تحول علي بنفليس إلى مهاجم شرس ضد نظام الجزائر الذي يقوده بوتفليقة بأيادي كبار الجنرالات الذين يبدون تارة في الكواليس وتارة خارج الستار. وعلى الرغم من أن هجومات علي بن فليس أصبحت مألوفة ولا يتقبلها معظم الجزائريين باعتباره رمزا سابقا من رموز هذا النظام الذي تسابق إلى تقلد مهامه منافسا لعبد العزيز بوتفليقة في السابع عشر من أبريل الأخير، فإن بنفليس دعا الإثنين الأخير المعارضة بكل أطيافها وقبلها الجزائريين إلى تحرير ثانٍ للجزائر من نظام سياسي معزول يعيش خارج زمنه. واغتنم بنفليس مشاركته في الجامعة الصيفية التي نظمتها يوم 25 غشت جبهة التغيير لزعيمها عبد المجيد مناصرة ببومرداس حول موضوع التغيير الديمقراطي وآفاقه ليطلق النار مجددا على من يمسكون الآن بالسلطة واصفا النظام الجزائري بقيادة عبد العزيز بوتفليقة بالعجوز والمتجاوز. وجدّد بن فليس أثناء مشاركته رفضه ل مقولة الرجل المعجزة التي يروج لها النظام في إشارة إلى بوتفليقة واصفا المقولة وبوتفليقة في نفس الوقت بالخرافة، معتبرا الرئيس من منصبه رجلا منفذا لقرارات تملى عليه من فوق في إشارة إلى الجنرالات والجهات الغربية ومعتبرا أن دولة الرجل المنقذ هي دولة الرجل الواحد ودولة العشيرة والزمر وليست دولة الشعب.. وواصل بنفليس أثناء مشاركته في الجامعة الصيفية المذكورة حربه عن السلطة والنظام وجماعات الريع بمفردات وعبارات أصبح شهيرا بها. وأطلق زعيم قطب قوى التغيير النار على مؤسسة الرئاسة وقال إنها أصبحت مجزأة ومفتتة وموزعة وأنها توقفت عن أن تكون معرفة ومحدّدة الموقع ولم تعد حاضرة داخليا أو خارجيا متسائلا عمن يقود الدولة بشكل فعلي وأين يكون هذا القائد. ولم يعد موضوع الانتقال الديمقراطي الذي تطالب به المعارضة بالنسبة لبن فليس مجرد تسلية لنخبة عاطلة أو مجرد روتين تتموقع المعارضة الوطنية فيها تعطشا للسلطة من أجل السلطة وإنما هي مسألة صارت في طليعة الواجبات الوطنية الجديدة لأن الأمر يتعلق، اليوم، بتحرير ثانٍ للجزائر، تحريرها من نظام سياسي معزول يعيش خارج زمنه. وتساءل بن فليس في معرض حديثه عن محتوى التغيير الديمقراطي الذي يقود إلى الدولة الديمقراطية ليستنتج أن التغيير سيتحقق عندما يصبح الشعب السيّد فعلا ومصدر الوصول إلى السلطة والبقاء فيها أو التنحية منها وتصير المعارضة شريكا ضروريا في بناء صرح الديمقراطية. ولم يخرج خطاب علي بن فليس عن خطابات نظرائه في معسكر ما يسمى المعارضة، لكنها تظل خطابات للاستهلاك الإعلامي فقط في وقت تعطي الساحة السياسية منذ انتهاء حراك الرابعة الانطباع أن الفاعلين فيها دخلوا في سبات عميق يطرح الأسئلة حول قدرة المعارضة على الوقوف ندا قويا وفاعلا للسلطة مصدر كل أمراض الجزائر حسب قناعات المعارضين لها. وفي إطار التساؤل عن وجود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة داخل الجزائر أو خارجها من أجل العلاج تطرقت العديد من وسائل الإعلام إلى فبركة لقاء مصور للرئيس بوتفليقة وهو يستقبل رئيس حركة النهضة التونسية. ويكشف وضع إكليلين مغايرين للزهور ما بين صورة الرئيس عن المستوى البعيد والمستوى القريب عن هذه الفبركة التي يراد بها مغالطة الرأي العام الجزائري والدولي في ما يخص الحالة الصحية للرئيس الجزائي التي تتضارب الأنباء بين إصابته بجلطة ثانية ووجوده تحت الرعاية الطبية.