طنجة تعتمد الأمازيغية في إداراتها ولوحات التشوير تعزيزاً للهوية الوطنية    وهبي يعرض تقريره حول مناهضة التعذيب .. خطوات نحو تعزيز حقوق الإنسان    رياضة الغولف.. الدورة ال49 لجائزة الحسن الثاني وال28 لكأس صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم من 3 إلى 8 فبراير المقبل بالرباط    من كلميم إلى الدار البيضاء.. هكذا احتفلت أقاليم المملكة برأس السنة الأمازيغية الجديدة    الدار البيضاء .. أمسية موسيقية احتفاء برأس السنة الأمازيغية الجديدة    مدير عام سابق بمؤسسة العمران بالجهة الشرقية و4 آخرون في السجن بتهمة الاختلاس    أخنوش يقوم بزيارة لمعرض الصناعة التقليدية لأكادير إداوتنان    الإصلاح الضريبي يرفع الموارد الجبائية إلى 299 مليار درهم في 2024    النفط قرب أعلى مستوياته في 4 أشهر مع تقييم تأثير العقوبات على روسيا    ترامب: اتفاق بشأن غزة قد يكتمل بحلول نهاية الأسبوع    ترامب: التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى أصبح قريبا    "الجولة الأخيرة" من مباحثات وقف إطلاق النار في غزة تبدأ الثلاثاء في قطر    أنفوغرافيك | حقائق لا تريد إسرائيل أن نسمعها    وزير العدل يكشف آخر مستجدات تطبيق قانون العقوبات البديلة في المغرب    ريال مدريد يُواجه اتهاماً خطيراً في واقعة إهانة البرازيلي فينيسيوس    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    مؤشر تأثير مدارس الريادة على جودة التعليم يضع المغرب في مراتب متقدمة عالميا    الناظور.. AMDH تفضح تلاعبات في مواعيد الفيزا الإسبانية وتطالب بتدخل عاجل    ندوة بكلميم تبرز الأبعاد التاريخية والروحية لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    موظفو الجماعات الترابية يطالبون بإنهاء التمييز وإقرار نظام أساسي عادل    المديرية العامة للضرائب تحدد سعر صرف العملات الأجنبية    من هو نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية المكلف بتشكيل الحكومة في لبنان؟    الحكم على أيت مهدي رئيس تنسيقية ضحايا الزلزال بثلاثة أشهر نافذة    كيوسك القناة | تأجيل مناقشة مقترحات تعديل مدونة الأسرة بالبرلمان    غوارديولا: قائد مانشستر سيتي يقترب من الرحيل    الصين: التجارة الخارجية تسجل رقما قياسيا في 2024    بايدن: إعادة إعمار لوس أنجلوس ستكلف عشرات مليارات الدولارات    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    ملاكمة.. اعتزال بطل العالم السابق في الوزن الثقيل تايسون فيوري    شراكة استراتيجية لتعزيز خدمات الوقاية المدنية بعمالة طنجة أصيلة    محاكمة محمد أبركان: غيابات مثيرة للجدل وشهادات طبية تحت المجهر    تدريس اللغة الأمازيغية.. تكوين أزيد من 3000 أستاذ للتعليم الابتدائي بالتخصص المزدوج    هيئة المحامين بالرباط تثمن الثقافة الأمازيغية في احتفالية "إيض يناير"    صور أكراد "قسد" مع البوليساريو.. النظام الجزائري في مرمى الاتهام وتناقضاته تكشف نواياه الحقيقية تجاه أنقرة    التوتر السياسي بين فرنسا والجزائر : اتهامات و تصعيد دبلوماسي    قافلة الأكاديمية الدولية للتراث الثقافي اللامادي تحل بالحسيمة    الوداد يؤكد التعاقد مع فهد موفي    لقجع: الزيادة في ثمن غاز البوتان غير مطروحة على طاولة الحكومة    نمو الاقتصاد الوطني محفوف بمخاطر الجفاف وتراجع معدلات الأمطار التي انخفضت بنسبة 60.6 %    الكتاب الأمازيغي: زخم في الإنتاج ومحدودية في الانتشار نسبة النشر بالأمازيغية لا تتعدى 1 %    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    شادي رياض يتألق في أول ظهور بعد الإصابة    وزارة الصحة تبدأ في عملية تلقيح البالغين ضد داء بوحمرون    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    مسؤول يكشف أسباب استهداف وزارة الصحة للبالغين في حملة التلقيح ضد بوحمرون    وزارة ‬الصحة ‬تتدخل ‬بعد ‬تواصل ‬انتشار ‬‮«‬بوحمرون‮»‬.. ‬    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى نفهم؟؟؟؟؟
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 03 - 2016

كنت سادرا في إعادة قراءة المقال الذي نشره المؤرخ الوطني الكبير علي صدقي أزايكو "في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية" في مجلة "أمازيغ" سنة 1981؛ المقال الذي كان الباب المؤدي للسجن سنة كاملة. لم أجد في المقال سوى كلمات رائقة وأفكارا منيرة تشع وطنية وانحيازا للرصيد التاريخي للوطن.
"وإذا كان القرآن قد نزل بالعربية، فإن الله تعالى حين فعل لم يخلق لغة عربية جديدة لا يفهمها العرب، بل كان ذلك باللغة العربية نفسها التي كانت من قبل، محملة بكل مقومات المجموعة البشرية التي كانت تتكلمها. ورغم التغير الكبير الذي أدخله الإسلام عل حياة العرب فإن الاستمرار الحضاري، في بعض جوانبه على الأقل، شيء لا يمكن نفيه. واللغة عامل قوي في ذلك الاستمرار؛ فالأدب الجاهلي الذي كان شفويا قبل الإسلام، جمع في عهد الإسلام، وقواعد اللغة العربية التي لم تكن مضبوطة قبل الإسلام درست وضبطت بعد الإسلام، وتقاليد العرب وعادات العرب الجاهلين اهتم بها المسلمون أيما اهتمام في أعز عصور الدولة الإسلامية.
فلو كان الإسلام يعني بالكونية محو كل مقومات الشعوب التي تؤمن به، لطبق ذلك أولا وقبل كل شيء على العرب أنفسهم، ولنزل القرآن بلغة جديدة، يعلمها الله لنبيه، ويضطر كل المسلمين إلى ترك لغاتهم، التي أراد الله لها أن تكون متنوعة ومختلفة، وتعلُم اللغة الجديدة! اللهم إذا اختار الله فعلا أمة العرب وجعلها فوق جميع الأمم الأخرى التي خلقها…؟ ومعلوم أن المقياس الوحيد عند الله تعالى هو التقوى. وباختصار فإن الإسلام ومبدأ القومية لا يكونان أي تناقض، غير أن التناقض يوجد بين قوميتين أو قوميات.
وإذا كنا لا نناقش الجانب الديني، لأنه في نظرنا لا يطرح مشكلا اجتماعيا، لأننا، ولله الحمد، مسلمون؛ فإن المشكل الثقافي ما يزال مطروحا، لأن المغاربة لم يتعربوا جميعا". (علي صدقي أزايكو، معارك فكرية حول الأمازيغية، مركز طارق بن زياد، ص:41)
هي مرافعة بليغة قادها شباب وطنيون، في طليعتهم أزايكو، للفت الانتباه لحقائق مسكوت عنها ومنسية في غمار السياسة وحساباتها الإيديولوجية. قد يختلف المختلفون مع كلام أزايكو، وهذا حق مكفول بل حق مقدس: حق الاختلاف؛ فمن أجله كتب أزايكو ما كتب ومن أجله دفع ضريبة ثقيلة هي سنة كاملة وراء القضبان. لكن، دون تزيُد، فإن الشعور الذي يخالج القارئ هو الأسف: أن يكتب كاتب كلمات فيها رأي؛ حينما يُقرأ يربو الإيمان بعظمة الإسلام ولا ينقص، تزداد جذوة الوطنية اشتعالا ولا تخبو، وفي النهاية تُكال التُهم الجاهزة والكليشيهات الفارغة: "تهديد الوحدة الوطنية"، "محاربة لغة القرآن"..
متى نفهم أن الخناق كان مضروبا على أزايكو وغيره من نشطاء الحركة الأمازيغية (اختطاف بوجمعة الهباز في نفس السنة 1981)، في نفس الوقت الذي كان بنكيران وإخوانه يقضون ليال ذوات العدد في الزنازين ثم يُفرج عنهم فيعودون إليها مرات ومرات. متى نفهم أن أزايكو وبنكيران، على سواء، كانوا أبناء الشعب، كانوا يحملون قضايا تتكامل، كانوا يجسدون مطامح جماهير غفيرة من الفئات الشعبية، كانوا سعاة لصيانة بيضة "الهوية" وكل له زاوية ينظر منها.
متى نفهم أن التناقض ليس بين جمهور أزايكو وجمهور بنكيران. متى نفهم أن التناقض ليس بين خط الشهيد عمر بن جلون وبين خط عبد الإله بنكيران. إنما التناقض صارخ بين كل هؤلاء من جهة، والراغبين في استدامة التسلط والقهر والتنميط والإذلال على الشعب المغربي، وبطبيعة الحال "المخزن" على رأس هؤلاء جميعا.
إن العين لتدمع حينما نقرأ شهادة أحمد بن جلون رحمه الله زعيم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، شقيق الشهيد عمر، وهو يروي مسلسل سحق الإنسان في دهاليز "بنية" هي التي تُشكل حقا تناقضا مركزيا مع خطوط الشعب (خط بن جلون، خط أزايكو، خط بنكيران..): "أنا شخصيا وصلوا معي إلى درجات عالية جدا من التعذيب لا يمكن للعقل البشري أن يتصورها. لقد وصل الأمر من كثرة الضرب على قدمي إلى درجة أنهم اسودتا وتعفنتا، وأخذ الدود يخرج منهما، ولأني لم أعد أطيق الألم الذي كان يأتيني منها، وصرت أقضي الليل والنهار في الصراخ، فإنهم أزالوا لي بواسطة مقص القشرة السوداء التي كانت تغطيهما، وصبوا الكحول عليهما، وشعرت ساعتها وكأن نارا حقيقية تلتهمني من قدمي إلى آخر شعرة في رأسي، وجاء وقت فقدت فيه الإحساس الكلي بأطرافي العلوية، وأصبحت عاجزا عن تحريكها، بل صرت على وشك الموت، فأخذوني إلى المستشفى، وهناك فحصني طبيب، أدركت فيما بعد أنه شقيق جلاد مشهور، ولأنه كان يضع خبرته العلمية رهن إشارة الجلادين، وكانوا يستشيرونه في أوضاعنا الصحية، فإنه نصحهم بالكف عن تعذيبي، ودعاهم للعناية بي لاسترداد البعض من عافيتي، وفعلا هذا ما حدث، إذ تم الاهتمام بي أكلا وتطبيبا إلى أن استرجعت جزءا من سلامتي الجسدية، ثم فحصني نفس الطبيب مجددا، وأعطاهم الإشارة، فاستؤنف التعذيب مجددا. لا يمكن للكلمات، مهما كان مستوى دقتها وقوتها التعبيرية، أن تجسد أياما وليال من التعذيب، والقهر والإذلال، فاستؤنف التعذيب مجددا. (عبد السلام بنعيسى في حوار مع أحمد بن جلون، ذاكرة الاعتقال السياسي: حوارات ومسارات، 2012، ص:20)
بالفعل، إن فهم كنه القضايا التي انحاز إليها كل خط يجعلنا ندرك سريعا أن ما نطلق عليه "الإرادة الشعبية" هو كل ما سعى من أجله هؤلاء على المستوى الثقافي والسياسي والديني.. فكل تشكيل اجتماعي كان يهدف إلى سد ثغرة من الثغرات وتسليط الأضواء على المُهمش في السياسات. وفي نهاية المطاف نرى "فسيفساء" خلابا يعكس تطلعات الجماهير الشعبية في رفع الوهن عن هذا الوطن.
فمتى نفهم أن عدو هذه الخطوط الوطنية واحد. وكل همه بعث بذور التمزق والشقاق وتوسيع الُهوة والصراع بينها جميعا؛ حتى يستأثر بالحلبة لوحده ويستمر –تحت الضغط- في تقسيط الديمقراطية على الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.