تجسد ذكرى استرجاع واذي الذهب المجيدة صفحة مشرقة في تاريخ النضال الوطني الذي خاضه المغاربة في ملحمة تحقيق الوحدة بقيادة العرش العلوي المجيد٬ وهي بذلك تتوخى إبراز قيم الروح الوطنية التي تنطق بها ملاحم المغرب دفاعا عن مقدساته الدينية والوطنية وإذكاء شعور المواطنة والتعبئة واستلهام هذه القيم في المسيرات الخالدة للمغرب الجديد صيانة لوحدته وإعلاء لصروحه في مختلف الميادين والمجالات. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1979 توافد على عاصمة المملكة علماء وأعيان وشيوخ سائر قبائل إقليم وادي الذهب لتجديد وتأكيد بيعتهم لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين٬ معبرين عن تعلقهم بأهداب العرش العلوي المجيد وولائهم وإخلاصهم على هدي آبائهم وأجدادهم٬ واصلين الماضي بالحاضر مؤكدين تمسكهم بمغربيتهم وتشبثهم بالوحدة الترابية للمغرب٬ محبطين مخططات ومناورات الخصوم. وتعتبر لحظة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة التي حمل مشعلها بعزيمة وإيمان مبدع المسيرة الخضراء المشمول بعفو الله جلالة المغفور له الحسن الثاني٬ قدس الله روحه٬ عندما خاطب رعاياه أبناء هذه الربوع قائلا: "إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة٬ وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة٬ فمنذ اليوم بيعتنا في أعناقكم٬ ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم٬ وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر". وتجسد الزيارات الملكية لهذه الربوع الغالية من المملكة أواصر العرما مكن من إحباط كل مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة وأعدائها٬ فسار المغرب في طريق الارتقاء بأقاليمه الجنوبية وإدماجها في المجهود الوطني للتنمية الشاملة والمستدامة مدافعا عن وحدته ومبرزا للعالم أجمع مشروعية حقوقه وإجماع الشعب المغربي على صيانتها والذود عنها بالغالي والنفيس. وواصل باني المغرب الجديد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حمل مشعل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة موليا جلالته عنايته القصوى للأقاليم المسترجعة ورعايته الشاملة لأبنائها فضلا عن تعزيز الأواصر والتعبئة الوطنية لمواجهة كل مؤامرات خصوم الوحدة الترابية مجسدا حكمة المغرب وتبصره وإرادته في صيانة حقوقه الراسخة. وقد أكد جلالته في خطاب العرش يوم 30 يوليوز2008 الإرادة القوية للمغرب واستعداده الدائم لإيجاد حل سياسي توافقي ونهائي للنزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة٬ حيث قال جلالته: "تظل أسبقية الأسبقيات هي تحصين الوحدة الترابية للمملكة٬ وقد أسفرت الجهود الدؤوبة لدبلوماسيتنا المقدامة عن تطور إيجابي جوهري٬ تجسد في تأكيد الإقرار الأممي بجدية ومصداقية مبادرتنا الشجاعة للحكم الذاتي٬ والدعم الدولي المتنامي لأحقية المملكة في سيادتها على صحرائها وبعدم واقعية وهم الانفصال". ولئن كانت هذه المحطة التاريخية٬ التي يخلدها الشعب المغربي في جوانب منها هي ذكرى استحضار لروابط البيعة المتجذرة والمتجددة للعرش العلوي المجيد٬ فهي أيضا مناسبة للوقوف على أوراش البناء والنماء التي حظي بها إقليم وادي الذهب خصوصا وجهة وادي الذهب- الكويرة عموما٬ واستشراف آفاق المستقبل لتعزيز التنمية في مختلف المجالات وتثبيت الحقوق التاريخية في اتجاه تكريس وترسيخ الوحدة.