لكل شعب وأمة عادات وتقاليد تميزها عن بقية الشعوب والأمم،فنحن المغاربة نتميز بعادات في طريقة اللباس والأكل والترحاب والاحتفال والغناء…إلا أن ما يميزنا أكثر هي تلك الطقوس التي نمارسها في بعض المناسبات الدينية والتي غالبا ما تختلط فيها العادة بالعبادة، مما يؤدي إلى نوع من الالتباس وعدم التمييز بين المفهومين . وهاهو شهر رمضان المبارك قد حل علينا مرفوقا بمجموعة من العادات التي لا تظهر إلا في هذا الشهر الكريم بينما تكاد تختفي في الشهور الأخرى،حيث نلاحظ هذه الأيام تهافت الناس على استهلاك بعض المأكولات التي يتم تحضيرها خصيصا لهذا الشهر،فرغم قيمتها الغذائية وما تعكسه من كرم وحفاوة لدى المغاربة ،فهي كذلك تبدير للمال الذي يمكن أن يصرف في أولويات أخرى ملحة كالتجهيزات المنزلية ومستلزمات تمدرس الأبناء ومصاريف الصحة…كما أن هذا يعتبر أيضا تبديرا للوقت عند التحضير والتهييء عوض استثماره في مجال العبادة مادام أننا في شهر الغفران،إضافة إلى هذا فلا ننسى تلك الأضرار الصحية الناجمة عن الاستهلاك المفرط لبعض المواد الغنية بالذهنيات والسكريات…ولا غرابة أن بعض هذه الأطعمة يستغرق شهرا كاملا في تهييئه قبل رمضان،مما جعل هذه المناسبة الدينية كلها مختزلة في نوعية الأطعمة التي تستهلك فيها من مغرب الشمس إلى مطلعها.أضف إلى هذه العادة عادة أخرى لا تقل أهمية في هذا الشهر المبارك، وهي إقبال الناس على المساجد وخاصة عند صلاة العشاء والتراويح بينما أثناء صلاتي المغرب والصبح تلهيهم موائدهم وأشياء أخرى عن الصلاة إلى حين،ومن هؤلاء المصلين الموسميين والمناسباتيين من يتجرأ ويقول بأن صلاة التراويح تساعده على هضم ما نهمه في مائدة الإفطار تماما كما لو أنه في حصة رياضية،وهذا الصنف هو نفسه الذي يقلع عن شرب الخمر ومحرمات أخرى فقط خلال هذا الشهر،معتقدا أن ما تبقى من السنة مرخص له باستعمالها،ونفس الشيئ نجده في ليلة القدر التي من المفروض أن يكون فيها قيام الليل والاجتهاد في طاعة الله بدل الإقبال على على دبح الدجاج وطهيه في أجواء احتفالية وكأن ذلك من شروط إحياء هذه الليلة،تماما كما يحدث في كل جمعة حيث لا يتذكر البعض هذا اليوم إلا من خلال وجبة الكسكس الأسبوعية وتلك الجلابيب البيضاء التي لا تستحضر من واجب الصلاة وتوقيتها إلا ظهر يوم الجمعة كبروتوكول أسبوعي ،في حين يبقى الالتزام بمواقيت الصلوات في الأيام الأخرى غائبا وفي المساجد مجرد اختيار تمليه أحيانا بعض الظروف والمناسبات كالقرب من موعد الإنتخابات أو التمويه أحيانا عن الخروقات…إن مثل هذه السلوكات الناتجة أحيانا عن الفهم المغلوط للدين تؤدي بأصحابها إلى الوقوع في أخطاء عقائدية وشرعية لا صلة لها بالعقيدة الصحيحة، وخاصة إذا علمنا أننا في زمن فتح فيه باب الاجتهاد الفقهي حتى لغير المؤهلين.