن ضررها أبلغ من نفعها إن كان فيها نفع ؟