تم مساء الثلاثاء بسينما الخيمة بكلميم عرض مسرحتتي «الريح» و»حكاية سندريلا» في إطار الدورة الثالثة لمهرجان كلميم الدولي لمسرح الجنوب الذي تنظمه جمعية أدوار للمسرح الحر إلى غاية الأحد المقبل تحت شعار «المسرح وسؤال الهوية». وتحكي مسرحية «الريح» التي قدمتها فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم والمقتبسة عن مسرحية «ليلة القتلة» لكاتبها الكوبي خوسيه تريانا عن «الحلم بالتغيير والثورة على السلطة الأبوية». وتتحدث هذه المسرحية، التي توجت مؤخرا بالجائزة الكبرى لمهرجان أكادير للمسرح الحساني، عن معاناة ثلاثة أشقاء من تسلط أبويهم المستمر ومحاولة الأخ الأكبر التخلص من القهر الممارس عليهم من خلال الإقدام على قتلهما افتراضيا وإعادة تمثيل عملية القتل باعتماد تقنية التمثيل داخل التمثيل . وأكد مخرج المسرحية الأستاذ عبد اللطيف أصاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذا العرض يتوخى إبلاغ رسالة مفادها ضرورة إعادة ترتيب العلاقة بين الآباء والأبناء بما يتوافق ومتطلبات العصر . أما مسرحية «حكاية سندريلا» لفرقة أكابار للثقافة والفنون بأكادير للمخرج نورالدين التويمي، فتروم تكريس قيم التسامح والإخاء واحترام الآخر لدى الأطفال . وأبرز مخرج المسرحية في تصريح صحفي أنه اعتمد في رؤيته الإخراجية لهذا العرض المسرحي على البساطة والتناسق في الألوان والسلاسة في الخطاب، كما حاول إبلاغ رسالته في قالب هزلي كوميدي بسيط لتمكين الأطفال من فهمها واستيعابها بطريقة سهلة . ويتضمن برنامج هذه الدورة، التي تحمل هذه السنة دورة الفنان المسرحي الحسين الشعبي، تنظيم ندوة حول موضوع «المسرح وسؤال الهوية»، بمشاركة ثلة من الباحثين المغاربة وورشات تكوينية في التشخيص . وتتطلع الجمعية، من خلال تنظيمها لهذه التظاهرة الفنية، إلى ترسيخ هوية خاصة بها تميزها عن باقي المهرجانات المسرحية في العالم العربي وإفريقيا. وحسب بلاغ لإدارة المهرجان، فإن جمعية أدوار للمسرح الحر تسعى إلى إعادة بناء الحركة المسرحية بالإقليم انطلاقا من تأهيل العنصر البشري الممارس عبر تكثيف الورشات التكوينية وإنشاء فرقة احترافية تحتضن مختلف المهن المسرحية، وتنظيم مهرجان للمسرح يعكس هوية المنطقة ويساهم في تحقيق إشعاعها. كما تعمل على تكريس حضور قوي للفعل الثقافي والمسرحي في الساحة الثقافية المحلية واستثماره في إشعاع الإقليم، استنادا إلى نهج تشاركي يسمح بتعبئة كافة الطاقات المحلية وتوظيفها إيجابيا، وتنويع الموارد المالية والمادية واستقطاب شركاء ذاتيين ومعنويين محليا ووطنيا والاستثمار الأمثل للبنيات الثقافية المتوفرة وتطوير أدائها خدمة للفعل الثقافي الجاد . ** كلمة رئيسة جمعية أدوار عتيقة أبو العتاد في الحفل الافتتاحي لمهرجان كلميم الدولي لمسرح الجنوب معركتنا اليوم هي معركة المغرب بكامله في جعل الثقافة في صلب ومقدمة رهانات التنمية المنشودة أمس فقط عدنا من مدينة أكادير محملين بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح الحساني في دورته الثانية، المهرجان الذي شهد مشاركة فرق من كافة مدن الصحراء المغربية. كما توج المهرجان مسرحية «الريح» بجائزة أحسن تشخيص ذكور وجائزتي أمل. هذا التتويج يأتي ليؤكد لنا صدق اختيارنا لما فكرنا في الانتقال إلى إنتاج أول عرض مسرحي احترافي بإمكاناتنا الذاتية معتمدين على كفاءات كلميم الشابة، هذا العرض الذي اختارته لجنة الدعم المسرحي بوزارة الثقافة من ضمن 96 عرضا على المستوى الوطني، كما نزف لجمهور كلميم خبر اختيار وزارة الثقافة لمسرحية الريح كي تقدم ضمن العروض المسرحية الموازية لفعاليات المهرجان الوطني للمسرح بمكناس والذي تحتضنه العاصمة الاسماعيلية شهر يونيو القادم، الشيء الذي منحنا دفعة جد قوية للمضي قدما في المشروع المسرحي الذي تبنته الجمعية قبل سنوات في محاولة منها لإعادة بناء الحركة المسرحية بكلميم باعتماد نهج تشاركي منفتح على مختلف الفعاليات المحلية والوطنية وتركيز الاهتمام على تأهيل العنصر البشري في مجالات التمثيل والتدبير الإداري والمادي والمالي ومختلف التقنيات المرتبطة بالمنتوج الإبداعي المسرحي والمساهمة في تحقيق الإشعاع المطلوب لمدينة كلميم عبر استضافة مبدعين ومهتمين من داخل الوطن وخارجه والمشاركة البناءة في المهرجانات والملتقيات التي تنظم في كل ربوع المملكة، وأيضا الاستثمار الأمثل للبنيات الثقافية المتوفرة. ولعل مهرجان كلميم لمسرح الجنوب، الذي أصبح موعدا سنويا لتجديد اللقاء بفرق دولية، وأساتذة باحثين ونقاد معروفين جهويا ووطنيا وبجمهور كلميم أيضا، قلت لعله جزء من هذا المشروع المسرحي، الذي يتضمن في نسخته الثالثة عروضا مسرحية تعكس تنوع التجارب المسرحية الاحترافية بدول تنتمي إلى فضاءات أفريقية وعربية، وتنظيم ندوات فكرية.. وفي باب التكريم اختارت الجمعية أحد رجالات المسرح والتربية الذي ساهم في إغناء الساحة المسرحية الوطنية بعطاءاته المتعددة تنظيرا وتأليفا وإخراجا هو الأستاذ الحسين الشعبي، ومحليا وقع الاختيار على الأستاذ عبد العزيز منتوك اعترافا بالمجهودات التي بذلها في سبيل إرساء ممارسة مسرحية منذ أيام جمعية الأطلس الصغير. كما كنا نود أن ينفتح المهرجان على التجارب المسرحية الهاوية التي يشتغل عليها الشباب الممارس بجهة كلميمالسمارة، وعلاقة بالرفع من القدرات الفنية والجمالية للممارسين الشباب بكلميم كانت ستخصص ورشات تكوينية تهم السينوغرافيا والتشخيص والإدارة الفنية بالإضافة إلى معرض للكتاب على هامش المهرجان لولا الظروف المادية القاسية التي واجهت المهرجان الذي ناضلنا ولا نزال نناضل ونضحي بكل الامكانيات المتوفرة لدينا للرقي به إلى مصاف المهرجانات الدولية المعروفة. قسوة هذه الظروف تأتي أساسا من تخلي بعض شركائنا عن هذه الفعاليات ورفضهم التجاوب معنا لأسباب غامضة ونجهلها خصوصا فيما يتعلق بالفضاء الذي سيحتوي التظاهرة ولعل هذه القاعة التي نتواجد بها حاليا لخير دليل على ما أقول التي كان من المفروض أن تحتضن فعاليات المهرجان إلا أننا واجهنا مشكل الربط بالكهرباء وكحل استعجالي كنا مجبرين على نقل المهرجان إلى قاعة سينما الخيمة، ونحن نعي الظروف القاسية لهذا الاختيار الاضطراري والتي على الجميع تحملها بما فيها صورة كلميم وطنيا وعربيا، مع العلم أن مثل هذه المهرجانات تعد فرصة ثمينة لا يجب على الشركاء تفويتها ليستفيدوا منها قدر المستطاع سواء على مستوى التكوين أو الإشهار لهم. وفي هذا الإطار كانت إدارة المهرجان قد أصدرت بيانا يدين مثل هذه التصرفات الهوجاء والتي تنم عن انعدام روح المسؤولية لدى بعض مسؤولي هذه المدينة وتماطلهم في التجاوب السريع مع المهرجان والحسم بصورة واضحة فيما يتعلق بالفضاء خصوصا بعد تجربة السنة الماضية وحتى عندما نطالب بموعد لا نسمع سوى صدى أصواتنا فكل الآذان صماء أم أنها تتصنع الصمم. ولا نخفيكم سرا، أننا كنا نعتزم إعلان تأجيل تنظيم الدورة الحالية بل نادى البعض بإلغائها كليا، لكننا حرصا منا على رسالتنا والتي نعتبرها معركة على الواجهة الثقافية والفنية للمدينة والجهة، قررنا تحدي جميع الظروف وها نحن نلتقي اليوم في الدورة الثالثة للمهرجان ونحن مصرين على الاحتجاج بصوت عال على أسلوب التسويف الذي قرر بعض المسؤولين والشركاء معاملتنا به. كما أن عائلتنا الكبيرة في المجتمع المدني، إطارات وفعاليات، إلى جانب المنابر الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة والإلكترونية قدمت لنا السند الكبير في مواصلة تحدي الظروف اللاتنظيمية واللامسؤولة للبعض. إن معركتنا اليوم هي معركة المغرب بكامله في جعل الثقافة في صلب ومقدمة رهانات التنمية المنشودة. ولعل الخطاب الملكي يمثل مرجعا أساسيا في هذا الشأن، والذي نادى بالنهوض بالثقافة الحسانية وإدماجها في المنظومة التربوية. لكن يبدو أن بعض مسؤولينا يظلون خارج سياق التاريخ ويصرون على جعل الثقافة في مؤخرة اهتماماتهم. إننا نؤكد اليوم على التزامنا مواصلة تحدي جميع الظروف كي نعيد لكلميم وجهها الحضاري وسنواصل معركتنا وهذه المرة وفق استراتيجية جديدة وخطوات أكثر جدة، سنعلن عن تفاصيلها قريبا، وتأتي هذه الخطوة استكمالا للمذكرة المرفوعة للسيد والي جهة كلميمالسمارة والتي قدمناها بداية الشهر الحالي. كما سنصدر بيانا بعد نهاية هذه الدورة الثالثة سنقدمه خلال ندوة صحفية من شأنه أن يميط اللثام على كثير من الظروف والملابسات التي تحكمت في تدبير الشأن المحلي على الصعيد الثقافي والفني. وستلي هذه الخطوة، استراتيجية جديدة ستمكننا من مواصلة معركتنا الحقيقية ورسالتنا النبيلة. في آخر الكلام أحب أن أشكر كل الشركاء الذين لم يتخلوا عنا وأشد على أيديهم بحرارة كما أشكر كل المنابر الإعلامية المرئية والمسموعة والإلكنرونية التي تواكب التحضيرات وفعاليات المهرجان وشكرا دائما وأبدا لجمهور كلميم.