كعادتها انطلقت الأستاذة (ن.ك) حوالي الساعة السابعة والنصف نحو مقر عملها الجديد بمدرسة العندليب بحي قصبة الطاهر نيابة إنزكان آيت ملول، والذي قدمت إليه من مدينة طانطان برسم الموسم الحالي 2014/2015. كان ذهنها منتصبا على ما يمكن أن تقدمه صبيحة اليوم لأطفال المستوى الذي أسندته لها إدارة المؤسسة ... اختلط في ذهنها التعبير بالقراءة فالرياضيات، وكل ذلك فقط كان مجرد تنظيم للأفكار في انتظار ولوج قاعة الدرس التي هي عبارة عن قسم كان مخصصا للتعليم الابتدائي، وقامت إحدى المنظمات بتجهيزه ولكن بحكم عدم إلتحاق أي طفل بهذا المستوى التحقت به الأستاذة لاستغلاله، خاصة وأن جماليته وتزيينه وطريقة بنائه تساعد تلاميذ المستوى الأول، الذين يعتبرون في مثل هذه السن امتدادا طبيعيا للتعليم الأولي، غير أن كل هذه الأحلام اصطدمت وتكسرت على أول صخرة، كان من المفروض أن تكون لها عين ثاقبة وتختار الحل السهل عوض الإعتماد على البيروقراطية. وصلت الأستاذة أمام القاعة لتجد قرارا يقضي بانتقالها إلى المطعم للتدريس، والسبب هو أن لجنة زارت المؤسسة وقامت بتغليف أرضية القسم بطبقة جلدية (جيرفليكس)، وارتأت الإدارة أن التلاميذ سيخربون هذا الوافد الجديد الذي سيحرمهم من التمتع بقاعة بمواصفات عالية، لينتقل 36 جسما آدميا ويلتحق ببناية مخصصة للإطعام المدرسي لايتعدى عرضها خمسة امتار وطولها 7 أمتار، تبدو فيها المقاعد متلاصقة، لامجال فيها للمشاركة ولا حتى للخروج والدخول، ليضطر الأطفال إلى الامتثال لأوامر الإدارة ويتلحقوا فعلا بالمطعم. التصاق تام للمقاعدوالغريب أن بعض المكابس الكهربائية تبدو أسلاكها عارية، وتشكل خطرا كبيرا على سلامة الأطفال من الصعقات الكهربائية، بالاضافة إلى غياب سبورة ملائمة بحيث تكتفي الأستاذة بسبورة لاتتعدى مساحتها المتر، فهي لاتصلح لا للخط ولا لتقديم الجمل القرائية ولا لحل إشكاليات الرياضيات والأرقام والألوان. الأستاذة اليوم لاتطلب سوى بحق تلامذتها في الإستفادة من القاعة التي ستبقى مغلقة حتى تحافظ الإدارة على (جيرفليكس)، وبين مسؤولية الإدارة التي تخضع لقوانين جار بها العمل ولايمكنها أن تتعداها بخصوص البنية التروبية والتجهيزات والممتلكات التي تسلم للمدير بالتوقيع عليها، وبين مصلحة التلاميذ بالخروج من المطعم الذي تنتشر بين جنباته رائحة المراحيض بحكم التصاقه بها، يبقى مصير 36 تلميذا ينتظر قرارا من النيابة الإقليمية وتدخلا من الأكاديمية لإخلاء ذمة المدير من المسؤولية القانونية لاستغلال قاعة أعدت للتعليم الأولي، ومنح الفرصة للأستاذة بممارسة مهامها في قاعة مغلقة تنتظر قدوم أطفال التحق أغلبهم بالتعليم الخصوصي وهاجروا المدرسة العمومية أصلا.