تعيش البرازيل، إحدى أكثر الدول تأثرا بانتشار فيروس زيكا، في ذعر بسبب تزايد حالات صغر الرأس (الصعل) لدى الأطفال حديثي الولادة، وهي حالة قد تكون لها آثار كارثية على حياة الآلاف من البرازيليين. وعلى الرغم من التطمينات حول التأثيرات المحدودة لفيروس زيكا، من سلاسة حمى الضنك، الذي تعتبر أعراضه أكثر اعتدالا ولكن تأثيراته خطيرة على الرضع والنساء الحوامل المصابات به، فإن البرازيل لا تخفي قلقها المتزايد بسبب الارتفاع غير الطبيعي في حالات صغر الرأس لدى المواليد الجدد والتي ناهزت 4783 حالة مشبوهة منها 404 حالة مؤكدة. وقد تم التعبير عن هذا القلق من قبل الرئيسة ديلما روسيف التي اعتبرت أن فيروس زيكا انتقل من وضع “كابوس بعيد” إلى “تهديد حقيقي” للبرازيليين. وفي رسالة مسجلة بثت أول أمس الأربعاء على موجات الإذاعة وشاشات التلفزيون الوطني، أطلقت الرئيسة آخر نداء من أجل التعبئة ضد بعوض “الزاعجة المصرية” الناقل الرئيسي لفيروس زيكا بالإضافة إلى حمى الضنك وشيكونغونيا، في غياب لقاح ضد هذا الفيروس، والذي يعتقد أنه قد دخل البلاد خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2014. وذكرت بأن الحكومة والسلطات البرازيلية مدعوتان لمضاعفة الجهود للقضاء على ناقل هذا الفيروس ، الذي وجد في البرازيل مرتعا خصبا لانتشاره بسبب المناخين الحار والرطب. وبالإضافة إلى تعبئة أزيد من 200 ألف من عناصر الجيش للقيام بحملات توعية في أوساط السكان، أطلقت الحكومة عملية كبرى للتطهير يشارك فيها أزيد من نصف مليون شخص، وأذنت للسلطات الصحية بدخول المنازل للبحث عن بؤر خصبة لتكاثر البعوض بل تعتزم فرض غرامات قاسية في حال ما إذا تم العثور على هذه البؤر بالمنازل. من جانبها، رخصت الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية بالبيع الفوري لاختبار ثلاثي جديد يمكن من تشخيص فيروس زيكا وحمى الضنك وشيكونغونيا، وقد أصبح متاحا الحصول عليه في المختبرات الخاصة في البلاد. وأطلقت 13 بلدا بأمريكا اللاتينية، التي تم بها تسجيل حالات إصابة بفيروس زيكا، إجراءات مماثلة على المستوى الوطني وتم الاتفاق في اجتماع طارئ عقد أول أمس الأربعاء بمونتيفيديو، على إطلاق سياسة متناسقة للتصدي لتفشي فيروس زيكا، الذي من الممكن أن ينتشر في 26 بلدا بالأمريكيتين ويصيب نحو أربعة ملايين شخص عند متم سنة 2016. وتتواصل الجهود من قبل العلماء بهدف التوصل إلى إيجاد لقاح ضد الفيروس، الذي لا يمكن الكشف عن أعراضه لدى 80 بالمائة من الأشخاص المصابين به، وكذا لاجل توفير حلول بديلة كالتي اقترحتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تضع رهن إشارة البلدان المتضررة، تقنية إشعاعية لتعقيم البعوض الناقل للفيروس زيكا، وإكثار عدد هائل من ذكور البعوض ثم تعريضها للأشعة النووية بهدف تعقيمها وإطلاقها لاحقا في الأماكن المستهدفة. ويبدو هذا النوع من “تنظيم الأسرة الخاص بالحشرات” ذو جدوى بالنسبة للبرازيل، التي تسعى إلى تبديد المخاوف بشأن المخاطر من أن تتحول الألعاب الأولمبية المقرر تنظيمها في غشت المقبل بريو دي جانيرو إلى بؤرة لانتشار العدوى بكوكب الأرض. وقد دفع الارتفاع الشديد على مستوى الإصابة بفيروس زيكا في بعض البلدان وظهوره في بلدان أخرى، منظمة الصحة العالمية إلى دق ناقوس الخطر من خلال إعلان الفيروس “حالة طوارئ صحية على نطاق عالمي”. ويسلط تحذير منظمة الصحة العالمية الضوء على ضرورة قيام جميع البلدان دون استثناء وخاصة تلك التي يكون فيها بعوض الزاعجة المصرية مستوطنا بها، على العمل بشكل مشترك للحيلولة دون وصول الفيروس إلى نسب خارج نطاق السيطرة، عندما يهدد بالقضاء على جيل بأكمله من المواليد الجدد