دق برلمانيون جزائريون في المعارضة، الإثنين، ناقوس الخطر تجاه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد في ارتباطها بتداعيات انخفاض الأسعار الدولية لبرميل النفط وتأثيرها المباشر على الاقتصاد الجزائري الهش المبني أساسا على عائدات الغاز والبترول من دون تنمية اقتصادية حقيقية ولا حكامة جيدة لتدبير العائدات الطاقية الجزائرية لخدمة الشعب الجزائري، تنمية من شأنها أن تتحاشى ربيعا جزائريا من نوع خاص وأكثر ضراوة من الربيع الذي هب على العديد من البلدان العربية وفي المغرب العربي وكان وراء قطف العديد من رؤوس المسؤولين والقادة، وعلى رأسهم زين العابدين بنعلي ومحمد حسني مبارك ومعمر القذافي وعبد الله صالح. وفيما حذر معارضون من قرب عودة الأزمة النفطية التي ضربت الجزائر في ثمانينيات القرن الأخير بسبب استمرار تدهور أسعار النفط في السوق الدولية وانعكاسها الفوري على الاقتصاد الجزائري الذي يعتمد بنسبة 97% على تصدير المحروقات، توقع آخرون "أزمة خبز" ثانية في الطريق قريبا إلى الجزائر أسوة بأزمة الخبز الأولى التي أدت في 1988 إلى ثورة دامية بسبب تفاقم الاقتصاد واختلال توازنه وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية على الرغم من ارتفاع إنتاج البترول والغاز في وقت تهاوت فيه أسعارهما الدولية وانعكست آنذاك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. وعلى الرغم من تطمينات وزير المالية محمد جلاب بأن انهيار أسعار النفط لا يشكل خطرا على التوازنات المالية للبلد في المقبل من الشهور، وعلى الرغم كذلك من التطمينات التي أطلق لها، يوم الإثنين، محمد لكصاسي محافظ البنك المركزي الجزائري العنان في عرضه للتطورات الاقتصادية والنقدية للبلاد أمام نواب البرلمان مدعيا أن احتياطي الجزائر من العملة الصعبة مطمئن وقوي ويكفي لخمسة وثلاثين شهرا من مشتريات واردات السلع والخدمات، كان رد المعارضة قويا يمتح من الواقع الجزائري المتسم بالتدهور الاجتماعي والانكماش الاقتصادي في ظل أزمة سياسية يسودها الصراع بين المخابرات العسكرية ومؤسسة الجيش والأمن على السلطة في غياب شبه تام لدور حقيقي لرئيس الجمهورية والأحزاب والمجتمع المدني، حيث تطغى لغة رصاص العسكر ويعلو القمع والاضطهاد والدّوس على حقوق وحريات المواطنين. وأبدى النواب الجزائريون تخوفهم من استمرار تدهور أسعار النفط في بلد يعتمد اقتصاده بشكل كبير على تصدير المحروقات وترتفع فيه قيمة الواردات لغالبية المواد الاستهلاكية، حيث انغمست الدولة في التسلح من دون أن تحاول التصنيع الذي من شأنه أن ينمي البلاد، هكذا وفي الوقت الذي حذر فيه النائب المستقل حبيب زغاد الحكومة بالتأكيد على أن الشعب الجزائري في طريقه إلى المجاعة القاتلة، حيث لن يجد شيئا يأكله في حالة استمرار انهيار أسعار النفط أمام انتهاج الدولة سياسة الآذان الصماء،أفلح محافظ البنك المركزي في التقليل من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي أصبح حبلها يطوق البلاد ويكاد يدخلها في احتقان اجتماعي خطير،حيث بادر إلى التأكيد على قدرة الاحتياطي الجزائري من العملة الصعبة على مواجهة الصدمة المرتقبة على ميزان المدفوعات في الأجل القصير فقط، لكنه تناسى أن هذه القدرة سرعان ما تتآكل لتوها أمام استمرار تدني أسعار البرميل واشتداد الأزمات والتوترات السياسية في الشرق الأوسط وأوكرانيا وأمام ارتفاع حجم الواردات الجزائرية وقيمتها المالية، وهي الواردات التي قال بشأنها النائب البرلماني الطاهر ميسوم من حزب التجمع الجزائري المعارض إنها هدف للنهب والهدر في غير موضعه، مؤكدا على أن 55 مليار دولار من الواردات تعتبر نهبا للعملة الصعبة، داعيا البنك المركزي إلى التدخل الفوري لوقف هذا النهب.