قبل التعليق على هذا القرار ومناقشة الإطار القانوني المطبق على النازلة المعروضة على أنظار محكمة النقض ومدى أحقية الطعن بالنقض أمامها والتعليق على تعليل القرار،لابد من التذكير بالوقائع ومختلف الإجراءات القضائية الخاصة بهذه النازلة. أولا:التذكير بالإجراءات القضائية: صورة القضية: تقدم السيد ….بتاريخ 21/08/2015 بمقال أمام المحكمة الابتدائية بكلميم عرض فيه بأنه تقدم بترشيحه باسم لائحة حزب…………….بصفته وكيلا لها لعضوية مجلس جهة كلميم واد نون برسم الدائرة الانتخابية كلميم؛إلا أن الجهة المكلفة بتلقي الترشيحات رفضت ترشيحه بعلة كونه مهاجر مغربي مقيم بالمهجر ويتعين عليه الإدلاء بالسجل العدلي الخاص ببلد الإقامة ملتمسا الحكم بإلغاء قرار اللجنة المكلفة بتلقي الترشيحات لجهة كلميم وادنون برسم الدائرة؛حيث قضت المحكمة برفض طلبه وهو ما حدا به إلى الطعن ضد هذا الحكم بالنقض حيث قضت محكمة النقض بتاريخ 02/09/2015 في الملف رقم 3354/4/1/2015 بنقض الحكم وإحالة الملف على نفس المحكمة للبت فيه من جديد طبقا للقانون. وبعد إحالة القضية أمام المحكمة الابتدائية بكلميم وإدراجها من جديد أمامها وحضور الطرفين أصدرت بتاريخ 3/09/2015 في الملف عدد 691/2015 حكما يقضي برفض الطلب وهو الحكم الذي طعن فيه الطالب من جديد بالنقض؛فأصدرت محكمة النقض قرارها عدد 2027 بتاريخ 8/10/2015 في الملف عدد 3917/4/1/2015 يقضي بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الملف القضية على المحكمة الابتدائية بتزنيت للبت فيه من جديد ؛وبعد الإحالة وتعيين القضية وجواب الطرفين أصدرت هذه المحكمة بتاريخ 10/11/2015 حكمها عدد 47/2015 القاضي بإلغاء قرار والي جهة كلميم وادنون الصادر بتاريخ 21/08/2015 برفض لائحة الترشيح المسماة…..تحت عدد ….وهو الحكم الذي طعن فيه …..بالنقض أمام محكمة النقض حيث أصدرت بتاريخ 11/02/2016 قرارا عدد 237/1 في الملف رقم 4766/4/1/2015 يقضي بنقض الحكم المطعون فيه وهو القرار موضوع التعليق. ثانيا:التعليق على القرار: 1-في الإطار القانوني للنزاع ومدى قابلية الحكم الانتهائي الصادر عن المحكمة الابتدائية للطعن بالنقض: نظم المشرع المغربي طريقة انتخاب أعضاء الجهة في القانون التنظيمي رقم 11/56. وبالرجوع الى هذا القانون التنظيمي في الجزء الثالث المتعلق بالمنازعات الانتخابية في الباب الأول المتعلق بالطعون المتعلقة بالترشيحات نجده ينص في المادة 26 « يفصل في النزاعات المتعلقة بإيداع الترشيحات وفق الأحكام الآتية مع مراعاة الأحكام الأخرى المحددة في هذا القانون التنظيمي. لكل مرشح رفض ترشيحه أن يطعن في قرار الرفض أمام المحكمة الإدارية التي يشمل نطاق اختصاصها الدائرة الانتخابية التي ترشح فيها. يسجل الطعن مجانا وتبت فيه المحكمة الإدارية ابتدائيا وانتهائيا خلال الآجل المحدد حسب الحالة ابتداء من تاريخ إيداعه بكتابة ضبطها؛وتبلغ حكمها فورا إلى المعني بالأمر وإلى السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات التي يجب عليها أن تسجل فورا الترشيحات التي حكمت المحكمة بقبولها وتعلنها للناخبين حسب الكيفية المنصوص عليها في المادة 9 أعلاه. لا يمكن الطعن في حكم المحكمة الإدارية أو المنازعة في قرار قبول الترشيح إلا بمناسبة الطعن في نتيجة الانتخاب. تنص المادة 97: «تقدم الطعون المتعلقة بالمنازعات ويفصل فيها وفق الأحكام المنصوص عليها في الجزء الثالث من القسم الأول من هذا القانون التنظيمي وأحكام القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية مع مراعاة مايلي: -يمكن لكل مرشح رفض ترشيحه أن يطعن في قرار الرفض خلال أجل يومين يبتدئ من تاريخ تبليغه إياه. -تبت المحكمة الإدارية في الطعن المتعلق بإيداع الترشيحات ابتدائيا وانتهائيا خلال أجل ثلاثة أيام. -يبلغ حكم المحكمة إلى المعني بالأمر وإلى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح التي تقوم في الحال بتسجيل الترشيح المعلن عن قبوله من لدن المحكمة ورفعه إلى علم الناخبين حسب الكيفية المنصوص عليها في المادة 9 من هذا القانون التنطيمي. -ترفع إلى المحكمة الإدارية دعاوى الطعن ضد قرارات مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجان الإحصاء فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية وإحصاء الأصوات وإعلان نتائج الاقتراع. وتنص المادة 161:« استثناء من أحكام المواد 26 و97 و122 و151 من هذا القانون التنظيمي ؛تقدم الطعون المتعلقة بالترشيحات وجوبا أمام المحكمة الابتدائية المختصة وفقا للكيفيات وفي الآجال المحددة في المواد المذكورة وتبت المحكمة طبقا لأحكام هذه المواد. لا تطبق الأحكام الاستثنائية المنصوص عليها في الفقرة السابقة في العمالات والأقاليم حيث يوجد مقر محكمة إدارية. في حالة رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية مع وجود اختصاص محكمة ابتدائية بالنظر في الطعن بموجب الفقرة الأولى أعلاه؛يجب على المحكمة الإدارية رفض الطعن المقدم أمامها. 3-التعليق: ان قراءة قرار محكمة النقض موضوع التعليق ستؤدي إلى القول أن الأمر يتعلق بالطعن في قرار والي جهة كلميم القاضي برفض ترشيح الطاعن لعضوية جهة كلميم. وبالتالي فهذا الطعن يخضع لمقتضيات المادة 26 من القانون التنظيمي رقم 11/56 وأن الاختصاص بالبت في هذا الطعن يبقى للمحكمة الابتدائية بكلميم طبقا للمادة من 161 من القانون التنظيمي باعتبار أن هذه المادة تستثني اختصاص المحكمة الإدارية بأكادير للبت في هذا الطعن لصالح المحكمة الابتدائية بكلميم. ومادامت المحكمة الابتدائية بكلميم قضت برفض الطعن. ومادام هذا الحكم ابتدائي وانتهائي فإنه لا يقبل أي طعن بما فيه النقض طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون التنظيمي باعتبار هذا الحكم يمكن الطعن فيه بمناسبة الطعن في نتيجة الانتخاب. وبالتالي كان على محكمة النقض أن تقضي بعدم قبول الطعن ضد الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بكلميم طبقا لهذه المادة. كما كان على الطاعن الانتظار إلى حين إعلان نتائج الاقتراع الخاصة بانتخاب أعضاء هذه الجهة والطعن فيها أمام المحكمة الإدارية طبقا للمواد 27 و28 و29 و30 و31 والمادة 97 من هذا القانون التنظيمي مع اعتماد الطعن على حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بكلميم كوسيلة أو سبب للطعن في العملية الانتخابية طبقا للفقرة الاخيرة من المادة 26 من القانون التنظيمي. وبالتالي فإن محكمة النقض لم تكون موفقة فيما قضت به سواء لما قبلت الطعن بالنقض ضد الحكم الصادر عن ابتدائية كلميم مرتين أو الطعن بالنقض ضد الحكم الابتدائي الصادر عن ابتدائية تزنيت بعد الإحالة مرتين. مما يجعل ما قضت به محكمة النقض مخالف لروح المادة 26 من القانون التنظيمي رقم 11/56 وأهداف المشرع في هذه المادة لأن ما قيمة حكم نهائي يقضي بأحقية الطاعن في الترشيح لانتخابات جهوية والطاعن لم يطعن في نتائجها داخل اجل 8 أيام من تاريخ إيداع المحاضر وبالتالي فهي نتائج نهائية ومحصنة لفوات آجل الطعن؟ . الأستاذ يوسف أبو الحقوق