هنا بلدة تامْراغت بجماعة أورير، على مسافة 14 كيلومتر شمال مدينة أكادير. يرقد ولي صالح من أحفاد الشيخ يِعْزَّى وِيهْدَى صاحب الكرامات والمناقب. غير بعيد عن قبر ذلك الولي الصالح توجد صخرة عظيمة ممتدة على طول 55 مترا داخل البحر. أسفل الصخرة توجد فجوة وتجويف صخري، تقصدها النساء الشابّات طلبا لحبيب لم يشأ بعد أن يطرق باب بيت الوالدين مُرافقا أمه وحاملا هدية الخطوبة. تقتضي الزيّارة "إعمال" النية أولا، والتوجه نحو ذلك التجويف الصخري والوقوف قبالة الثقب المسمى "تامسوفت" وانتظار ارتطام الموج بذلك التجويف، ومن شدة الإرتطام يتصاعد الماء قويا إلى الأعلى عبر ذلك الثقب. ومن لم تنتظر تبلل جسدها برذاذ سبع موجات متواصلات فزيارتها باطلة. يُقام موسم إموران في الجمعة الأولى من شهر شتنبر من كل سنة، مباشرة بعد انتهاء موسم سيدي احماد وموسى، وهو فرصة يُسوّق فيها التجّار منتوجات محلية كالزيوت والتمور والخضر والفواكه والأثواب والنباتات العطرية والعسل وغير ذلك مما تُنتجه منطقة سوس منذ القدم. إمُورَان تعني العشّاق باللسان الأمازيغي، حتى أن هناك من يربط اسم المكان بقصة عاشقين من قبيلتين مختلفين كان يجمعها الحب ويُفرقهما الحرب، تَحَدّيَا الصعاب من أجل الزواج رغم المعارضة الشديدة، ولمّا أخد حبهما صبغة العشق الممنوع، وأضحى تحقق حلميهما بالإقتران أمرا مستحيلا في ظل أعراف قبلية لا تقيم وزنا لمشاعر المُحبين وعقائد أهل الصبابة، وإنما تجعل مصالح القبيلة ونخوتها فوق كل اعتبار، لم يكن من سبيل أما العاشقين سوى تقديم روحيهما قُربانا للعاشقين والمحبّين المخلصين. تم انجاز فيلم أمازيغي بهذا العنوان "إيموران" تخليدا لقصة عشق أزلية. ما يزال العشاق في كل الربوع يحجون كل سنة إلى ذات المكان طلبا لبركة الفجوة وبحثا عن بعل تأخر كثيرا.. أقدم ما كُتب عن صخرة العشاق إموران يعود إلى 1505، عندما جاء البرتغاليون( أو البرتقيز بلغة المغاربة القدماء) لاستعمار أكادير أو فُونتي. استقر المستعمر بأكادير الذي كان يُسمى وقتها لْعرْبَا، نسبة إلى سوق أسبوعي يقام كل أربعاء بالمنطقة. ضمّ إليه عين بوقنادل الموجود أسفل قصبة أكادير نوفلّا، فالتحق البَرْتْقيز بالمكان المسمّى الآن إموران لتشييد قلعة مُحادية للبحر. ذات المكان يُسمى "بيم ميراو" في الوثائق البرتغالية، بحسب ما صرّح به لهسبريس الدكتور أحمد صابر عميد كلية الآداب بأكادير ومترجم كتاب سانتاكروز من الإسبانية. حاربت قبائل إداوتنان بشجاعة المستعمر البرتغالي واستطاعت في ظرف سنتين أن تُبعده عن تُخومها، حتى تلك القلعة التي بدأ البرتغال بناءها قبالة اليمّ لم تكتمل، كما لم يتبقّ من الكنيسة التي بنوها في إِغِيرْ نْ لْعْربَا سوى بعض الأطلال. سواء جاء اسم إمُورَان من العشاق بالأمازيغية أو من بِيمْ مِيرَاوْ البرتغالية، أو من مُورّانْ التي تعني البطل محليا، فإن موسم إموران يقام منذ مئات السنين، وفيه يحدث الإلتقاء بين الذكور والإنات بهدف التعارف والزواج، ويُلعب فيه أحواش نْ تِيدّي؛ صف من الذكور مقابل صف من الإناث لإتاحة رؤية جيدة لمحاسن المعشوق، كما أنه مكان يقصده التجّار كل سنة لعرض سلعهم. منذ سبع سنوات بات موسم إموران يُنظم من طرف جمعية محلية وأصبح يحمل صفة مهرجان، وبات مذرّا للدخل ليس للتجار وأصحاب المقاهي، وإنما للجماعة القروية وللفنانين المحليين وللعارضين وفرسان التبوريدة وغيرهم.. لكن هناك من السكان من يحن إلى هدوء المكان وقدسيته ويتأسف لإساءة طالبي المتعة ومحتسي الخمور فوق الصخرة لمكان كان لزمن طويل رمزا من رموز العشق المنزّه والحب العذري..