صاحب الجلالة يواسي فيليبي السادس وبيدرو سانشيز على إثر الفيضانات التي اجتاحت فالنسيا    حصيلة ضحايا فيضانات إسبانيا ترتفع..    تقديم فؤاد عبد المومني يوم الجمعة.. و"همم" تعتبر اعتقاله "تعسفيا" وتطالب بالإفراج عنه    بيضاويون يرفضون مقاربة الرئيس الفرنسي ماكرون للقضية الفلسطينية    تأجيل مواجهة فالنسيا وريال مدريد بسبب الفيضانات    القرصنة تسقط 6 أشخاص في طنجة    ماكرون يعد بدعم المغرب في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الصحراء    الرؤية الملكية الاستباقية والمتبصرة حولت المغرب إلى منصة دولية رائدة في مجال صناعة الطيران (رئيس الحكومة)    الدوري الإسباني.. بيتيس يمدد عقده مع الزلزولي إلى غاية 2029    بنكيران لماكرون: حماس حركة تحرُّر وطني وإسرائيل كيان استيطاني محتل    فيضانات إسبانيا.. ارتفاع عدد القتلى إلى 95    إطلاق أربع قنوات رياضية جديدة لمواكبة الأحداث الرياضية الوطنية والدولية    الإفلاس يهدد 40 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة بحلول نهاية 2024    إسبانيا تعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام        الرئيس الفرنسي ماكرون يغادر المغرب    حزب الله يرشق شمال إسرائيل بمسيرات    ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالينسيا وإسبانيا تعلن الحداد ل3 أيام    تسجيل هزات ارضية خفيفة باقليم الحسيمة وساحله    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    المكتب الوطني للمطارات… حركة المسافرين تسجل ارتفاعا يناهز 43 بالمائة    فيضانات إسبانيا… وزارة الداخلية: المغرب، طبقا للتعليمات الملكية السامية، على أتم الاستعداد لإرسال فرق إغاثة وتقديم كل المساعدة الضرورية    الثلوج الكثيفة تتسبب في مصرع راع بجبال الأطلس    أسعار الذهب تقفز إلى مستويات غير مسبوقة    الأزمات تحاصر فريق أولمبيك خريبكة من جميع الجوانب وتهدده بالشلل!    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    27 قتيلا و2752 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    فيضانات كارثية في اسبانيا تخلف 51 ضحية وسط جهود مكثفة للبحث عن المفقودين    ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة "دانا" إلى 62 قتيلاً جنوب شرق إسبانيا    الرباط وأمستردام نحو تعزيز التعاون في مكافحة الجريمة وتسليم المجرمين    مدينة البوغاز تحتضن مهرجان طنجة للفيلم وتكرم المخرج المغربي مومن سميحي    البيضاء تحيي سهرة تكريمية للمرحوم الحسن مكري    تشييع جنازة عبد العزيز برادة في تنغير    تزوير أوراق نقدية يُودِع متورطيْن خلف القضبان بطنجة    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    في رسالة للسيد فوزي لقجع : طلب التدخل العاجل لتصحيح وضع الإعلام الرياضي …    المحامية بالجديدة سامية مرخوص تنال شهادة الدكتوراه في القانون باللغة الفرنسية بميزة مشرف جدا    أشرف حكيمي يحضر لمأدبة عشاء أقامها الملك محمد السادس بالرباط على شرف الرئيس الفرنسي ماكرون    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي        سمعة المغرب في العالم سنة 2024: فجوة 16 نقطة بين السمعة الداخلية والسمعة الخارجية    وزير التجهيز والماء يعلن إطلاق الشطر الأول من مشاريع توسعة ميناء العيون    جلالة الملك يقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس الفرنسي وحرمه    كأس ألمانيا.. ليفركوزن يتأهل لثمن النهاية    فصيل "ألتراس" أولمبيك أسفي "شارك" يُنظم وقفة احتجاجية ويُحمّل رئيس النادي الحيداوي مسؤولية النتائج السلبية    الأمم المتحدة: الحرب الأهلية في السودان تؤدي إلى "مستويات مهولة" من العنف الجنسي    وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع مع المرض    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    وفاة الفنان المصري حسن يوسف    ماذا سيحدث لجسمك إذا مارست تمرين القرفصاء 100 مرة يومياً؟    إطلاق حملة لاستدراك تلقيح الأطفال    الكوليرا تودي بحياة أكثر من 100 شخص في تنزانيا خلال 10 أشهر    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كواليس أولى جلسات محاكمة معتقلي حراك الريف بعيون صحفية
نشر في الشمال 24 يوم 13 - 09 - 2017

الولوج إلى هذه القاعة صبيحة هذا اليوم بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء، أعقبه احساس نوعا ما بالانتصار .. انتصار على بروتوكولات بوليسية تقليدية صرفة، ومواجهة آلت كفتها في النهاية لكل من آمن، ولازال، بعدالة قضية الريف.
كل من أرجأ مواعيده وانشغالاته في سبيل مشاركة المعتقلين جلستهم تلك، كان على موعد هذا الصباح مع إجراءات من قبيل التفتيش والتأكد من الهوية. إلى جانب ذلك كان على كل صحفي، الإدلاء بما يفيد، تسجل بياناته الشخصية قبل أن يخلى سبيله ليبدأ فصل آخر من التضييق عنوانه العريض " أنت أيها الصحفي ممنوع من كل شئ" .
كان الوضع بالمحكمة يشبه استنفارا أمنيا حقيقيا، حضور أمني كثيف وحشود من المنتظرين شاخصة أبصارهم أمام القاعة 8. علامات وإشارات عدة كانت تشي منذ الوهلة الأولى بأن اليوم هو يوم استثنائي بكل المقاييس.
داخل القاعة، حيث تفاصيل العياء وعلامات الحزن مطبوعة على محيى بعض أفراد عائلات المعتقلين، فيما مظاهر العبوس بادية على محيى بعضها الآخر. غصت جنبات القاعة بالكثير الكثير من رجال الأمن فيما يتوسطها عشرات المحامين ببذلاتهم السوداء، في مشهد غير اعتيادي، كان الكل واقفا باستثناء المعتقلين الذين حجز لهم فضاء زجاجي بأقصى يسار القاعة؛ تعرفت عليهم جميعا كل باسمه، بت أعرفهم فردا فردا، أعرف ماضي كل واحد منهم وخلفية جلوسه منزو هناك .. تأملت تقاسيم وجوههم وزعمت في حوار افتراضي معهم "مكانكم ليس خلف القضبان أيها الأحرار .. المجد لكم"، ويبدو أنهم كانوا على موعد مع عملية حلق جماعية وتصفيف شعر على يد خبير محنك بعكاشة ! تأملتهم وأحسست، بصدق، أننا نحن هم المعتقلون الحقيقيون المنهزمون المسلوبون .. لا هم، نظراتهم كانت ثابتة تختزل صمودهم وقوة عزيمتهم فضلا عن تشبتهم بالأمل والحرية.
لحظاتي الأولى داخل القاعة، ظل بصري حينها لصيقا بالفضاء الذي يجلس فيه القاضي حيث لوحة علقت فوق رأسه خطت بآية قرآنية تحث على "العدل". تأملتها بدل المرة عشرة، وقلت في آخر مرة أنظرها "لو كان العدل حقا مطبقا في المغرب ما زج بهؤلاء الأبرياء أصلا .. لو كان العدل فعلا شريعتنا ما كنا سنعيش ما عشناه طيلة ما مضى من أشهر .. إن لم أقل سنوات" شتمت كل شئ قبل أن أخرج هاتفي بغية وضعه على الصامت، ما إن تحسسته حتى تلقيت أمرا بإغلاقه والأمر هنا يجب أن يطاع ! كنت في غنى عن الدخول في مشاداة كلامية مع ممثل السلطة ذاك، والذي نظراته تشع كرها وعنفا، استجبت لطلبه ولم أبدي أدنى مقاومة، خصوصا وأنني سأقضي نصف يومي في حضرته.
همست إحدى المحاميات كانت تجلس بمحاذاتي في أذني قائلة "يمكنك أن تمديني بهاتفك لأقوم بما كنت تنوين فعله "كانت تظن أنني اريد تسجيل ما يجري" ( حدسها أخبرها انني صحفية .. وفعلا لم يخب) شكرتها وتعففت عن ذلك، خصوصا وأن حراسة رجل الأمن ظلت لصيقة بنا، ظل يتعقبنا بعينيه ويلازمنا بنظراته كلما وشوشنا لبعضنا البعض. قالت لي إن طبيعة الملف وحساسيته ألزمت رجال السلطة التعامل مع الجميع بصرامة، مستطردة : هم يتلقون الأوامر ويحرصون على أن تطبق بحذافيرها قبل أن تضيف : يتعاملون معنا نحن المحامون بصرامة أيضا ويضيقون علينا الخناق في كل مرة نكون فيها إزاء هذا الملف"، اكتفيت بالقول : "أودي لاباس بعدة غير مللي داروها جلسة عمومية" .
استعنت بورقة وقلم ودونت بعض الخطوط العريضة لمرافعات أعضاء هيئة دفاع المعتقلين، في الوقت الذي تتراقص في ذهني العديد من الأفكار، كانت في طليعتها الحكم القاسي الذي حوكم به الصحفي حميد المهداوي فجر هذا اليوم والذي بمقتضاه أصبح المهداوي مجرم راي، في انتظار الزج بمن تبقى، تألمت كثيرا وحز في نفسي ما سيؤديه المهداوي وعائلته من ثمن غال نظير مواقفه .. ومعهما حرية التعبير في المغرب التي باتت تنسف يوما تلو آخر.
عشنا لحظات غير عادية حقا، كانت القاعة تهتز، بين الفينة والأخرى، إما ضحكا على موقف معين، كذاك الذي عبر عنه الوكيل العام عندما زعم أن الحسيمة ومعها الريف بأكمله شهدا كسادا سياحيا وركودا اقتصاديا بسبب ما اقترفه المعتقلين، "هنا ضحك الجميع محامون ومعتقلون وصحفيون وحضور" أو على خلفية توتر وجدال بين كل من القاضي والمحامي عبد الصادق البوشتاوي الذي كانت مضامين تعقيباته تحرج رئيس الجلسة وتستفزه لينعتها، في كل مرة، بالخارجة عن الموضوع والسياق. عبد الصادق البوشتاوي بلكنته التي ألفناها، قدم مرافعة محترمة، شخص من خلالها ظروف اعتقال ومحاكمة المعتقلين ووصفها بالغير انسانية، لقن النيابة العامة درسا بليغا عندما وصفت الطريقة التي تدبر بها هذا الملف ب"الاحترافية"، عرى صورة الوضع الحقوقي بالمغرب دونما مساحيق تجميل، وكان في كل مرة يتوجه إليه القاضي بنفاذ الوقت، يقاطعه ليقول "لا خليني نوريه الاحترافية كيف دايرة .. ربما ما عارفهاش .. واش التهديد بالاغتصاب بالقارورة احترافية ؟ سننظظر معكم وبمقاربتكم إلى تشكيل هيئة إنصاف ومصالحة جديدة" . اما بخصوص تعقيب الأستاذة خديحة الروكاني فكان على أعلى مستوى، قدمت تعقيبا مقنعا متسلحة بالدوافع القانونية الازمة. هي الاخرى انتفضت في وجه القاضي عندما قاطعها وقالت له وهي تستشيط عضبا "إنك لست أمام تلميذة" . ولا يمكن أيضا إغفال تعقيبات السادة الجامعي والبلوقي وأغناج والوديع وغيرهم الذين كانوا يدافعون عن موكليهم بحرارة وبإتقان.
ثواني معدودات بعيد إعلان رفع الجلسة،اهتزت القاعة من جديد على ايقاعات شعارات حراك الريف، ردد المعتقلون بزعامة نبيل أحمجيق شعارات من قبيل "الموت ولا المذلة" وهم يشهرون أصابع النصر في وجه الجميع .. عائلاتهم أيضا ومن جاؤوا لمساندتهم قاموا بذات الأمر .. تعالت حناجر الجميع بشعارات عاش الريف وعاش عاش .. في غمرة ذاك الحماس وجدتني أيضا أصفق .. رفعت شارة النصر تماشيا مع أجواء القاعة ومع ما تمليه اللحظة، ودعت المعتقلين متمنية لهم اعتناق الحرية في القريب العاجل .. برحت القاعة 8 وانزويت في ركن حيث أعدت استحضار شريط ما وقع طيلة 5 ساعات بمحكمة الاستئناف بالبيضاء في يومه الثلاثاء 12 شتنبر 2017. في لحظة صفاء ذهن تساءلت ماذا سيخسر المغرب لو طوى هذا الملف وطوى معه كل هاته المعاناة .. !؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.