تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، أي مراقبة حقوق الإنسان، حول مخيمات تندوف يصلح أن تقرأه وأنت مستلقي على ظهرك كأنك تقرأ قصة لكاتب ما، أحداثها لا علاقة لها بالواقع. ففي فقرة حول حرية التنقل والتعبير والجمعيات بمخيمات احتجاز الصحراويين بتندوف، تقول المنظمة "إن حرية التنقل مضمونة، وحسب الشهادات، فإن البوليساريو لا يعترض على تنقلات اللاجئين في اتجاه الصحراء الغربية أو موريتانيا". هذه معلومات ليست في حاجة لكثير عناء لتفنيدها، فالدرك الحربي الجزائري ومليشيات البوليساريو بالمرصاد لكل من سولت له نفسه تخطي الحدود المرسومة للتحرك، وليس بعيدا عنا حادث مقتل صحراويين كان يريدان التوجه نحو موريتانيا، ناهيك عن منع الصحراويين من الالتحاق بأرض الوطن، ومن زار عائلته وكانت له وجهة نظر مختلفة فمصيره التعذيب والنفي مثلما حدث لمصطفى سلمة ولد سيدي مولود. وبخصوص الاعتقال قالت تقرير المنظمة "خلال الزيارات لمخيمات تندوف ما بين 2007 و2013، لم يتم تسجيل أية حالة اعتقال بسبب الرأي أو نشاطات سياسية وتبقى حالة مصطفى سلمة منفردة واستثنائية. هذا الكلام لا يمكن أن تعتر عليه سوى في تقرير هيومن رايتس ووتش وحدها، أما باقي التقارير فهي تتحدث عن عشرات ومئات المعتقلين في سجون البوليساريو، وفي ظروف جحيمية حيث يتم احتجاز البعض في حاويات تتحول إلى أفران مع حلول موسم الصيف. وأضاف التقرير أن وفد منظمة هيومن رايتس ووتش لم يعاين حالات مؤكدة لسوء المعاملة باستثناء حالات تبقى معزولة. أما التعذيب الممنهج فهو مجرد إشاعات. فسوء المعاملة قاعدة ثابتة لدى البوليساريو، ويتم ممارستها حتى في حق الشيوخ والقاصرين، أما شهادات تعرض مواطنين صحراويين للتعذيب فهي لا تعد ولا تحصى. ولم يذكر التقرير أن جبهة البوليساريو جعلت من مخيمات تندوف مكانا مغلقا لكل الممارسات اللا إنسانية، والتحدي المطروح على البوليساريو هو السماح بزيارة لجنة لتقصي الحقائق للمخيمات وإعداد التقارير، وهذا غير ممكن لأن الجزائر الراعي الرسمي للعصابة الإجرامية يرفض هو نفسه دخول المقرر الأممي الخاص بالتعذيب والمفوض الأممي حول حقوق الإنسان، بل يطرح شروطا تعجيزية في وجه كل من يريد أن يدخل إلى الجزائر. إذا كانت الجزائر نفسها لا تسمح بدخول أراضيها من قبل المسؤولين الأمميين المكلفين بحقوق الإنسان والتعذيب، كيف يمكن لها أن تسمح بذلك في مخيمات تقع خارج دائرة القانون الدولي، حيث تمنع الجبهة الارتزاقية منظمات شؤون اللاجئين من تسجيل الصحراويين. بهذا التقرير تكون منظمة هيومن رايتس ووتش قد أطلقت رصاصة الرحمة على مصداقيتها، وقتلتها بشكل نهائي، فالعالم بدون استثناء يتحدث عن مخيمات المحتجزين الصحراويين، باعتبارها أماكن للحد من الحرية بل الحرمان من الحرية، لأن حرية التنقل لا تتجاوز المخيمات، وليس من حق الصحراويين التجول بحرية، ومن يتمكن منهم من الفرار من هذا الجحيم فذلك عبر استغلال المخيمات الصيفية أو الدراسة، أما من لم تتح له هذه الفرصة فسيبقى هناك إلى أن يموت. حاولت المنظمة أن توجه بعض الانتقادات للجزائر والبولساريو حتى تمرر هذه الصورة المشبوهة عن البوليساريو. طبعا فالمنظمة تقاضت ثمنه من الجزائر.