إقترن حلول السنة الهجرية المباركة هذا العام مع طرح ساعة من التوقيت المعمول به في عهد حكومة وصفت بالرائدة في مجال الزيادات ، نقصان لعله يكون أقرب إلى الفأل منه إلى القنبول . هذا القنبول الذي يحتمل في عاميتنا العديد من الدلالات ذات الطابع الموسمي في كثير من الأحيان ، فمع ما يرافق عاشوراء من دوي للمفرقعات وإضرام للنيران ورش للمياه ، تبقى المفارقة العجيبة أننا نلمس كل هذا في التصعيد النضالي الذي مافتئت تدعوا إليه نقابات بعينها من جهة ، في مقابل عينات من ماء الإصلاح التي تزعم بها الحكومة من جهة أخرى ، إخماد الإحتجاجات المتأججة هنا وهناك ، بينما لا يلوي مول الحانوت من هذا كله على شيء ، فلا يكاد يستقيم على رأي حول هذا القنبول حتى تستغويه الريبة من جديد . أهو مسموع يخترق الآذان ، أم كريه رائحة يزكم الأنوف ، أم بهتان يطمس الحقائق ؟ مزحة : لماذا لاندعوا إلى تأسيس حزب نختار له من الرموز مثلا رمز قالب ديال السكار ، وذلك لما له من حمولات أخلاقية في ثقافتنا كبادرة خير في صلة الأرحام ، ربما بإستعمالنا هذا ( البياض ) قد نكتسح الساحة السياسية بمعية زبناءنا الكرام ؟ هكذا يرد أصحاب الحوانت لهواة القنبول الصاع صاعين ، مع ما سيترتب عن ذلك من تفجير لطاقات يواريها الكونطوار . التنوعير بطعم الذيالة . يذكرني هذا التنوعير الذي يمارس في حق مول الحانوت بنكتة للفكاهي عبدالقادر السيكتور ، سمعتها أيام كنت أتابع تنشيطه للأعراس عبر مقاطع الفيديو على موقع اليوتوب ، قبل أن يستقر به المقام على الرحب والسعد في قنواتنا ، بفضل وصلات إشهار منتوج ، أدرجه مول الحانوت ضمن قائمة المواد الخاضعة لتسهيلات ( كول عاد خلص ) ، وذلك وفق الأجندة التقشفية لكناش الكريدي ، الرامية إلى تقريب الشركة من المواطن ساعة عسر إلى حين ميسرة . هذا المنتوج بإختلاف تلاوينه الذي يحصد سيولة لايستهان بها من رأس مال مول الحانوت ، تصب شركاته غير محسودة الكثير من تدفقاتها البينيفيسية في الإشهار ، وهذا حقها طبعا ، ولكن بالمقابل ألا يستحق مول الحانوت أن ينوبه جانب من التشجيع ولو من باب الترفيه على أبناءه بمخيمات تنظمها مثلا هذه الشركات ، كخضرة فوق طعام يتأتى من وراءها التمهيد لإنشاء علاقات قيمة خارج الروتين التجاري الجاف ؟ أم أننا مجبولون على تطبيق شعار ( خبز الدار ياكلو البراني ) عندما يتعلق الأمر بالفائض ؟ المهم أن هذه النكتة تحكي أن شخصا ميسور الحال ، إرتأى ذات عيد أضحى أن يشارك فرحة الحاولي المخنتر مع جار له من الطبقة المتعسرة ، وكان من عادة إشقاءنا الجزائريين عندما يجلبون من يساعدهم في ذبح الأضحية أن يهبوا له ما يسمى ب ( فوق المذبح ) ، بمعنى ما يبتر من السكيطة كالرأس والكرعين وما إلى ذلك من تويشيات ، في إطار ما يمكن تصنيفه في خانة التكافل الإجتماعي . الذي وقع في صبيحة العيد أن الجار المكحط ترك جانبا كبشه الميني فرطاص حتى يفرغ من نحر حاولي الحاج بو البوادر ، وكان هذا هو المتوقع ، إلا أنه ومع كرم الجار الحاتمي لعبت الأطماع بعقل المشتاق حتى فاق ، فقرر أن يذبح الكبش مناصفة من بطنه وليس من عنقه كما جرت على ذلك العادة ، لا لشيء سوى لأجل أن يحصل بموجب إتفاقية ( فوق المذبح ) على نصف الحاولي . لو أمعنا النظر مليا فيما يجري اليوم من إحتقار وإستغلال لطيبوبة مول الحانوت ، فسنلاحظ بما لايدع مجالا للشك أن هناك جهة ما تسعى إلى نحر كبشنا من ذيله ، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أننا أمام واقعة بمثابة سرقة موصوفة ، سندخل جراءها بعدد القابضين على الذيالة كتاب غينيس ، ليبقى السؤال المحير بعد أن يصبح الكبش في عداد المفقودين : – ما الفرق بين المادة 145 والمادة 146 ، إذا كان البند ( فوق المذبح ) ساري المفعول ؟ مول الحانوت إثنان في واحد . خلق الله الثقلين كإنس ظاهر وجن خفي وجعل لكل منهما مواصفات وخصائص حددها في علم غيبه ، ومع ذلك نرى من يسعى إلى تكريس تركيبة إثنان في واحد ضدا عن المنطق والطبيعة ، ويتجلى ذلك في تصنيف التاجر من الإنس عندما يتعلق الأمر بالواجبات ، واجبات لانتخلف عن الوفاء بأداءها بروح مواطناتية عالية ، إلا أننا نخشى أن تتطور بنا الأمور مع إثقال كواهلنا إلى درجة الأداء عن ظلالنا كما نؤدي اصلا عن حجم مظلات متاجرنا ، فنحن فيما يخص الواجبات موجودون بقوة قانون ، سنزداد فخرا وإعتزازا به عندما يسري على الجميع . أما فيما يتعلق بالحقوق فإننا نتحول في رمشة عين بقدرة قادر إلى أشباح لا أثر ولا ظل لها ، مغيبون تماما في كل التغطيات أكانت صحية أو إجتماعية أو سكنية إن صح التعبير ، بل وأيننا من التغطية التأطيرية كأساس للنهوض الفكري وعماد كل الحضارات ؟ أيننا من كثير من الحقوق تجاوزتها قطاعات أخرى بسرعات ضوئية ، نرى كيف يتم التفاوض من أجل تحسينها ، بينما نحن في حيرة من أمورنا ، يحاصرنا الكهنة بأدخنة المجامير مشوشين علينا بضبابيتها ، لنأوي إلى ركن شديد أو نتسابق للهروب من المواجهة بسلك أخجل السبل ؟ إثنان في واحد تاجر تشترك فيه مواصفات الجن والإنس ، يستحيل أن تعثر عليه في واقع الحال ، ماعدا في مخيلة جنس من المسؤولين تتجلى في تدبيرهم للشأن العام أعراض داء إنفصام الشخصية ، ما يحيلنا على مفارقة عجيبة تتلخص في كون الموظف الشبح غارق في الإمتيازات ولا من يحرك المساطير ، بينما يظل التاجر بتركيبته المزدوجة غير صالح إلا لتوسيع أوعية المداخيل ، الفصل 145 مكرر نمودجا أو المراجعات الضريبية . فأينما وضعت يدك في زاوية من زوايا الحانوت فستعلق بك مشاكل ومعاناة تتجدد كالفيروسات في جسم فاقد للمناعة ، محتم علينا اليوم لكي نحظى بحسن ظن هذا الكائن التجاري ، العمل المكرس الرامي إلى بعث روح جديدة في علاقته مع المؤسسات العمومية ، وهذا النوع من المصالحة جدير أن تكون إنطلاقته من الغرف التجارية إذا وجدت لأننا في عمالة الصخيراتتمارة محرومون حتى من ملحقة قد تخول لنا الإستفاذة من عروض ودورات تكوينية على غرار إخواننا في الرباط . هذا من جهة أما من جهة الشركات المستعمرة للسوق فحدث ولا حرج أننا نمارس الهرج ، هذا بالإضافة إلى ملفات شائكة كالباعة الجائلين والفراشة والمساحات الكبرى وهلم جرا . قد يقول قائل : ماهي بدائلكم ومقترحاتكم ؟ الجواب : ببساطة شديدة ، ليس هذا ما ينقصنا لأن الأهم بالدرجة الأولى هو التمكين من آليات تفعيل الحقوق ، ثم بعد ذلك آرا حالكوم للتصورات ، فلولا مختبرات التطبيق لما كان للنظريات التي يقوم عليها العلم اليوم أي معنى . ملاحظة : نسمع دائما عن إحصاء التجار النشيطين ولا من دراسة حول أسباب تزايد عدد التجار المفلسين ؟ الطيب آيت أباه