سعد الدين العثماني مرتاح جدا في الصفة التي يحمل. وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق. غير أن الجلباب لم يواتيه. وحتى لو أراد تفصيله على المقاس لن يجد خياطا يتقن الغرزة. وبهذه الصفة يلقي المحاضرات ويسافر ويقدم الخبرة والتحليلات. ومن آخر ما قال إنه على الدولة أن تأخذ تهديدات جهادي بغزو الرباط محمل الجد وأن تتخذ الاحتياطات اللازمة. العثماني لا يختلف عن كثير من السياسيين والمحللين والخبراء، الذين لا يتوفرون على المعلومات والمعطيات، التي تؤهلهم للنظر بعيدا، وبالتالي فهم يقولون اليوم ما كانوا ينفونه بالأمس، وما كان مؤكدا لديهم البارحة فهو في الصباح لغو كلام. وأضاف العثماني خصلة أخرى من تفاهات التحليل السياسي وهي انتماءه للإخوان المسلمين. نعم انتماءه بصفة أو أخرى لهذه الجماعة. ما سر هذا الانقلاب في مواقف العثماني؟ أرى أن الأمر بكاء بعد الضحك. كم كان مسرورا وضحك حتى بانت أضراسه عندما كان يستضيف أصدقاء سوريا. لقد صفق كثيرا لمعاد الخطيب. وهو إخواني برتبة جنيرال حرب وسلاح. مقيم في تركيا يعيش في أفخم فنادقها على حساب رجب طيب أردوغان. الخطيب حينها كان يمثل الثورة السورية. الثورة التي كانت الغطاء الرسمي للجماعات الإرهابية قبل أن تخرج داعش من النصرة. موقف العثماني اليوم هو البكاء. من يضحك كثيرا يبكي كثيرا والرابح من يضحك في الأخير. يعرف العثماني جيدا أن زوار السجن الرهيب والسيئ الذكر ووصمة العار غوانتانامو هم عملاء أمريكا، الذين تعاملوا معها في أفغانستان وساهموا في إسقاط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي، يعني من كانت تعرفهم جيدا. العثماني وإخوانه، الذين وقفوا مع الثورة السورية بما هي مجموعة حركات إرهابية، متخوفون من هذا المصير السيء بعد انتهاء القصة. لأن أمريكا قتلت رجلها الأول في الإرهاب أسامة بن لادن. فبعد أن اتضح أن الأمور في سوريا محسومة للدولة السورية وحلفاؤها، وبعد أن تبين أن إسقاط سوريا معركة خاسرة أدت إلى صعود حلف الممانعة، وتقوية الموقف الإيراني وعنفوان حزب الله والتطورات الأخيرة في اليمن مع الإعلان الدستوري الذي أشرف عليه الحوثي، تأكد أولاد العدالة والتنمية أنهم لعبوا الورقة الخاسرة، التي يمكن أن تخرب كل ما يملكون. للدول مصالحها، لكن للأحزاب مواقف ومبادئ. فحتى لو أوصلتك الديمقراطية للحكم أو الحكومة فذلك لا يعني أن نزوعك الإرهابي والمتطرف قد انتهى. لابد من يوم للحساب في الدنيا قبل الآخرة. لابد أن نعرف حقيقة لائحة المغاربة المتهمين بدعم الإرهاب. ولابد أن نعرف ظروف ومسارات أبناء العدالة والتنمية الذين زاروا سوريا والتقوا قادة جبهة النصرة في مدينة أتارب برعاية المخابرات التركية. لابد أن نعرف كيف اختفى شخص كان من مساندي الإرهابيين في سوريا ومصر إلى مدير بوزارة مهمة. ما قاله العثماني هو هروب من المسؤولية. لقد ساند الحزب الإرهابيين في سوريا وبالعلن ولما عاد الوفد الحزبي من جبهة الإرهابيين تم تكريمه بفاس بحضور وزير الاتصال مصطفى الخلفي. العثماني هذا هو نفسه الذي كان يشكك في وجود التهديد الإرهابي بالمغرب. اليوم يحذر الدولة. لن تكون في الحقيقة دولة إن كانت تنتظر ما يفوه به العثماني حتى تتخذ الإجراءات. وكان حريا بوزير سابق أن يكون متوفرا على معلومات تجعله في مقدمة من يتنبأ بالمستقبل. كتبنا قبل مدة سلسلة حول الجيل الرابع من الجهاديين المغاربة وقبل أي حديث عن العودة قلنا غنهم سيعودون. هذا موثق وليس ادعاء كما يحدث دائما. ومن المفروض ألا تكون لدينا المعطيات التي لدى وزير خارجية سابق. لهذا فإن الجلباب أكبر من العثماني، والخيط مع الإرهاب موجود، لا ينبغي البحث عنه ولكن عن صفته. ولا نتمنى أن يمر الأمر دون حساب مرة ثانية لسنا مستعدين ل16 ماي ثانية.