في دورته السادسة ، يكشف مهرجان " أنفاس " للمسرح الحساني الذي تقيمه جمعية أنفاس للمسرح والثقافة إلى غاية 22 من الشهر الجاري، تحت شعار "المسرح الحساني وحقوق الإنسان"، بمشاركة عدد من الفرق المسرحية التي تعنى بالثقافة الحسانية، قادمة من مدن العيون، وآسا، وبوجدور، والسمارة والداخلة. ( يكشف ) عن إمكانيات متوفرة لدى الفرق والتنظيمات المحلية بأن تقيم مهرجانات وملتقيات مسرحية وطنية ودولية إن توفرت لها الظروف المواتية ، وإن تعاونت معها مؤسسات المجتمع المدني الرسمية منها والخاصة ، بالدعم والرعاية ، وأشكال المساندة والتسهيل المختلفة . معظم عروض المهرجان (خصوصا عروض فرق الأقاليم الصحراوية ) حضورا جماهيريا لافتا، وتميز بأنه ليس الجمهور المعتاد على متابعة العروض المسرحية، فقد جاء منوعا وعاكسا مختلف الشرائح الاجتماعية من ناحية العمر والتخصص والمستوى الثقافي والأكاديمي والمهني. والظاهر أن الطاقات الشبابية في العروض المقدمة إلى الآن بفضاء المركب الثقافي لمدينة الداخلة كانت واضحة وجميلة جدا ، وعروض الأمس ما هي إلا إثبات بأن المسرح الحساني يمتلك مسرحا كوميديا راقيا ، ويتابعها بالتقييم في النهاية ، نجوم يشكلون مدارس قائمة في المسرح والسينما ، إبداعا وإخراجا وأداءا تحت رئاسة الفنان المغربي الذائع الصيت " عزيز موهوب " . هذا المهرجان، الذي يعتني بالثقافة الحسانية، جاء ، كما يؤكده مسؤولون محليون ، تزامنا مع استعراض النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة خلال ندوة نظمت مساء أمس بجنيف على هامش أشغال الدورة 27 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي أكد خلالها المشاركون على وجاهة هذا النموذج كرافعة للتقدم السوسيو-اقتصادي والحكامة المحلية، خاصة من زاوية أهداف الألفية من أجل التنمية. وتشهد ، فضلا عن ذلك ، دورة هذا العام ، مائدة مستديرة حول "واقع الاحتراف بالأقاليم الجنوبية"، وندوة حول موضوع "نحو سياسة ثقافية هادفة بالصحراء"، وورشات تكوينية في "إعداد الممثل"، وقراءة في كتاب "أشكال الفرجة في التراث الشعبي الحساني"، وحفل توقيع الكتاب المسرحي "دراسة المسرح"، وسهرة فنية كبرى تعنى بالتراث الحساني . وجمعية " أنفاس " التي تطفئ اليوم شمعتها العاشرة بعدما ولدت قبل عقد في رحم دار الشباب 20 غشت بالداخلة ، يؤكد أرقام المعادلة الثقافية والفنية التي أبدعتها على مواصلة الإصرار السيزيفي لكسب رهان المرحلة التي أوصلت المشروع الثقافي الأول بقلب جهة وادي الذهب لكَويرة إلى درجة عالية من القدرة على الفرادة في تنشيط الدورة الثقافية والفنية وحتى الاقتصادية بالمدينة التي تمكنت من حجز موقع لها ضمن قائمة أجمل المدن السياحية عالميا . جيل رصين من المسرحيين أضحى اليوم يحمل اللواء ، ويشارك بالفعالية المنشودة في أبرز المحطات التي تشحذ لها الجمعية قدرات أطرها ونشطائها الممارسين ، ويعود مهرجان الداخلة للمسرح الحساني الذي أقفل ربيعه السادس وهو عنوان بارز للفعاليات الكاشفة لهذا الإصرار والصمود على بقاء الجمعية في الساحة الثقافية للمنطقة بالرغم من المتاريس التي تفرضها الإكراهات المادية واللوجيستيكية الضامنة لمواصلة تجدد العطاء ، بيد أن عناصر هذا الإطار التي لا تعدم الكفاءة والقدرة على الإبداع الخلاق في كسب ثقة الجهات الداعمة والشركاء المؤسساتيين المفترضين ، لا تعدم كذلك ، التميز في إنتاج الأفكار وصيغ تذليل العقبات . وبخلفية محكومة بهاجس استثمار المسرح في إماطة اللثام عن الجوانب المميزة في الثقافة والتراث الحساني الرفيع ، توجت جمعية " أنفاس للمسرح والثقافة "، هذه المسيرة المتواصلة بظهور العديد من الأسماء اللامعة في المسرح الحساني ، فضلا على مستوى الدراما الحسانية من خلال قناة العيون الجهوية التي أضحت تبث أعمالا درامية مقبولة مجاليا ويؤثث الفضاء ممثلين نهلوا من مدرسة الجمعية ذاتها . ويعتبر عدد هام من نجوم المسرح والسينما والثقافة بالمغرب وخارجه ، ممن حضروا أشغال افتتاح هذه الدورة السادسة أن ثمة مؤشرات نجاح قوية تضمن تميز المهرجان ثقافيا بجهة تفتقد للكثير من فرص تطويع قدرات الشباب المحلي الفاعل وطاقات المنطقة لصالح إنتاج تنمية ثقافية منشودة . فالظاهر أن المنظمين قد أبانوا عن قدرة فائقة في التنظيم المميز باستثمار أمثل لكفاءة فريق شاب تشتعل في دواخله جذوة نار العطاء والجهد في إيصال الدورة إلى وقتها المحدد ، وتوفير ظروف استقبال الكم الهائل من المسرحيين والباحثين في المجال بقاعة المركب الثقافي للمدينة ومركز الندوات ، بالإضافة إلى ضمان مناخ التنافس الحقيقي بين ثمان فرق على جوائز المهرجان التي تتميز ، فضلا عن قيمتها المعنوية ، بقيمة مادية تحفيزية للممثلين والممارسين المسرحيين ، دون إغفال المشاركة الفريدة لفرقة مسرحية موازية من دولة العراق تأكيدا من المنظمين على استمرارية نهج الانفتاح على تجارب لها صيتها في الوطن العربي وتميزها وطنيا نظير المسرح الاحترافي والجامعي والمسرح الأمازيغي في تأسيس للمعنى الحقيقي للإبداع الفني والثقافي المنتج لفرص التواصل ومد جسور تبادل الإنتاج القطاعي في المجال.