أكد وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله أن السلطات العمومية قامت بهدم سبعة آلاف من بين 44 ألف حالة بناء عشوائي رصدت خلال السنة الماضية. وقال بنعبد الله٬ في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء٬ إنه أمام هاته الظاهرة٬ عملت السلطات العمومية على مباشرة الإجراءات المسطرية لمتابعة المخالفين والمجزئين غير القانونيين٬ فضلا عن القيام بعمليات هدم البنايات العشوائية التي بلغت ما يناهز سبعة آلاف، ولا سيما بمدن أكاديروالجديدة وآسفي وطنجة وسلا والمحمدية. وأوضح أنه حسب المعطيات التي توصلت بها الوزارة٬ تم رصد ما يناهز 44 ألف حالة بناء٬ موضحا أن ظاهرة البناء غير القانوني٬ التي عرفت تناميا كبيرا وغير مسبوق خلال السنة الأخيرة٬ تميزت عن سابقاتها في شكل بناء جماعي تضامني. وأضاف أنه تم رصد تفاوت ملحوظ بين الجهات التي عرفت تناميا لهاته الظاهرة حيث “تركزت غالبية البناءات المحدثة بكل من جهات سوس- ماسة – درعة، والشاوية – ورديغة، وطنجة – تطوان، وتادلة – أزيلال، والجهة الشرقية”٬ مبرزا أن انتشار هاته الظاهرة لم يقتصر على أراضي الخواص فقط بل امتد كذلك إلى أراضي الأملاك العامة والخاصة للدولة وأراضي الجماعات السلالية وأراضي الأحباس والأراضي الغابوية وتجزئات المنعشين العقاريين عموميين أو خواص. واعتبر أن مسؤولية محاربة ظاهرة البناء العشوائي هي مسؤولية جماعية٬ مضيفا أنه من أجل محاربة هذه الظاهرة التي تعرف حركية خاصة٬ لاسيما في فترات معينة٬ أصدرت كل من وزارات العدل والداخلية والإسكان والتعمير والتنمية المجالية سنة 2008 دورية مشتركة لتفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء٬ تهدف إلى إعادة توضيح مهام ومسؤوليات الأطراف المتدخلة٬ بما في ذلك الولاة والعمال وأعضاء النيابة العامة والمفتشين الجهويين للسكنى والتعمير وسياسة المدينة ومديري الوكالات الحضرية. وتنص هذه الدورية على إحداث لجنة مركزية تتكون من مصالح وزارات العدل والداخلية والسكنى والتعمير وسياسة المدينة٬ تتلقى من لجان اليقظة تقارير شهرية لمتابعة حصيلة عملها. وفي معرض حديثه عن تأهيل المدن العتيقة، نبيل بنعبد الله إن التراث العمراني والمعماري المتمثل في المدن العتيقة والأنسجة التاريخية للمملكة يعتبر أحد روافد الهوية المغربية وعنوانا على تجدر ثقافة العمران والبناء بالمغرب. وأبرز أن تدخلات الوزارة خلال العشرية الأخيرة مكنت من إبرام 35 اتفاقية همت 19 مدينة عتيقة بمبلغ مالي يصل إلى 940 مليون درهم٬ استفادت منه 35230 أسرة عبر برنامج إعادة الإسكانÂo و8000 أسرة من خلال برامج تقوية وتدعيم المبانيÂo و23610 أسرة عبر برامج إعادة التأهيل٬ مشيرا إلى أنه بالنسبة للقصور والقصبات٬ تم إدراج 19 برنامج تدخل منها ما هو في طور الإنجاز و6 برامج سيتم إعطاءها الانطلاقة بهدف المحافظة على هذا التراث العمراني وتطوره من خلال عمليات الترميم. وبعدما ذكر بأن المغرب يضم 30 مدينة عتيقة يقطن بها ما يناهز مليون نسمة٬ أكد أن الوزارة تعمل على بلورة استراتيجية للتدخل بهدف رد الاعتبار للمدن العتيقة وحمايتها من التدهور ومقاومة عامل الزمن دونما إغفال للجوانب التشريعية والتنظيمية والعقارية والتمويلية. وأوضح بنعبد الله أن خطة الوزارة في هذا المجال ترتكز على خمس مكونات تهم التخطيط الحضري من خلال تغطية هذه الأنسجة العتيقة بوثائق تعمير خاصة من قبيل الوثائق المرجعية للتعمير٬ والانخراط في برنامج للتعاون مع مؤسسة البنك الدولي يهدف بالأساس إلى وضع التصور العام لاستراتيجية رد الاعتبار لهذه المدن العتيقة والأنسجة التاريخية٬ وإعداد مواثيق للهندسة المعمارية والمشهد العمراني٬ والتدخل العملياتي عبر برامج الإصلاح والترميم٬ وتعزيز سياسة التواصل والتحسيس من خلال استصدار مؤلف جديد يحمل اسم “أطلس المدن العتيقة” يراعى فيه التحقيق والتحليل التاريخي بإشراك كل الفعاليات المهتمة بحقل التراث العمراني والمعماري بالمملكة. وقال إن الطموح في هذا المجال يظل أكبر في ظل المنظور الجديد لمعالجة إشكاليات المدن العتيقة٬ والذي سيكون دون شك أحد أوراش المنهجية الجديدة “لسياسة المدينة” والذي من شأنه أن يؤسس لمفهوم جديد للتعمير بالمغرب في المستقبل القريب.