الشمال24 – متابعة ثريا ميموني، محمد القندوسي، عدسة ابراهيم الحراق أعلن يوم أمس السبت 10 ديسمبر 2016 رسميا عن إحداث مؤسسة المكي مورسيا للثقافة والفنون فرع طنجةوذلك في احتفال حاشد شهدته القاعة الكبرى بالمركز الثقافي أحمد بوكماخ بطنجة . المراسم الإحتفالية لهذا العرس الثقافي والفني شهد العديد من الفقرات بداية من ندوة دولية حول موضوع "آفاق التشكيل ودور المكي مورسيا في تاريخ هذا الفن"، وذلك بمشاركة فنانين وباحثين أكاديميين وصحافيين من المغرب واسبانيا وفلسطين ودول أخرى عربية وأجنبية، استحضروا من خلال مداخلاتهم وشهاداتهم القيمة العديد من المحطات الحاسمة للفقيد المكي مورسيا التي أكدت على مبدئيةومواقف الرجل النضالية والكفاح الوطني، مبرزين مسيرته الفنية الناجحة والطويلة التي توثقها مجموعة من الأعمال الفنية والإبداعية التشكيلية والمنحوتات المتنوعة، جلها لا زال في عداد الأعمال المفقودة في بلدان مختلفة من العالم. وفي تصريح ل "الشمال24" أكدت نجلة المحتفى به السيدة ربيعة مورسيا رئيسة المؤسسة أن جمع الأعمال الفنية الضائعة لوالدها المكي مورسيا يشكل هاجسا كبيرا لدى المؤسسة ولها شخصيا، وفي سياق متصل أشارت المتحدثة أنها جد سعيدة بهذا المولود الثقافي والفني الذي رأى النور بمدينة طنجة ، والذي يعتبر الفرع الثاني بعد فرع مدريد الذي تم إطلاقه في 16 من شهر نونبر الماضي، وأردفت في حديثها للموقع، أنه من المتوقع أن يتم افتتاح فروع أخرى بكل من الرباط ومارتيل الذي سيعلن قريبا عن افتتاحه . وأكدت المتحدثة أن هذه السلسلة من الفروع وما لها من أهمية بالغة في استحضار روح المكي مورسيا وذاكرته، لتساهم أيضا في تدشين عهد جديد في العلاقات الثقافية والفنية بين ضفة البحر الأبيض المتوسط، ومد جسور التواصل المبني على التراث الإنساني المشترك والذي كان الفنان أحد رواده، مبرزة الدور الريادي الذي تضطلع به المؤسسة وهي نفس الأهداف التي أنشأت من أجلها، وتتمثل في إقامة معارض وندوات ولقاءات فكرية وفنية، الهدف منها إلقاء الضوء على أبرز معالم المشهد التشكيلي بالمغرب تحت مظلة مؤسسة المكي مورسيا، وذلك من خلال التعريف بطرق ومناهج تتعلق بمجالات الرسم، النحت، السينما، الموسيقى، والثقافة بصفة عامة. وعلى نفس السياق تواصلت فقرات الحفل بفقرة تكريمية وقراءات شعرية انتهت بفقرة فنية ، أحيتها الفنانة المغربية القديرة نوال العلوي التي أتحفت مسامع الحضور بمختارات غنائية رائعة ذات اللون الشمالي الممزوجة بإيقاعات وأنغام الفلامنكو، لتلقى تفاعل جيد مع الجمهور المحب لهذه الأنماط الغنائية المتميزة. نبذة مقتضبة عن السيرة الذاتية للفنان الراحل المكي مورسيا (مارتيل، 1934-1984): المكي مورسيا هو إبن العلمي إبن أحمد إبن المكي مورسيا أحد أحفاد الشيخ الصوفي أبو العباس المرسي. ازداد المكي مورسيا أحد مؤسسي الحركة التشكيلية بالمغرب وأحد أعمدتها والملقب بشيخ المبدعين، بمدينة مارتيل سنة 1934، وقد اهتم منذ نعومة أظافره بفنون الرسم والنحت، حيث كان يتخذ من رمال شاطئ مارتيل مادة لمنحوتاته ورسومه. وقد التحق في سنة 1950 بمعهد الفنون الجميلة التي استحدثت آنذاك من قبل السلطات الإسبانية الإستعمارية في مدينة تطوان، حيث تتلمذ على أيدي مجموعة من الفنانين الإسبان أبرزهم ينمار يانوبير توتشيوطو ماسفير ناندي ثباطايير. وتعبيرا منه عن حسه الوطني والنضالي، قام المكي بنحت الراحل محمد الخامس ممتطيا صهوة جواده سنة 1953، مؤرخا لحدث نفي فقيد الأمة من طرف الاستعمار الفرنسي. وفي العام الموالي قام بصياغة نفس العمل في لوحة زيتية. وفي نفس السنة قام بتخليد شخصية الشهيد علال بنعبد الله بلوحة زيتية. كما قام أيضا برسم صورة للزعيم العراقي عبد الكريم قاسم وأهداها للسفارة العراقية بالمغرب سنة 1962 كمساندة منه للقومية العربية. وسعيا منه إلى إغناء وإثراء معرفته الفنية والبحث عن آفاق جديدة، انتقل المكي إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط وبالتحديد إلى إسبانيا حيث التقى بالعديد من فناني المدارس التقنية بكل من مدريد، بلباو وسانسيباستيان. وساهم في القيام بأنشطة ثقافية وفينة للتعريف بالثراث المغربي. سنة 1960 عاد المكي إلى المغرب وبالضبط لمدينة الرباط ليلتحق بإحدى أهم الفضاءات الفنية بالمغرب، ألا وهو رواق باب الرواح التابع لوزارة الثقافة التي كانت من خلاله تقدم الدعم للرسامين و النحاتين المغاربة. ويعتبر المكي مورسيا من بين الفنانين المغاربة الأوائل الذين حملوا هموم الوسط الفني التشكيلي وقاموا بتأسيس أول جمعية تهتم بالدفاع عن القضايا والأوضاع الاجتماعية للمنتمين إلى مجال الرسم والنحت والتي رأت النور عام 1965 تحت اسم الجمعية الوطنية للفنون الجميلة وكان المكي أول كاتب عام لها. وكان أول عمل دشنت به هذه الجمعية نشاطها، هو معرض الفنان عمر بورقبة برواق المامونية. كما قام فيما بعد بالإعداد و الإشراف على عدة معارض أخرى في فضاءات مغربية و أمريكية للفنانين التشكيليين أمثال محمد تيمود، الحسين موهوب و الفنان الكبير محمد الحمري. في عام 1970 و في منزل الفنان السنيمائي البشير سكيرج، تعرف المكي على بشيرة العمراني و تزوج بها لينجبا ربيعة، عبد الحي و بديعة مابين 1971 و .1975 وكفنان أصيل كان المكي يؤمن بأن الفن لا يمكن أن يباع أو يشترى ولكنه هو تعبير وإحساس يتجاوز الفئةالضيقة إلى عموم الناس، مما خلق له إحساسا بالمسؤولية تجاه فنه وعمله. لذلك حينما ألم به المرضوضاقت به سبل العيش تراجع عن الإنتاج في بداية السبعينيات إلا في حالات نادرة كان يقتصر فيها علىرسم لوحات كهدايا لأصدقائه المغاربة والأجانب مما جعل أعماله مشتتة في أماكن متعددة بين أوروباوأمريكا وآسيا. وكأغلب الفنانين العالميين توفي الفنان المكي مورسيا بمسقط رأسه مارتيل، بعد صراع مرير مع المرضوظروف العيش القاسية يوم 28 فبراير من سنة 1984 وضاعت عدة أعماله التي كان يحتفظ بها طوالسنوات المعاناة مع المرض. لقد أثرت وفاته بشكل خاص في والده السي العلمي الذي توفي بعد إبنه بعشرين يوما بعد أن عاش أكثر من مائة سنة في أحضان مارتيل.