جمع عبد السلام ياسين، زعيم جماعة العدل والإحسان الأبدي والمطالب كغيره بالتداول على السلطة، أتباعه في مجلس قطري، من تقطار الشمع، ليعلن بعدها مقاطعته للانتخابات، وهذه نكتة تضحك الإنس والجن، قلنا الجن لأن عبد السلام ياسين مولع بمثل هذه القضايا حتى أنه يتخيل طائر البقر ملائكة، وكل من سمع هذه النكتة سيضحك ملء شدقيه لأن الرجل ظل يعلن أنه أكبر من الدولة وأنه يسعى للخلافة وروج على أنه الخليفة المنتظر، في ضرب واضح لأصول الشريعة ومفاهيم الانتظار الديني. فهل يمكن تصديق موقف المقاطعة الذي اتخذته الدائرة السياسية، التي تكتفي بقص الرؤى؟ هل فعلا تداول القوم في أسس العملية الانتخابية وتوصلوا إلى أن الظرف أو الشرط التاريخي لا يسمح بذلك. إن جماعة العدل والإحسان لم تحسم بالجملة موقفها من المشاركة السياسية بل كانت تكذب على أتباعها عندما تقول إنها ترفض العمل القانوني إلى أن تبين أن الجمعية الخيرية، التي رفعت سنة 1987 شعار العدل والإحسان، وضعت ملفا قانونيا تحت لواء ظهير الحريات العامة قبل تعديله، فقبل أن تتحدث الجماعة عن مقاطعة الانتخابات عليها أن تحدد موقفها من العملية السياسية برمتها ومن المؤسسات القائمة، فلما يقاطع حزب الطليعة أو الحزب الاشتراكي الموحد فهم يريان أن شروط الانتخابات النزيهة غير موجودة وهذا رأي يمكن مناقشته لكنهما لا يناقشان في أصل الدولة ولكن في طبيعتها. العدل والإحسان جماعة ترفض أصل الدولة من الأول، ولا يمكن تصديق كذبة تبنيها للدولة المدنية، لأن حلم شيخها هو الخلافة على منهاج النبوة في توقف مريب عند مرحلة من مراحل التاريخ ما زالت تثير الكثير من الجدل وفي أحسن الأحوال يتجاوزها المؤرخون حتى لا يسقطوا في الطعن على رموز المسلمين، فالرجل توقف في التاريخ البعيد وبالتالي ليس بمقدوره تحديد موقف من الوقت الحاضر. التحدي المطروح على عبد السلام ياسين هو أن يجمع الهيئات المقررة ويترك لها الحرية للتفكير كي تتخذ الموقف المناسب من المشاركة السياسية، وقبل كل ذلك يطلق ياسين العنان للتفكير الحر قصد المراجعات النظرية والشرعية التي ربى عليها أتباعه حتى أصبحت تسبق الوحي في موقع الحجية والاستدلال. ودعا المجلس القطري "النخبة المغربية، الدعوية والسياسية والعلمية والفكرية والجمعوية والاقتصادية والرياضية والفنية، داخل المغرب وخارجه إلى الانضمام إلى حركة الشعب المقهور، وتحمل مسؤوليتها التاريخية في عدم الترويج لكذبة التغيير من داخل مؤسسات الوهم"، مطالبة النخبة "ألا تضخم بصمتها أو تواطئها قطيع المفسدين والمغفلين"، المقصود من كل هذه النخب هو النخبة الدعوية أي أبناء الحركات الإسلامية، وإلا متى احتفلت العدل والإحسان بالفن والثقافة إلا ما كان من أناشيد للشحرور المتورط في الفساد الأخلاقي.