ارتبطت وظائفهم داخل المجتمع بالورع والتقوى، وإصلاح ذات البين، يحملون كتاب الله في صدورهم، ويعلمونه للناشئة في المساجد وبيوت الله، وينظر إليهم بأنهم خلائف الله في الأرض وورثة الأنبياء. اليوم أصبح عدد كبير منهم مرتبطا اسمه بالجريمة والفساد وتسخير الشياطين في وصال العاشقين. لم تعد تغريهم الإمامة والمحراب، ولم تعد تستهويهم دروس المنبر وخطب الجمعة والأعياد. هم إذن فقهاء وأئمة تحولوا إلى «مجرمين» وأفاقين وقتلة، لم يقووا على الاستماتة ضد شياطينهم والاتعاظ بالآيات القرآنية، ليصير في حقهم المثل الشائع «الفقيه لي تسنينا براكتو دخل للجامع ببلغتو» ذا دلالة واضحة وقوية. تركوا المحراب وارتموا في «الأحضان» سجلت في الآونة الأخيرة عدد من الجرائم والحوادث المتعلقة بالجنس، أبطالها بعض الفقهاء والأئمة ورجال الدين. بعض هذه الجرائم تم ضبطها داخل بيوت الله، دون مراعاة لحرمة هذه الفضاءات وقدسيتها. بعضهم استدرج أطفالا وطفلات يدرسهم الدين ويعلمهم القرآن، وبعضهم جلب عشيقاته إلى المسجد لإرواء عطشه من كأس الجنس دون اعتبار لمكانته داخل المجتمع، ونظرة الناس إليه. جرائم كثيرة ومختلفة لا يكاد يمر أسبوع دون أن نسمع فقيها أو إماما ضبط متلبسا فوق جسد طفل أو طفلة أو مرتم فوق صدر فتاة أو امرأة. أمثلة كثيرة لمثل هؤلاء الذين يرتدون عباءة الدين والإمامة لممارسة أفعال لا تليق برجل الدين المعروف في ذهن الجميع بالورع والتقوى وإرجاع الناس إلى جادة الصواب، لكن كما يقال في المثل الشائع «الفقيه لي تسنينا براكتو دخل للجامع ببلغتو». قبل أيام قليلة أذن المؤذن لصلاة المغرب بأحد مساجد منطقة آيت أورير بمراكش، بعد انتظار لمدة من الزمن لم يظهر الإمام لإمامة الناس، فتطوع أحد الأشخاص وأمّ الناس اعتقادا منهم أن الفقيه غير موجود بمنزله المحاذي للمسجد، وأنه ذهب لقضاء غرض يهمه، جريا على عادته أحيانا، حينها لم يتبادر إلى المصلين وإلى القائمين على شؤون المسجد أن الإمام قد يكون في «مهمة خاصة». وصل موعد صلاة العشاء، بعد انتظار طويل أيضا لم يظهر الإمام، فأقاموا الصلاة وأغلقوا أبواب المسجد وذهبوا لمنزل الإمام للاستفسار عنه، لكن دون جدوى، ليتم ربط الاتصال بعناصر الدرك الملكي بعدما راودتهم شكوك حول صحة وسلامة الإمام، ليتم اقتحام المنزل، حيث تم ضبط الإمام منتشيا بمفاتن امرأة مطلقة كانت بينهما علاقة جنسية منذ مدة. إمام مسجد آخر بضواحي بلدية اغرم بإقليمتارودانت راود شابة عن نفسها بعد أن هَمّ بها، فاستدرجها إلى غرفته بالمسجد، التي يضع فيها أغراضه، فمارس عليها الجنس إلى أن أشبع رغبته من جسدها النيئ، وافتض بكارتها، وطمعا في عودتها إليه مرات أخريات، وعدها بالزواج فاطمأنت الفتاة إلى الفقيه، الذي لا يعرف الكذب بحسبها، وأنه سيفي بوعده. استمر الحال لأشهر ولسنوات، وأصبحت الفتاة تتردد باستمرار على بيت الفقيه مانحة له جسدها، إلى أن حملت منه، وأصبح بطنها ينتفخ رويدا رويدا. لما أخبرت الإمام بالأمر أصيب بدوار شديد، ولم يعرف كيف يفك هذه المشكلة، فاقترح عليها أن يزوجها بشخص آخر لدرء الفضيحة، فقبلت الفتاة اقتراحه. بسرعة البرق أقنع الإمام شخصا آخر بالزواج واختار له العروسة. وبعد أيام قليلة أقاموا العرس، وكأن كل شيء عاد. بعد أيام قليلة اكتشف الزوج أن بطن زوجته منتفخ أكثر من اللازم، وبعد استفسارها أخبرته أنها حامل منذ ليلة «الدخلة». لم يستسغ الزوج الأمر، ومباشرة بعدما هددها، أخبرته بتفاصيل الحكاية والحيلة التي أخرجها فقيه الدوار. لم تنههم صلواتهم عن الفحشاء ليست النساء والفتيات اليافعات فقط من يقع الأئمة والفقهاء في شهوتهن، بل سجلت هناك حوادث جنسية لفقهاء يفضلون ممارسة الجنس على طفلات قاصرات. قبل أسابيع قليلة أوقفت عناصر الدرك الملكي ببلدية القليعة قرب انزكان إمام مسجد أحد أحياء البلدية متهما بالتحرش الجنسي ضد طفلات قاصرات. الإمام الذي يؤم الناس في نفس المسجد، استغل مكانته الاعتبارية بين ساكنة الحي، واستغل ثقتهم فيه كمعلم لأبنائهم الصغار وبناتهم، يحفظهم القرآن الكريم ويعلمهم الصلاة، لكن ليس ذلك وحده ما يقوم به الفقيه فقد بدأ هذا الأخير في البداية بالتحرش بالطفلات القاصرات اللواتي لا يتجاوز عمر أكبرهن 11 سنة، ثم انتقل بعد ذلك إلى تلمس أجزاء حساسة من أجسادهن بعد إرغامهن على إزالة ملابسهن لتلمس أجهزتهن التناسلية من خلال تمرير يديه وقضيبه عليهن إلى أن ينال مراده ويقضي وطره. هكذا استمر الحال لسنوات، فلا الإمام الذي لم تعد تفصله عن العقد السادس سوى أقل من سنة «لعن الشيطان» وتراجع عن أفعاله التي لا تليق بمكانته، ولا الطفلات استطعن أن يبحن لأسرهن بما يفعله الفقيه لهن، فالخوف من عقابه كان يتملكهن. لكن دوام الحال من المحال. بعد مدة أصبحت الطفلات يدركن ما يقوم به الفقيه لهن، فبدأن يسردن ذلك في ما بينهن إلى أن بلغ الخبر أمهاتهن، فنقلنه إلى أزواجهن، ليتم اعتقال الإمام من طرف الدرك. حاول الفقيه في البداية نكران ما يفعله للطفلات، لكن دهاء بعض عناصر الدرك ووضع مصحف أمام الفقيه جعله ينهار عندما طلب منه أن يقسم فوق كتاب الله، إلا أنه رفض ذلك خوفا من عقاب الله كما قال، ليعترف باعتدائه الجنسي على الطفلات القاصرات. حتى الذكور لم يسلموا من بطشهم قبل أسابيع قليلة فقط، حار الناس بمنطقة أولاد تايمة أمام واقعة مثيرة ومحيرة، بطلها فقيه بالمنطقة، والذي مارس الجنس على شاب معترفا أمام الشرطة أنه فعلا مارس الجنس على الضحية، لكن ذلك حسب قوله ليس فجورا وفسقا منه، بل جاء نتيجة أوامر جن يسكن الفقيه ويساعده على أعماله. الفقيه أغرم بالشاب وأعجب به، خصوصا وأن الضحية شاب وسيم، فكان أن التقى الفقيه بأحد معارف الضحية وأخبره بحاجته إليه، فمده الآخر برقم هاتف الضحية، كما زاد وسهل عليه مأموريته، فأخبره أن الشاب الوسيم يعاني بين الفينة والأخرى من صداع في الرأس. بعد أيام اتصل الفقيه بالشاب وأخبره أن «لجواد» أخبروه بمرضه وأنه قادر على شفائه، بسرعة البرق جاء الشاب يلتمس العلاج، استقبله الفقيه في أحد الأزقة، ومنها نحو «حانوت» العلاج، أخرج الفقيه «مجمرا» ورمى فيه عددا كبيرا من البخور والسموم وبقايا جلود حيوانات، فأصيب الشاب بحالة إغماء بعدما شم ذلك، فأزال الفقيه سرواله ومارس الجنس على الشاب الوسيم بطريقة شاذة إلى أن أشبع رغباته التي نسبها إلى الجن، كما انتهز الشاب الآخر الفرصة واغتصب الضحية هو الآخر. لما استفاق الشاب من حالة الإغماء، أحس أن شيئا غير طبيعي وقع له، تحسس جسمه فوجد صعوبة في الجلوس مستويا كما هي العادة، فأدرك أن الفقيه اغتصبه. في المساء أخرجه الفقيه من بيته وأوصله على متن سيارته إلى المنطقة التي يقطن فيها، غير أن الشاب اتجه نحو المستشفى وحصل على شهادة طبية كانت كافية للشرطة لاعتقال الفقيه ورفيقه. أئمة قتلة ليست جرائم الفقهاء والأئمة محصورة في الجنس والدجل والنصب والاحتيال، بل تعدتها إلى القتل وإزهاق الأرواح التي حرم الله. هذا ما فعله إمام مسجد بمنطقة هيلالة بإقليم اشتوكة آيت باها، هذا الأخير الذي وقع في غرام فتاة تنحدر من منطقة امينتانوت بإقليمشيشاوة عندما كانت في زيارة لعائلتها بإقليمتارودانت، فتبعها الفقيه إلى منزل أسرتها وهناك خطبها وتزوجها في نفس اليوم دون أن ينجز عقد النكاح، مكتفيا فقط ب(الفاتْحة). ظلت الفتاة ترافق الإمام في حله وترحاله بين المساجد والقرى يؤم الناس في الصلاة ويعلم أبناءهم القرآن، بينما اتخذ من الفتاة التي معه عشيقة له تلبي رغباته في الفراش. بعد أشهر حملت منه، فاستشاط الفقيه غضبا، فهو يرفض أن ينجب معها أي مولود، لأن له زوجة أولى له معها أطفال تركهم بمسقط رأسه بتيزنيت، دون أن تعلم الفتاة التي معه شيئا عن الأمر. بعدما أنجبت طفلة منه كان يفكر في كل لحظة وحين عن طريقة تمكنه من التخلص من هذه الطفلة التي اعتبرها غير شرعية إلى أن اهتدى إلى أن الطريقة المثلى هي قتل الطفلة، وذلك ما فعله في غفلة من أمها، حيث قتلها بعدما وضع قماشا بلاستيكيا في فمها إلى أن توفيت اختناقا ووضعها في حقيبة السفر وخرج من المنزل، بعدما أخبر أمها أنه ينوي تسليم الطفلة إلى والدته للاعتناء بها وتربيتها. فيما الحقيقة أنه سافر إلى مسقط رأسه بمنطقة أنزي بتيزنيت وهناك قام بحفر حفرة في مكان خال ووضع فيها الجثة بعيدا عن الأعين. بعد أشهر عاد الفقيه للعمل في أحد مساجد إقليم اشتوكة أيت باها، وهناك حملت منه من جديد الفتاة / العشيقة / الزوجة، فحار الفقيه في أمره من جديد وفرض على الفتاة أن لا تبرح المنزل وأن تبقى بعيدة عن أعين ساكنة الدوار، أمر أثار حفيظة الفتاة التي قررت إخبار والدتها وشقيقها، اللذين قررا وضع شكاية لدى درك منطقة آيت باها. بعد إيقاف الفقيه والتحقيق معه حاول في البداية تمويه الدرك بكون الطفلة التي قتلها قد منحها لأحد معارفه الذي لا ينجب، لكنه أمام ضغط التحقيق تراجع واعترف بقتله للطفلة، كما قام بنفسه بنبش قبرها رفقة المحققين عند اعتقاله. أئمة المخدرات قبل أشهر قليلة فقط ضبط إمام بتيزنيت متلبسا بترويج المخدرات. هذا الأخير الذي لم يكن يثير حوله أية شكوك، فهو خريج مدرسة عتيقة، وحامل لكتاب الله في صدره، كما أنه يتنقل خلال كل رمضان بين مساجد الدارالبيضاء يؤم الناس في صلاة التراويح، له صوت رخيم ويفضل كثير من الناس الصلاة خلف هذا الشاب الذي ينحدر من منطقة شيشاوة، لكنه في حقيقة الأمر يتخذ عمله إماما في المساجد من أجل التمويه وإبعاد الشبهات عنه. نهاية مغامراته ستنتهي بتيزنيت عندما توصل رجال الشرطة بمعلومات تفيد بأن هذا الفقيه يتوفر على كمية من مخدر الشيرا وهو بصدد ترويجها في المدينة، لتتحرك دورية للأمن وتوقف الإمام بساحة المشور وبحوزته كمية من المخدرات. بعد ذلك انتقل المحققون إلى غرفة الفقيه بأحد الفنادق الذي يقيم به ليتم العثور على كمية أخرى من المخدرات، كما اعترف أيضا أنه سلم كمية أخرى من الشيرا إلى عشيقته التي اكترى لها غرفة معه بنفس الفندق، والتي تم اعتقالها هي الأخرى، ولدى تفتيش غرفتها عثر على عوازل طبية بحقيبتها وكمية من الشيرا. فقهاء النصب والاحتيال تبقى جرائم النصب والاحتيال من بين الجرائم التي يمتهنها عدد من الفقهاء والأئمة، وذلك من أجل الحصول على المال بأية طريقة. قبل 7 أعوام تقريبا تمكن فقيه يدعي حفظ القرآن من النصب والاحتيال على عدد من الضحايا بإقليمتارودانت، وذلك بعدما أوهمهم بوجود كنز في مكان ما بالإقليم، كما أوهمهم أن هذا الكنز كفيل بتغيير حياتهم رأسا على عقب ونقلهم من براثين الفقر والعوز إلى مصاف الأغنياء. حل أحد الفقهاء بمنزل أحد الأشخاص بتارودانت واقترح عليه رفقة فقيه آخر الاشتراك معهما في استخراج كنز، قبل الشخص الاقتراح واستدعى صهره وتم نقل الجميع على متن سيارة إلى المكان المحدد، بدأ الحفر ليلا، بينما تكلف الفقيه بتلاوة آيات من القرآن الكريم، استمر الحفر إلى أن تم الوصول إلى قدر طيني، تم استخراجه ووضعه في السيارة. في الطريق قام الفقيه بتهشيم هذا القدر فوجد به ورقة مكتوبة عليها بعض الرموز والطلاسيم، فأخبر الجميع أنها تدل على مكان وجود الكنز، وأن المكان المقصود يوجد بتيزنيت. اتجهوا نحو المكان المحدد، وعند الاقتراب منه نزل الفقيه وتوجه نحو بناية مهجورة وبعض لحظات عاد إليهم، وأكد لهم أن هذا هو المكان المحدد، وأن عملية الحفر لن تبدأ إلا بعد منتصف الليل. في الوقت المحدد عادت المجموعة إلى المكان. تكلف الشابان بالحفر، بينما تكلف الفقيهان بقراءة القرآن. بعد لحظات حل شخصان قدما نفسيهما أنهما حارسا الغابة، وطلبا من الشابين بطاقتيهما الوطنية، بعد ذلك أمراهما بتقديم مبلغ مالي قدره 5 ملايين سنتيم من أجل طي القضية وإطلاق سراحهما، لكون جريمة البحث عن الكنوز يعاقب عليها القانون. استمر التفاوض بين الأطراف إلى أن تم تخفيض المبلغ إلى 3 ملايين سنتيم، قدمها الشابان في اليوم الموالي. بعد أشهر أحس هؤلاء أنهما تعرضا فقط لعملية نصب مدبرة حاك خيوطها الفقيه الذي كان يتدخل خلال التفاوض لصالح حارسي الغابة المزيفين. أبو علي: «ظروف التعليم في بعض المدارس العتيقة تشجع على الرذيلة» يرى أبو علي الإمام وصاحب كتاب «المساجد بالمغرب.. رؤية من الداخل» أن الأئمة هم أيضا جزء من المجتمع، ولا يمكن فصل قطاعات هذا المجتمع، فالأئمة والفقهاء يتعايشون وسط ثقافات وسلوكات مختلفة وسط هذا المجتمع الذي توجد فيه سلوكات منحرفة وشاذة، وعند القول بأن هذه الانحرافات بدأت ترشح في المساجد وبين بعض الأئمة والفقهاء، فمعنى ذلك أن المجتمع ككل غير محصن، وأن منظومة القيم أصبحت تفتقد للفاعلية. ويضيف أبو علي «نحن نقر أنه سجلت عدة جرائم وتجاوزات داخل المساجد وبين الأئمة هنا وهناك، غير أنه يجب أن نعرف أن بعض الفقهاء والأئمة قد يقعون ضحية لبعض الجمعيات الفاعلة في المساجد أو أهل الدوار لطرده، بحيث يتم توريطهم في أمور مخلة بالحياء والمروءة. ويشير أبو علي أن دراسة قام بها رفقة إمام آخر حول أسرة المساجد أظهرت أن الأئمة ثلاثة أصناف، صنف أول جيد التكوين وتسلسله التربوي جيد جدا، وهناك صنف في حاجة إلى تأهيل، فيما الصنف الثالث هو فقهاء وأئمة لا يحملون من هذه الصفة إلا الاسم، منهم بعض المتجولين والمهرجين في الساحات العمومية، الذين يتحولون إلى أئمة بالمساجد بعدما يكتشفون أن طقس التجوال والتخريج لم يعد يجدي نفعا، فهؤلاء معروفون بالدجل والزندقة، كما أننا في نفس الدراسة وجدنا أن 35 في المائة من أئمة المساجد أشباه أميين، وهؤلاء لا يجيدون في مهمة الإمامة إلا (الفَاتْحَة) أي الدعاء. ويجب أيضا أن «لا ننسى الظروف التي يتعايش فيها بعض هؤلاء الأئمة في بعض المدارس القرآنية خلال مرحلة تعليمهم، فهي تشجع على ظهور مثل هذه الحالات الشاذة، إذ هي مدارس مغلقة لا تتوفر فيها وسائل الترفيه أو الرياضة والإعلام والتوعية». وأبرز أبو علي أنهم قدموا اقتراحا لوزارة الأوقاف قصد إصدار قرار لموت رحيم لهذه المدارس التي لم تستطع أن تنتج أطرا متوازنة نفسيا. فقطاع المساجد بحسب المتحدث ابتلي عكس باقي القطاعات بالكثير من المتسللين والمتسلقين الذين لا يتوفرون على أدنى مواصفات الإمام أو الفقيه. إمام وعضو رابطة أئمة المساجد شكدالي: «هناك من يرتدي المقدس لارتكاب المدنس» في الآونة الأخيرة سجلت عدة جرائم، أبطالها فقهاء وأئمة، ما هو تفسيركم لهذه الظاهرة؟ يكون وقع الصدمة أكبر لدى المجتمع المغربي عندما ترتبط الجريمة بشخص الفقيه أو الإمام عكس باقي أفراد المجتمع، على اعتبار أن الفقيه يمثل جانبا مقدسا فيه الورع والتقوى. لكن يجب أن نعرف أيضا أن الجريمة عندما تقع، فهي تقع بمعزل عن صفة مرتكبها، وتكون له آنذاك صفة واحدة هي صفة «المجرم» حتى وإن كان يمارس مهنة معينة لها من النبل ولها في التصورات الاجتماعية مثل عليا وسامية. فالشيء الذي يصدم الناس هو أنهم يتصورون بأن الفقيه أو الإمام كما يشير إلى ذلك المثل الشائع «الفقيه لي تسنينا براكتو دخل للجامع ببلغتو». فهذا المثل معبر جدا ويعطينا تفسيرا اجتماعيا لإدراك المجتمع للفقيه عندما يرتكب جريمة مخلة بالحياء وبأشياء نبيلة داخل المجتمع، ولكن هذا الربط ما بين الفقيه أو الإمام وعمق الفقه، هو ربط اعتباطي، لأن فيه نوعا من التقديس لهذه المهام التي يجب أن يقوم بها الفقيه. ففي الواقع ليس كل من أمّ الناس في المسجد أو حفظ القرآن الكريم يمكن أن نلقبه بالفقيه، فالفقيه في المستوى الأعمق هو الذي ينتمي إلى علم أصول الفقه، وهذا الأخير مرتبط بالممارسة وبالتحصيل العميق جدا وليس بمجرد حفظ آيات ومتون وأحاديث. هذا الأمر يجب أن نلتفت إليه حتى يمكننا أن نفصل ما بين الإدراك الشعبي للفقيه الذي يختزل على أنه رجل دين، وفي الواقع ربما ليس هو كذلك لأنه لم يبلغ من التحصيل العلمي ما يؤهله أن يكون فقيها بمعنى علم أصول الفقه. لهذا يجب أن نكف عن هذا التصور، لأن هناك من يرتدي جبة الفقيه وهو ليس كذلك، فهو يرتدي المقدس ليقوم بالمدنس. هل للأمر ارتباط بضعف التكوين أيضا لدى بعض الأئمة، ما يجعلهم عرضة لمثل هذه الانحرافات؟ أنا أرى أن هذا الأمر مرتبط أساسا بالكبت الجنسي على صعيد المجتمع بصفة عامة، هناك تفسيرات في علم النفس تناقش المجرم على أن له خللا على مستوى الإدراك، فهو عندما يقوم بجريمة لا يدرك مستوى العواقب ويعتقد أنه لن ينكشف أمره. إذن فالأمر ليس مرتبطا فقط بمستوى التكوين، ولكنه أيضا يتعلق بالتنشئة الاجتماعية وعلى مستوى اختيار الأئمة، لأن اختيارهم بمجموعة من القوى والمداشر يتم بناء على اتفاق مع (الجْماعة) في غالب الأحيان. لهذا قبل أن نتحدث عن التكوين يجب أن نتحدث عن الانتقاء بما يدخل ضمن ذلك من تنشئة متوازنة وأخلاق فاضلة. بعض الأئمة والفقهاء يستقبلون ببعض الفضاءات نساء وفتيات للرقية الشرعية وإنجاز بعض التمائم وغيرها مما يجعلهم عرضة لتحرشات قد يقعون فيها بسهولة؟ أعتقد بأن المسألة مرتبطة بالفكر الطقوسي الاعتقادي الذي فيه الشعوذة، وهو كمنطق الضعيف لجلب ما يريد، وهو ما يجعل النساء والفتيات يسقطن بسهولة في براثن هؤلاء الفقهاء، لهذا فالمرأة أو الفتاة عندما تدخل عند الفقيه وتبدأ الكلام معه، فهي تتحدث عن علاقة مع الآخر، وقد تكون تبحث عن الجنس بطريقة مقبولة أو العكس، وبالتالي فهي تفتح له فرصة لكي يدخل معها في هذه العلاقة غير الشرعية، مما تنتج عنها عدة جرائم وتحرشات من هذا الفقيه لإشباع رغباته المكبوتة.